الجزء الأول "كيان أجوف"

8 1 0
                                    

أخيراً توشك الرحلة على البدأ , صعدت في الميعاد المناسب

انها رحلةُ يجتمع لأجلها الركاب من شتى أنحاء هذه البلاد

انه اختيار يؤخذ بعد سنواتٍ من اليأس و الفشل

اختيارى و اختيار المصطفين حولى هنا

تطغى الأجواء الداكنه على لحظة رحيلنا

غيمةُ كبيره سوداء تغطى السماء و البحر و تعطيهما لوناً رمادياً داكناً

رياح الشمال تعصف حولنا مُبشرةً بما يخبئه لنا المحيط

رائحة الموت و الخوف تنبعثان من كل زوايةٍ متأكله فى هيكل السفينة و كل مسمارٍ متخلخل أو غير موجود.

تبدو متهالكةً و هشه و ذات ماضٍ طويل

رغم كل ذلك صعد الجميع مسرعين كما لو أنهم على أبواب حياةٍ جديده

و كذلك صعدت أنا أيضاً . . . بيأس

كل درجةٍ من سلم السفينه كانت صعبه و أى خطوةٍ للخلف كانت أصعب

أشعر بهم . . . كل نداءٍ مرتفع , كل نظرة بحث , كل سؤالٍ للغرباء و كل إحساسٍ بالقلق , أشعر به . . . جميعهم يكذبون

جميعهم يريدون شيئاً منى , جميعهم يحمون شيئاً

و جميعهم كالحيوانات يرفضون العودة الى منازلهم بعد أن هربت الفريسه و لم يعد هناك ما يأكلونه لليله.

يبحثون عنى . . . و أنا أيضاً

أبحث عن ذلك الشخص الذى ينادوننى بأسمه , عن أسلوب حياته , عن ما يحب و ما يكره . . . و عن ذكرياته المختبئة خلف هذا المحيط

أحمل حقيبتى و هى أثقل على أكتافى من مرساة هذه السفينه

أشعر بها على ظهرى ك كرة الأرض فوق أكتاف أطلس

و أعجز عن التخلص منها كأصفاد العبيد . . . إنها تحمل معانى القدر فى صفاتها

رُفع سلم السفينه لينهى التردد المنتشر في رؤوس الجميع حول ما إذا كانو سيقومون بهذه الرحلة ام سيتراجعون للخلف

ليعلن انفصال السفينة عن المدينه و أى يابسةٍ كانت بشكلٍ نهائى

و من ثم انطلقت السفينه . . .


_______


و كما سيتوقع أى عقلٍ متشائم , لقد بدأت النهاية بالفعل

المحيط يصارحنا برفضه التام لوجودنا

يعلو و يهوى بسفينتنا المسكينة مستعرضاً قوة و مدى جموحه

يُقلبنا القدر بين يديه يميناً و يساراً

بدأ الماء يُغرق السفينه بينما يُغرق الأدرينالين أدمغة الجميع

كنت أتوقع حدوث كل هذا , كنت أنتظره , كنت أنوى أن أتى اليه

رغم ذلك عندما أتى أدركت أننى أريد الهروب من بين يديه

و عندما تعلق الأمر بالنجاه

لم تكن سرقة قارب النجاة من بين أيدى الباقين صعباً

ولا حتى الاستماع لصوت استغاثتهم


______


و أخيراً

صعدت الى الحياة مجدداً . . . خرجت من قاع المحيط

خرجت من المحيط , بينما أرى بجانبى شخصاً يسير ببطءٍ الى داخل القاع

لا أصدق الى أي حدٍ كنت بعيداً عن اليابسه , حتى القارب لم يكفى للوصول الى هنا.

و لكن وصلت كعادتى رغم ذلك , هذا ما اعتدت عليه.

الوصول , النجاح و تحقيق الاهداف

كل ذلك استيقظت في يومٍ من الأيام و وجدتنى أستطيع فعله بسهوله

و وجدتهم يحتاجون اليه و وجدتها أيضاً تخبرنى بأن هناك من يفتقدوننى خلف المحيط

و أنا لا أعرف حتى من هم , رغم ذلك جئت بحثاً عن الإجابات منهم لأسئلةٍ مثل

لماذا جئت الى هنا ؟ لماذا كنت هناك ؟

من الشخص الذى كان يملئ هذا الفراغ المميت بداخلى

من هو ذلك الشاب الذى يسمونه "فوى" ؟

|- النهايه -|

فتى الضبابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن