عالم مسالم(مقدمة للتعريف بالشخصيات)

57 3 2
                                    

صوت منبه.
فتحت عيناها بصعوبة وقد أزعجها صوت المنبه الذي لا يتوقف،أطفأته وفركت عيناها و نظرت إلى الفراغ تستدرك ما فاتها بالأمس، لازالت تعيش نفس الحياة ،إنها في نفس الغرفة وعلى نفس الفراش ،نظرت إلى يداها بعمق فتيقنت أخيرا أنها لا تزال نفس الشخص "جاكلين ايريس" ذات الثامنة عشر ربيعا، لعلها تمنت أن تتغير-أو على الأقل أن يتغير شيء فيها-. لكن هذا لن يحدث، ليس بعد.
نفضت عن رأسها تلك الأفكار الغريبة ونهضت تحاول الابتسام مع الحياة لعلها تلقى منها تغيرا طفيفا يجعل لحياتها معنى و نكهة حلوة.
خرجت من غرفتها وقد تسارعت خطواتها نحو الحمام ،يجب أن تغتسل وترتدي ملابسها بأقصى سرعة. لم يعد لديها الوقت للتفكير العميق. يجب أن تسرع بعيش حياتها العادية.لديها مدرسة عليها الذهاب إليها. و دروس لا تنتهي يجب أن تستدركها بنهاية العام. كانت تصنف نفسها من الأوائل . لكن هذا لا يكفي. هي تريد المزيد، لكن كيف؟. فكرت في كل هذا بينما كانت تعدل نفسها على المرآة.وأخيرا انتهت.تناولت حقيبة ظهرها و خرجت إلى وجهتها. لامست نسمات الشتاء الباردة خديها فدغدغتها.وجعلتها تشعر بأواخر الشتاء الذي أوشك على الانتهاء. أخيرا سيأتي فصلها المفضل.

━━━━━━━━━━━━━━━━━━━━━━

ابتسمت ماري لهاتفها النقال.وراحت أصابعها تتراقص لتكتب ردا سخيفا لصوفيا، كانت أعز صديقاتها.لم تشعر يوما بالوحدة أو الفراغ بجانبها.بل كانت تحس دوما أن الكلام بينهما لا ينتهي وأن الكلمات تنتج نفسها بنفسها.كانت كالروح لها وهي كالجسد .فلم تفترقا أبدا منذ أن التقتا قبل خمس سنوات.بل راحت خيوط الصداقة تنسج غزلها بينهما وازدادت صداقتهما متانة بمرور الأيام. نظرت ماري إلى السوار على يدها. أهدته لها صوفيا في عيد ميلادها قبل سنتين. كان يحمل لون فريقها المفضل. هي فعلا تعرف ما تفضله صديقتها. كانت أفضل صديقاتها،ولا تزال.
_"لقد تأخرت"،قالتها ماري وهي تنظر إلى ساعتها في استغراب.فجأة قرع جرس الباب بشكل مطول.أخذت حقيبة ظهرها معها و أسرعت لتفتح الباب.
_"صباح الخير، لا زلت تدقين الجرس بشكل مضحك. ألم تتعلمي كيفية دقه بعد؟"
_"إنها طريقتي لأعْلمك أنني وصلت، هل تأخرت؟"
_"قليلا، لازلت تصلين في موعدك آنسة ايريس".ابتسمت جاكلين ثم بدأت تقص على صديقتها كيف استيقظت. وأفكارها الغريبة التي تراودها كلما همت بتجهيز نفسها أمام المرآة .لتنفجر الفتاتان ضحكا في نفس الوقت.ظلتا تتناقشان عن كيفية تفكيرهما. وعن الأفكار الغريبة التي تراود كل شخص في مثل سنهما. لم يكن حوارهما فكريا وثقافيا بقدر ما كان مسليا وساذجا. كانت كلتاهما تقص على الأخرى حياتها اليومية مع لمسة من المزاح الخفيف فيها.وتستمتعان بكل لحظة تقضيانها مع بعضهما البعض.
_"ماري لا تنسي صوفيا" قالتها جاكلين وكأنها أم توصي ابنتها لكي لا تنسى واجباتها المدرسية.
_"معك حق، لقد اندمجت في الحديث حتى كدت أنساها تماما.ذاكرتي ليست بالجيدة كما توقعت" . اعتادت ماري الذهاب إلى المدرسة رفقة صوفيا منذ صغرها. ولكنها بعد انتقال عائلتها إلى حي آخر، لم تجد رفيقا جيدا مثل جاكلين للذهاب معه. فاعتادت كل منهما على الاخرى. وصار الذهاب معها واجبا يقتضي تطبيقه.فبالرغم من أنهما ليستا في نفس الفصل. إلا أنهما ومنذ أن تعرفتا لم تفترقا يوما عند الذهاب إلى المدرسة.ومع كل هذا، ظلت ماري محافظة على صداقتها مع صوفيا. تظل تنتظرها أمام منزلها بجانب الثانوية التي تدرسان بها. حرصا منهما على دخول أبواب الحرم المدرسي بخطى واحدة.

جاكلين ايريسWhere stories live. Discover now