الفصل الأول

7 3 0
                                    


أنا الآن على مشارف الثلاثون من عمرى..لا أصدق ذلك فإننى أشعر وكأننى ولدت البارحة ..لا يزال  الوقت مبكرا ليصل هذا العمر إلى قلبى.. قلبى ؟!
نعم قلبى .. لقد ولدت والأجنحة فى قلبى.. لقد كان قلبى هو الربيع لجميع من أحببتهم .. هو الأمان والدفئ ..الآن أشعر ببعض البرودة ولكن لا بأس .. فلقد أندلعت به النيران  حينا طويلا .. تلك النيران التى لم تنقطع يوما عن الإتقاد ..الآن أكلت كل شئ ولكننى أرتاح الآن .

لقد أحببته كثيرا .. زوجى الحبيب ..  عماد
لقد ابتسمت الآن حينما قمت بذكر إسمه .. أنا سعيدة جدا لهذا .. فهذا يعنى أنه لايزال فى قلبى شيئا نحوه لم يتغير.. ذلك الرجل هو إبن عمى ..
لقد أحببته كثيرا منذ الطفولة ..حينما بلغت عامى الثامن عشر .. لقد كان فتى أحلامى ويقظتى ..  خريفى وربيعى فى آن واحد .. لقد كان شابا متعدد العلاقات وكنت أعلم ذلك جيدا ، ولكن من يستطع كبح مشاعر الحب لديه ..لقد كنت أحبه .. أحبه لدرجة أن مجرد ذكر إسمه كان يجعل قلبى ينتفض بين ضلوعى ..  كان يخفق قلبى بشدة حينما كنت أراه لقد كان حضوره بمثابة جنة خضراء دافئة تبعث لى الأمان والطمأنينة .
‏أتذكر حينما رأيته بالشارع مع بنت الجيران وهو يغازلها ويضاحكها .. لقد ندت حينها صرخة موجعة من صدرى  ..فوضعت يدى فوق موضع قلبى .. لقد كان كثير جدا هذا الألم لفتاة فى مثل هذا العمر .. أقسم أننى شعرت بقلبى وهو يحترق ..قلبى الأخضر ذو الأزهار المتفتحة .. هذا الإحتراق لم يذقه قبل هذه اللحظة .. لقد كان شعورا غريبا .. كان مزيجا بين الخيبة والخذلان .. فأكثر ما يؤلم المرء هو أن تخذله أحلامه  وتخيب فيه جميع آماله.

‏أخيرا لقد وصلت خطواتى إليهما ولا أعرف كيف سارت أقدامى لأمر من أمامهما ..ثم أنظر نحوه بحزن وأسف وهو لا يزال منشغلا بالحديث معها ثم أمضى قدما ليستقر بصرى أمامى.. وعدت إلى المنزل .. كانت هذه أول مرة أبكى فيها إحتراقا .. كانت هذه أولى أوجاعى وألمى فى حبه .. مما جعلنى أفكر بأن أمحوا هذا الحب المستحيل من قلبى ..إن شعور الخيبة والخذلان مميتة .
‏"إنه ليس لى "
‏هذا ما أخبرته لنفسى لأصرف نفسى عن الحب فيه ، ولكن فى هذه الحياة ليس هناك شيئا مضمونا تماما.

مضى أسبوعا ثم زارنا العم حسام وزوجته وإبنهما عماد .. لا أعلم لما عاد قلبى ليخفق مرة أخرى ..هزة أحسستها فى أعماقى فور أن رأيته ، ودفئ أحسسته بوجهى وبفعله توردت وجنتاى .. تلعثمت الكلمات بين شفاهى حينما استقر بصره لينظرنى بعينيه ثم يبتسم ..لأول مرة أتلقى منه هذه النظرات ..لأول مرة أشعر بوجودى فى عينيه وبين إبتسامة شفتيه .. ضج قلبى بزحام الدقات حتى خشيت أن يسمع بها جميع الحاضرون  .. فذهبت .. لا بل هربت من أمامه .. لأول مرة يحدقنى بهذا الشكل ..  فعدت إلى غرفتى لأنظر إلى مرآتى ثم أسألها.. ماذا حدث؟ هل أصبحت اليوم جميلة إلى هذا الحد ؟!
أعلم أن هذا أمرا مجنونا ، ولكن الأكثر جنونا هو أنها أجابتنى .. لقد كان وجهى مشرقا.. ملطخا بحمرة ربانية  .. لم أرى نفسى بهذا الجمال من قبل .. إن الحب  حقا له تأثيره وسحره الخاص.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 12, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

رواية إنطفاء /نهال الغندورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن