#أمل_حياتي_٥
اعتدل فريد في مقعده بالشرفة وهو يتذكر كيف دق قلبه بعنف عند رؤيته اسم نادر علي شاشة هاتفه في اليوم التالي، كيف وقف كصبي مراهق لا يدري ماذا يفعل؟ كذب هو علي نادر ليبرر سؤاله عن أمل مختلقا تلك القصة حول خوفه علي ولده من أن يكون لهم جار حبيس أحد السجون ولكن ماذا لو فاجأه نادر وأكد كذبته؟!
سأم فريد وحدته وسأم أيامه الخالية، يطوق لوجود امرأة بيومه. يفتقد وجود امرأة يشاركها تفاصيل يومه وتشاركه تفاصيل يومها. اكتشف بعد كل هذا العمر أنه لم يجرب قط مرارة الاشتياق ولا حلاوة اللقاء، هو ببساطة لم يحيا حياة مكتملة ولا جرب السعادة الحقيقية. أمسك فريد بهاتفه ليطلب صاحب المكالمة الفائتة الذي أتي صوته في الحال
- صباح الفل يا فريد باشا
- صباح الخير يا نادر، عامل ايه؟
- الحمد لله يا باشا كله تمام، أنا بس حبيت أطمن حضرتك أن جارتك زي الفل.تسارعت دقات قلب فريد عند سماعه أنه ليس هناك ما يقلق بحياة أمل ليبتسم وهو يستمع لنادر الذي أكمل قائلا
- هي ست محترمة وسمعتها تمام بس جوزها ولا بيشتغل في الخليج ولا حاجة يا باشا، ده مهندس وعايش في المنصورة والغريب أنهم مش مطلقين بس هي كان عندها ولد وغرق من سنتين في اسكندرية ومن ساعتها سابت المنصورة وسابت جوزها ونزلت القاهرة هي وبنتها.
شكره فريد بشدة وقد فهم اخيرا ما كان بحاجة لفهمه، تمزق قلبه عند اكتشافه سبب ذلك الحزن الذي يسكن عيناها ملازما لجمالهما. أشفق عليها فريد من ذلك الحزن الساكن قلبها علي ولدها وراهن نفسه علي أن لزوجها دور في غرقه وإلا فلما عاقبته بابتعادها عنه بعد تلك المأساة المؤلمة؟! يعلم هو أن المرأة تحتمي بمن تحب عند خوفها وألمها فلما تترك زوجة زوجها بعد فجيعة كتلك التي تعرضت لها أمل إن كانت تحبه حقا؟ دب الأمل في قلبه ثانية وحمد ربه أنها متزوجة حقا لعلمه أن مثلها لم يكن ليترك دون زواج إن هي طلقت من ذلك الذي يسكن المنصورة.
أكتفي فريد بما عرفه عن أمل منذ تلك المكالمة وعاهد نفسه أن تكون له إن هي قررت الطلاق الفعلي يوما ما ولكن ما كان يؤلمه حقا هو خوفه أن تكون قد اكتفت بالانفصال لبقايا حب تشعر به تجاه من لازالت تحمل اسمه علي الورق رغم المسافات والبعد وإلا فلما لم تطلق منه حتي الآن رغم بعدها عنه وهجرها له؟!! .. ظل ذلك السؤال حبيس صدره يطارده ليل نهار الي أن جاء ذلك اليوم الذي وجد فيه عزيز يهبط من سيارته أمام مدخل العقار وبيده رغدة التي اتسعت ابتسامتها وزادتها جمالا علي جمالها. رآه فريد لأول مرة ورأي أمل تهبط السلم لتأخذ ابنتها من يده وتصعد بها لمنزلها ثانية ليأخذ هو سيارته عائدا من حيث أتي.
فهم يوم رأي ابتسامة رغدة وهي مع أبيها كل ما كان ينقصه، فهم أن لها أما رائعة تركت الباب مواربا علها تعود وكي لا تحرم ابنتها من أبيها باقي حياتها. فهم انها ما ارادت أن تصبح جاني فتركت ايام عمرها تمر دون زواج حقيقي وبدلا من أن تجني علي ابنتها جنت علي روحها وسحقت قلبها من أجل وحيدتها.
اطمأن قلب فريد بعد ذلك اليوم خاصة وأن عدم سماحها لزوجها أن يزورها بشقتها وهبوطها لتأخذ ابنتهما منه أكد له أنه لا أمل في عودة أمل.... مرت ايامه بعد ذلك اليوم صافية لا يعكرها شئ فعادل متفوق كعادته ملتزم في دروسه ورياضته أما هو فقد وجد راحته في الانتظار، انتظار أن يتخرج عادل ويبدأ في بناء حياة خاصة به وانتظار أمل لحين تقرر الانفصال الفعلي ليطلب منها وقتها أن تشاركه الباقي من عمره وتنير له الباقي من أيامه ليعوضها عن كل ما مرت به قبله.
اعتاد فريد الانتظار واعتاد قلبه الشوق الي أن جاء ذلك اليوم الذي عاد فيه عادل من مدرسته وجلس ليتناول طعامه مع أبيه قبل أن يدق جرس الباب ويفتح فريد ليجده عم عوض الذي مد يده إليه بظرف ابيض كبير يحوي ورق لم يتبين فريد ما به. وقف عم عوض مادا يده بالظرف قائلا
- مدام أمل باعتة دول لاستاذ عادل
دق قلب فريد بقوة عند سماعه اسمها حتي خيل اليه ان عوض قد سمعه
- مدام مين يا عوض؟
- مدام أمل اللي في التالت، أصلها شافت استاذ عادل امبارح وهي طالعة ومرضيش ابدا يطلع معاها فصممت تخليه يطلع الاول وبعدين سألتني عليه قولتلها ده ابن اللواء فريد اللي في الخامس في ثانوية عامة فقالتلي ما شاء الله عرف يربي ربنا يحميه.فهم فريد سر سؤالها عن عادل ودعائها له، هي تري فيه ولدها، صمت فريد يفكر والألم يعتصر قلبه. ولكن ما هذا الذي أرسلته لولده وما علاقته بما يحكيه عوض الذي سلم الأمانة وتركه واجما علي باب شقته ورحل؟ فتح فريد الظرف ليجد انها اوراق مراجعات بعض الدروس ارسلتها لولده ليبتسم وهو يهمس لنفسه قائلا
- يظهر أن قلبك جميل زي عنيكي يا أمل..
#يسرا_عمر
أنت تقرأ
أمل حياتي
Romanceخسارة كبيرة دفعتها الي الهرب محاولة منها للنجاة بإبنتها خوفا من فقدانها هي الأخري بعد ان ظنت انها نهايتها ولكن تعود الحياة لتبتسم لها من جديد وتهديها مما تمنت يوما