الفصل التاسع والخمسون - الغدر

197 7 1
                                    

الغدر

استمعت بتململ لاستجوابات أمي عن مكان اختفائي وسبب تصرفي الأرعن في رقصي مع يوسف بينما أنا مخطوبة لغيره وتأنيبها لي عن تسببي في إفساد الحفل وعن مسلكي للدرب الخاطئ في كسب قلب دانا وما إلى ذلك من كلام لا يسمن ولا يغني من جوع.

قالت إحدى قريباتنا من جهة أمي والتي كانت تشهد توبيخها لي:

" كم وددنا أن نتعرف إلى خطيبك ويا له من تعارف!"

رمقتها بنظرة ضيق واضحة فضحكت وقالت وهي تخاطب أمي:

" الكل كان بانتظار رؤية خطيب رغد المجهول قتلنا الفضول لنعرف من الذي حظي بها. وآه! يا له من شاب! طول! وسامة! بنية عضلية! أحسنت الاختيار يا حنان فحرام أن يضيع جمالها على شباب لا يستحقونها كأبناء أسلافك مثلا"

أتبعت تعليقها الأخير بضحكة سمجة وابتسمت لها أمي إحراجا، أما أنا فقلبت عيني اشمئزازا. ثم أضافت:

" إذن ماذا يعمل خطيبها؟ سمعنا أنه أستاذ"

تلبكت أمي قليلا وهي تجيبها بالإيجاب. يبدو أن قصة علاقتي به قبل الخطبة لا يعلم بها الجميع. بدأت بطرح المزيد من تساؤلاتها عنه وعن عائلته ومكان سكنه وما إلى ذلك فاستغللت فرصة حصارها لأمي بأسئلتها الفضولية وانسحبت مبتعدة لأجلس مع سمية وأهرب من هذا الجو الذي لا أجد وصفا له أفضل من... "غير مريح".

ألهيت نفسي بالرقص معها ومع قريباتي اللاتي من عمر مقارب لعمري لأحاول جاهدة إخراج نفسي من كل أجواء هذه الليلة العجيبة.

اقترب الحفل من نهايته وهمّ المعظم من الضيوف بالمغادرة. لم أجرؤ على البحث عن آدم حتى لا ألتقي بأهله، لا أريد رؤية جمانة وزوجها فالجو حولهما مكهرب نحوي لذا بحثت عن زاوية بعيدة عن الكل وجلست فيها. وجدتني أمي بعد بحث طويل عني حيث كنت أتسلى بالتقاط صور لي من خلال هاتفي بعد رحيل سمية.

حثتني على المسير معها لالتقاط الصور التذكارية مع العرسان، حاولت الرفض لكنها أجبرتني على المجيء.

عندما اقتربنا لمحت آدم واقفا بين أهله ويتبادل الحديث مع أخيه وبعض الشبان. دفعتني أمي لأكمل سيري باتجاه منطقة التقاط الصور فسرت معها مكرهة. تلاقت نظراتي بنظرات عمي أمير حيث كان يضم دانا إلى جنبه بمد ذراعه حول وسطها.

مد لي ذراعه الأخرى ليلتقط صورة أكون فيها قريبة منه، لكنني قررت تجاهله واتجهت إلى جانب سمر إحدى بنات عمي قصي ووقفت على الطرف البعيد كأنني أنزوي بنفسي عن العائلة بسبب مشاعري السلبية من كل واحد فيهم.

هتف لي أبي بالاقتراب أكثر فقررت تفسير كلامه بأن أقرب جسدي أكثر من سمر مع علمي يقينا بأن مقصده كان بالصعود على السلالم لأقف إلى جانبه هو وإلى جانب عمي أمير.

لمحت من طرف عيني نظرة متألمة في عيني عمي أمير وهو ينظر إلي من بعيد وأثار تغير مزاجه انتباه دانا لتقلب بصرها بيني وبين عريسها. تم التقاط الصورة وأنا مكاني لم أتزحزح. وبعدها ابتعدت جانبا لالتقاط صور أخرى لهما مع أعمامي الباقين. ثم همّ الجميع بالابتعاد لالتقاط الصور مع أهل العروس.

وللحب بقيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن