حَفلة مُنتصفِ اللّيل

77 13 7
                                    


- اِبقوا هادِئين، لا تتزاحمُوا.
المتحف اليوم صاخِب أكثر مِن المُعتاد، لكِنه صخب عادِي : رِحلة ميدانية لِتلاميذ مدرسة مُتوسطة في المدِينة، يَلُفون المتحف رُفقة أحد مُعلميهم بُغية رؤية كل مَا هو ثمِين و نادِر في هذا المتحف، بِمساعدة إحدى عُماله.

أقدامهم مختلفة النمو تَجوب كل غُرفة في القصر الكبِير، أحذيتهم ما كَانت مُتسخة لِدرجة تشويه لون بلاط الأرض الآجوري، رغم كَون الزوار كثِيري التنقل.

تشِير العَامِلة لِلوحة زيتِية حدّدها إطار ذهَِبي تماشى بشكل جيد مع زينة حائط القصر، و فُصلت المسافة بين الزوار و اللوحة بِشريط كمِثلها من اللوحات المُعلقة.

- لَوحة ” في حفلة الرقص “ للرسام تشارلز هوفبويير، رسمها في أوائل القرن العشرين، ليست بقِدَم باقِي الأعمال في هذه الحُجرة؛ لكن وَجب تسليط الضوء عليها هي الأخرى.
ثم شرعت العَاملة في تقدِيم مُطول للوحة؛ بغرض إتمام مُهِمتها.
و سرعان ما انتقلوا لِباقِي مُحتويات القصر، كتِمثال الأم و الابن المُقابل للوحة.

غرفة الموظفِين تفرغ شيئاً فشيئاً، ما تبَقت سِوى عامِلتان : إحداهن في المخرج و الأخرى في قلب الحجرة تَعبث بحقِيبتها مُركزة.

- ألم تجدِيه بعد؟
توجه السؤال لِمن كانت منشغِلة بحقيبتها؛ فأجابت :
- ليس بعد.
اِلتفتت نحو زمِيلتها، ثم أتمت حديثها :
- ربما أسقطته في جولة اليوم، سأبحث عنه حيث كنتُ، ٱسبقيني فقد تأخر الوقت.

- لا تتأخري إذاً.

- اِطمئني.
ثم غادرت من كانت تقف عند المخرج، تاركة زمِيلتها وحيدة تقريباً في ذلك المتحف.

بعد ثوانِ من عبثها بالحقيبة، خرجت من الحجرة سالِكة مَمرات المتحف شبه المظلمة، أضواء خافِتة في الأرضية كانت ترشِدها وسط العتمة إلى جانب مصباح الجيب الذي تضمه في يدها.

تَلف أرجاء القصر، تتذكر متى آخر مرة استعملت هاتفها قبل ضياعه، لذا المَحطات التي عليها البحث فِيها ليست كثِيرَة أبداً.

تدلف خيارها الثانِي من الغُرف، بعدما كان الخيار الأول غير موفقاً.

كعب حذائها القصير يُصدر صوتاً عالياً نسبياً عند ارتِطامه بأرضِية القصر، تمسك المصباح بإحكام و تُوجه انعِكاسه لزوايَا مُختلفة.

تلتقِط مسامِعها فجأة مُوسيقى خافِتة، أصابها الذعر وسط ذلك الظلام، لكِنها افترضَت أن تِلك الألحان آتِية من خارج المَتحف، و أكملت البحث بحذر.

Dancing in the museumحيث تعيش القصص. اكتشف الآن