الحلقة السابعة

3.9K 123 30
                                        

كانت نازلي قد خرجت إلى شرفة غرفتها في الطابق العلوي من بيت المزرعة، تستنشق نسيم الصباح الهادئ، بعد ليلة طويلة من التعب والبكاء، لكنها بدأت تستعيد شيئًا من الهدوء في صدرها.

كان فِراك مستلقيًا عند قدميها، يرفع رأسه من حين إلى آخر وكأنه يتأمل مزاجها المتقلب.

وفجأة، رنّ هاتفها الموضوع على الطاولة الصغيرة بجانبها. نظرت إلى الشاشة، وإذا باسمٍ لم تره منذ فترة طويلة يضيء:
"خالي سليم – ألمانيا"

اتسعت عيناها بدهشة، ترددت للحظة، ثم أجابت:

— "مرحبًا... خالي سليم؟"

جاء صوته دافئًا، تغلب عليه نبرة شوقٍ وقلق:

— "نازلي! حبيبتي... صوتك وحده يطمئن قلبي. كيف حالكِ؟"

ابتسمت، رغم أن عينيها دمعتا فجأة:

— "أنا بخير، بخير... كيف حالك أنت؟ كيف الحياة هناك؟"

ضحك قليلًا، وقال:

— "الحياة هنا باردة كعادتها، لكنها تمضي... أما قلبي، فباقٍ معكم هناك في العراق. كل يوم أتذكركِ وأدعو لكِ."

— "وأنا دائمًا أذكرك، وأتمنى أن تعود لرؤيتنا قريبًا."

— "قريبًا إن شاء الله. سمعت أنكِ بدأتِ دراستك في كلية الطب؟"

تنهدت، وقالت بابتسامة متواضعة:

— "نعم، في المرحلة الأولى... الطريق طويل، لكني أحب ما أدرسه."

— "هذا يُشرفني يا نازلي. كنت أعلم أنكِ ستكونين فتاة قوية وطموحة. والدك كان دائمًا يفتخر بكِ، ووالدتكِ... لو كانت هنا، لاحتضنتكِ بكل فخر."

صمتت نازلي للحظة، ثم قالت بصوت خافت:

— "أشتاق لهما كثيرًا، خالي... أحيانًا أشعر أنني لا أتحمل."

— "أعلم يا صغيرتي... الألم لا يغيب، لكنه يُعلّمنا. وأنا واثق أنكِ ستكونين مصدر فخر لهما، حتى من السماء."

ثم أضاف، محاولًا تغيير الأجواء:

— "هل علي لا يزال يحاصركِ بالأسئلة والمواعظ؟"

ضحكت نازلي، وقالت:

— "هو يلاحقني بدواء القلب أكثر من أساتذة الكلية! لكنه... لا يقصّر، خائفٌ عليّ أكثر من نفسه."

— "هذا جيد. علي شاب نادر، وقد علمني والدك أن أوصي به خيرًا بكِ، منذ أن كنتم أطفالًا."

سكتت نازلي قليلًا، ثم قالت:

— "خالي... أحيانًا أشعر أنني عبء على الجميع."

جاء صوته حازمًا ولطيفًا في آن:

— "كفى! لا تكرري هذه الكلمة أبدًا. وجودكِ هو النعمة الكبرى في حياة من يحبكِ. لا تظني يومًا أنكِ عبء، أنتِ الهبة التي أبقت أرواحهم حيّة."

ملاكي الحارس 12:01حيث تعيش القصص. اكتشف الآن