رميت حقيبتي بجانبي وجلست على حافة الصخرة آخذ أنفاساً متتالية بهدوء، الهواء داعب شعري وصدري أخذ يعلو ويهبط بسبب برودة الطقس في الأعلى ،استغرقت نصف ساعة في صعود الجبل بعدما انتهت مهلة حجزي وسمح لي المعلم جورج بالخروج.
حولت نظري للأسفل نحو البلدة وتذكرت كم كانت هذه الصخرة مكاني المفضل في الصغر، لا أرى أحد هنا وهذا السبب في اختياري لها، دائماً في المكان الذي لا أجد فيه أحد، أشعر أن لدي الكثير من الطمأنينة. لم آتِ اليها منذ عدة سنوات ولكنني أعتقد بأن الأيام القادمة ستجعلني أعود لها كل يوم.
لقد عدت مرة أخرى الى الصفر، عدت لسكوتي واختياري للعزلة، عدت لقلة الكلام وعدم الرغبة في التواصل مع الكل ، لم أعد الانسان الذي كنت عليه، رغم محاولات الجميع في مساعدتي ولكنني أفضل أن أختبئ في حضن الصمت عندما أدرك ان ما أحاول شرحه لن يفهم مطلقا، جميعهم يقولون بأن هذه مجرد فترة مراهقة يجب أن لا نأبه بها ونعيش أيامنا الجميلة فيها ولكن أين هي تلك الأيام بحق الله؟ لا أرى سوى الظلام في كل دقيقة تمُر، ربما يجب عليهم التوقف عن هذا الهراء.
والدي تزوج على أمي وهي في أشد مرضها وأحضر لنا أحقر امرأة رأيتها، أمي لم تستحمل ذلك وتركتنا عنده بعد تحسنها قليلاً، تركت أبناءها خلفها يعانون لوحدهم مع والدٍ سيء وامرأة فاسدة، ايثان أخي يغيب لأيام ولا أعرف عنه شيئا سوى أن أراه مصادفة في الطريق، حتى نحن في وقتها يبدو علينا وكأننا نكره بعضنا البعض، نستمر بالمشي وكأننا غرباء، لا نلتفت ولا نتكلم سوى أنني أرى نظرات الشفقة تأتي من عينيه وهذا ما يجعلني أكره كل شيء أكثر.
أعاني لوحدي ولا أحد بجانبي... لا أم ولا أب ولا أخ، كل هذا ويقولون أنها تفاهات مراهقة ! ثلاث سنوات وانا احمل قدرا كاملا على كتفي... ثلاث سنوات لعينة، و كأن الحياة كلها هي أن أكون حمالا لحياة ليست لي، حياة لا تناسبني.
ليتني املك صيدلية خيالية نادرة ابيع فيها كتف لنبكي عليه او ذراعا لنستند اليها،" ابيع صندوق ابتسامات ثلاث مرات في اليوم"، أو" زجاجة دموع تستخدم عند الحاجة"، على تلك الرفوف الخرساء سأدرج كل ما تتوق اليه تلك النفس البشرية الجافة " حبة تعاطف" لأولئك الذين ماتت قلوبهم وجعا " شراب مقوي للقلب... لتلك القلوب الحزينة المكسرة " لصقات الجروح الغير مرئية لتلك الجروح التي تتركها كلماتهم في أذهانكم "حبة امل "حبة محبة" حبة فرح" حبة تفاؤل" أقراص سعادة" تدوم وتدوم...."لمسة حنان مرة قبل النوم "كلمة صديق تستخدم عند الازمات" مطهر للنفوس المصابة" قارورة ألم تحفظ بعيدا عن متناول الأطفال...
ليتني أمتلكها فعلا...
هل سبق لكم تجربة ذلك الشعور الذي يدفعكم للتفكير في رمي أنفسكم من على هاوية ؟ السقوط حتى يصطدم جسدكم بالأرض والاعتقاد بأنها النهاية؟
أنت تقرأ
ليام|Liam
Nouvellesفي عمق الاكتئاب، نزاعات العائلة ومشاكل الثانوية، يغرق لِيام في أشد صراعاتهِ بعقلِ لا يكفُ عن التفكير وروحٌ مرهقة، حياةٌ بائسة وقلبُ منطفئٌ، صدرهُ ملئُ بالكلمات اللامتناهية كالأشواكِ المؤلمة تنخزُ فيهِ بوحشيةٍ... ترى هل يوجد أملُ بتغيير مجرى حياتهِ أ...