أفاق آدم بمكانه بالمشفىٰ، حتىٰ وجد ملامح ذٰلڪ الملاڪ المُبتسم، يسأله باللهجة الألمانية:
- «كيف حالُنا اليوم؟»
وبالرغم من دهشة ذٰلڪ الشاب المصري، إلَّا أنه سُرعان ما انتقي الكلمات المُناسبة التي درسها قبلًا:
- «آاء.. أنـ، بخير حال، أشكُرِك».
فدوَّنت المُمرضة حالته بالتقرير الخاص به، وأعادت التقرير لمكانه بواجهة السرير؛ ثم فتحت الباب لتخرج، وأغلقته ورائها.
اعتدل آدم في جلسته بصعوبه، إذ كانت هُناڪ مُعاناةٍ في مُجرد تحريكه لكتفه، فقرر الاستعانة بيده الأخرىٰ.
وبينما كان يتطلع بالغُرفة من حوله، وجد أصفاد شُرطة موضوعةً علىٰ المنضدة الصغيرة (كومودينو)، بجانب سريره!
مدَّ يده ليلتقطها، وفور أن فعل..
- أنا إللي طلبت منهم ميربطوش إيدڪ.
والتفت مفزوعًا لمصدر الصوت، قإذ بها فتاةٍ في غاية الجمال، شقراء الشعر، بيضاء البشرة، ضعيفة اللهجة العربية رُغم أصلِها، ذات عينان مائلتان للتغيُّر؛ كم كانت ابتسامتها بديعة!
تنحنح آدم، فحاول التحدث، حتىٰ قالت مُقاطعة إياه:
-... مش مُهم إللي إنت هتقوله، أنا يهمني أكتر إنڪ أنقذت حياتي النهاردة.
وبالرغم من تعجب آدم، إلَّا أنه أجاب:
-... أنسة شمس، أنا آسف، كُل ده مكانش هيحصل من غيري.
- إنت بتتكلم عن إيه؟
فكاد يُكمل كلامه، حتىٰ قاطعه دخول السفير؛ مظهر البحيري، ومعه الكولونيل؛ ليو بروسوا، وكانت علىٰ ملامحهما بشاشة مُريبة.
- حمد الله عَٰ السلامة يا مستر آدم!
قالها الكولونيل، وقد مدَّ يده نحو آدم ليُسلم عليه، فمدَّ آدم يده السليمة لتُسلم علىٰ يد الكولونيل الممدودة، في حين قال مظهر من مكانه، وقد وضع يداه علىٰ كتف شمس:
- آدم يا ابني، أنا مش عارف أشكُرك إزاي، إنت أنقذت حياة بنتي! أنا مهما قُلت مش هيكفّيك كلامي شُكر.
وبالرغم من شعور آدم بالذنب، و رغبته الـمُلحَّة علىٰ الإعتراف، إلَّا أنه قد ردَّ بقوله:
- لا شُكر علىٰ واجب يا مظهر بيه، إحنا من نفس البلد، ده أقل واجب!
هنا انفلتت ضحكة مُستهزءة من ليو، فتعجبها مظهر، وقبل أن يسأل، قال الكولونيل ليو:
- مُمكن تعذروني لحظة مع «مستر آدم»؟
وقد قال الكلمة الأخيرة استهزاءً كذٰلك! وبالرغم من تعجُّب مظهر وشعوره بالريبة، إلَّا أنه قد وافق، فأخذ شمس معه. فور أن خرجا حتىٰ صفق ليو الباب بمنتهىٰ العُنف، ثم أغلق ستائر النافذة الزُجاجية الكاشفة للرواق لغض الرؤية تمامًا عمَّن بالخارج، والتفت بعدها مُباشرةً لـآدم ببعضٍ من الغضب والغِل، وكأنه سيضربه:

أنت تقرأ
ليالي الأنس في ڤيينا | Layali El-o'ns Fe Veena
Romanceمتع شبابڪ بِـ ڤيينا، ديه ڤيينا روضة مِـ الجنة! نغم في الجوِّ له رَنة، سمعها الطير بكىٰ وغنىٰ.