بطاقة هوية...

4 2 2
                                    

.. بطاقة هوية..
بسم من سبب الأسباب وجعل الجنّة لمن تاب، وجعل النّار للعذاب، وجعل المحبّة تسير بين الأهل والأحباب.
بسم اللّه أفضل ما يبدأ به الكلام، والحمد للّه أحسن ما يختم به الكلام، وعلى نبي اللّه أفضل الصلاة والسّلام.
أحيّيكم تحيّة عطرة، أولها نور وآخرها سرور، أحلى من رائحة الزّهور، وأغلى من تغاريد الطيور.
ضيوفنا الكرام يشرفني حضوركم، وألف بسمة أهديكم، وأتمنى استطاعتنا أن ترضيكم.
أما بعد:
هي أنثى قادتها تيارات الحياة لأن تولد في مجتمع ذكوري، هي أنثى لم تختر مكان ولادتها ولا الطريقة التّي تعيش بها، هي أنثى باتت أقصى أمانيها أن تكون لها حرية اختيار الطريقة التّي تموت بها.
هي أنثى امتاز عقلها بخاصيّة تضخيم الأشياء وخاصة السلبيّة منها، فما يراه الجميع مجرّد شوكة، تراه هي سيفا جبارا، وما يرونه خيطا رفيعا، تراه هي لجاما من نار.
هي أنثى تخدّر وعيها من ألم الرّوح الذّي استنفذ كلّ طاقتها، هي أنثى ينظر إليها الكثير على أنها شخص بارد، لكنّهم قطعا لا يعلمون أنّها تجهل حتّى كيف تتعاطف مع نفسها.
هي أنثى لم تحب يوما واقعها، وتعلم علم اليقين أنّها لن تحبه أبد الدهر إن بقي على حاله، تعلم جيّدا أنّها لا تستطيع تغييره، أو بالأحرى لن يُسمح لها بالعبث به، لكنّها آثرت على الدّوام الهرب منه، لكن إلى أين المفر؟! لا مكان تذهب إليه، كلّ الأماكن تبدو مشابهة في واقعها لما تريد الهرب منه، وكأنّه سيُسمح لها بالهرب يوما!!.
هي أنثى صفعها الواقع بمجتمع لا يعترف بالأنثى، ولا يبتغي لها وجودا، مجتمع لا يضع الأنثى ضمن حساباته، مجتمع يطمس وجود الأنثى، مجتمع لا يرى الأنثى.
هي أنثى همها الوحيد هو ميلاد عالم حيث تكون المرأة بالعظمة التّي أوجدها بها الخالق، هي أنثى هزمتها الظّروف فما كان منها إلاّ صنع  عالمها الخاص الذٌي ططالما حلمت به، هي أنثى تحاول استغلال خيالها الواسع قدر المستطاع لصنع ما تبتغيه، هي أنثى تبذل ما بوسعها كي تُجسّد هذا العالم بعيد المنال على شطآن أوراقها جاعلة من أقلامها رواسيا له، عسى وعلا أن تهبّ عاصفة هوجاء، تُحوّل النّار إلى ماء، أشبه بنداء الفناء، تقود رسالتها إلى عنان السّماء، لآذان صاغية هائمة في الأرجاء، لتنام قريرة العين وهي ترى حلمها يتحقّق بعد عناء.
هي أنثى لجأت إلى الكتابة علّها تجد ذاتها المفقودة منذ زمن، علّها يوما ما ولو بالخطأ تخُطّ في ثنايا أوراقها سببا ولو بسيطا تافها يعطي لحياتها قيمة، سببا يستحق العيش من أجله، سببا يستحق أن تتمرّد على ظروفها كرمى له.
هي أنثى لا تزال جالسة في ذلك المكان الموحش، عالقة وسط سيل من الأشواك السّامة، إلاّ أنّها قد فقدت الاحساس بالألم فهي رهينة عالمها الخيالي الذّي صنعته أثناء سباقها مع الظّروف، هي ليست غبيّة، أبدا ليست بهذا الغباء، فهي الأدرى بأنّ ما تفعله يقود بها إلى التّهلُكة، لكن ما أبقوا لها حيلة.
سألتها ذات مرّة لِمَ لَمْ تعد تقاوم؟ فألجمني جوابها حين قالت: وهل رأيتي يوما فراشة قد استطاعت الصّمود في وجه العاصفة؟!  لأنّني حقا لم أرَ.
نعم إنًها هي، هي الأنثى، الأنثى أنا، ومن أنا؟؟
أنا من ضاعت بين أحلامها وأوهامها، أنا من فُقدت بين كتبها ودفاترها، فنَسِيَت الدّنيا ونَسِيَتٍها، أنا من لا روحا تعرفها ولا شخصا يفهمها، أنا من ضاقت بها الدّنيا فلم تجد من يسمعها، فوقعتْ أسيرة رحمتها، أنا من ضاعت بين السّحاب، من لم تجد لرأيها تأييدا أو إعجاب، أنا من تخلّى عنها الأحباب، واُغلقت في وجهها كلّ الأبواب.
إذا؛ هل ستتوقفين عن الكتابة إذا تغيّر هذا الواقع على النّحو الذّي تريدينه؟!  قطعا لا، بل ستكون تلك بداية انطلاقي في مجال الكتابة، لأنّ تغيُّره يعني ولادة سبب قوي لاحترافي الكتابة واعتزالي لعالمي الخيالي، لأنّ تغيُّره يعطيني الدّافع ويُقوي فيا العزيمة والاصرار لأفتح هذا الباب بغية التمتُّع بهذا العالم بواقعه الجديد.
ومسك الختام تحيّة لكم منّا، على كلّ جهد بذلتموه من أجلنا، وتظلّ الذّكرى بيننا.
من بعد أن طال المقام وطابا، ودّعتُكم والعين تذرف دمعا، والحزن قطّع مهجتي وأذابا.
والسّلام عليكم ورحمة اللّه تعالى وبركاته.

#K_HAYZIA.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 09, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

بطاقة هوية... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن