8 |العودة إلى الهدوء|

3.7K 516 218
                                    

في اليوم التالي غادرتُ إلى المدرسة قبل أن تستيقظ عائلتي، خرجتُ مبكراً جداً ومشيتُ طويلاً، درتُ الكثير من الشوارع المغطاة بالثلوج والفارغة تماماً إلا من بعض المشردين، كان علي أن أفكر، وكنتُ أفكر حقاً بكل شيء، عقلي كان ممتلئاً بالأفكار وكنتُ أحاول تفريغها رويداً رويداً، نثرها على الطرقات ومحاولة لململتها الواحدة تلو الأخرى، كنتُ أحاول أن أحيا قبل أن يسرقني الموت، كنتُ أحاول أن أدرك ذاتي، وأحاول استيعاب كل ما حصل معي وكل ما فعلتُ في الأيام الماضية على حدٍ سواء.

لم أكن أشعر بنفس الضغط والألم مثل الأيام السابقة بعد تلك النوبة، كنتُ بخيرٍ نسبياً، ولكني كنتُ نادماً على ما فعلتُه، وتساءلتُ لم حكمتُ باليقين أن أبي وأمي سيسامحانني، ربما لأنهما دائماً يفعلان، لكني لستُ صغيراً بعد الآن، والتصرف بتلك الطريقة مع اليقين بأنهما لن ينزعجا ليس سوى أنانيةٍ محضة.

جلستُ في حديقةٍ فارغة، الوقت كان مبكراً جداً والجو باردٌ للغاية لذا لم يكن هناك أي أحد، أزحتُ الثلوج المتراكمة على المقعد بيدي، وجلستُ هناك أحدق بالأشجار المغطاة باللون الأبيض، أعتقد أن أكثر شيءٍ أحبه بكندا هو شتاءها الطويل، لأن هذا اللون الأبيض النقي يشعرني بالراحة، ولأنني لم أكن أشعر بالبرد كثيراً.

سمعتُ بعض الأصوات من ورائي، الساعة كانت السادسة صباحاً وبعض الأشخاص بدؤوا بالخروج مبكراً جداً، أحدهم علق أنني مجنونٌ لجلوسي بهذا الجو البارد، ولكني كنتُ مجنوناً حقاً وقد أردتُ أن أستعيد رباطة جأشي.

رنين هاتفي أعادني لرشدي قليلاً، أخرجتُه من حقيبتي وتوقعتُ أن أرى اسم أبي، ولكن اسم روي إيثوس توسط الشاشة مما دفعني لأزفر.

ليس غريباً أن يتصل بي هذا الشخص من فترةٍ لأخرى، أو أن يتفقدني بنفسه في حال لم أتصل به أنا، روي هو ألفا قطيع إيثوس الذي انتمى له والدي سابقاً، والمستذئب الوحيد الذي يحمل نفس لعنتي والذي بقي على قيد الحياة، هو بعمر أبي تقريباً، وقد كان واقفاً معي منذ أن كنتُ طفلاً صغيراً وبدأتُ أتواصل مع ذئبي، علمني كيف أتعامل معه، وتقريباً لولاه لأصبتُ بالجنون مباشرةً.

"مرحباً."

أجبتُه بعد أن أخذتُ نفساً، شعرتُ به يبتسم على الطرف الآخر ويقول "هل يجب علي أن أكون من يتصل بكَ دوماً أيها الطفل؟"

"أنا آسف، كنتُ مشغولاً بدراستي بالفترة الأخيرة." كذبت، وبطريقةٍ ما.. أردتُه أن يدرك أنني أكذب.

"كيف حالكَ أونار؟ كيف تقضي هذه الأيام؟"

"بخير.. أظن، كنتُ بحالٍ سيئةٍ جداً منذ يومين، لذا أعتقد أنه رائع أنني بخيرٍ الآن."

"فهمتُ ذلك، هل كان الأمر مثل المرة السابقة؟"

"المرة السابقة كانت منذ سنتين، لا أذكر كل ذلك ولكن إن كان الأمر مثل تلك المرة فعليَّ أن أشهد لنفسي أني تجاوزتُها."

The Cursed Child | الطفل الملعونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن