أحذر أن تقع (فريسة) سهلة الاصطياد !

74 9 3
                                    

بعد منتصف الليل، يجلس على فراشه الوثير، يعبث بهاتفه و هو يفكر في تلك المناوشات التي تحدث بينه وبين والدته، حول الهاتف المحمول التي من المفترض أن يقضي عليه أوقات فراغه، ولكن الأمر تحول إلى عادة يوميه و إدمان، لا يستطيع أن يمر بضع ساعات دون أن يستعمله، وذلك بالطبع يثير حنق والدته ، لأنه أهمل دورسه و تدريباته و لم يعد ذلك الشاب النشيط بل أصبح كسول و انطوائي بعض الشيء و السبب في ذلك عزلته عن الجميع بعد أن أعتاد الجلوس بمفرده في غرفته لينعم بوقت هادئ علي هاتفه ...
ثم غفى قليلا ولم يدري ما حدث بعدها، عندما استيقظ وجد نفسه في ساحة واسعة يحيطها شاشات (الهولوجرام) ، ظهر امامه رجل من العدم، انيق يرتدي حلة فاخرة، يبتسم بهدوء ولطف قائلا : مرحبا بك عزيزي في عالمنا
نظر له الشاب بريبة و غرابة : و من أنت ؟
رد الرجل : بالنهاية ستعلم صديقي، و لكن دعنا نأخذ جولة شيقة و ممتعة بهذا العالم الجميل، بالتأكيد ستجد ما يسرك !!
اتجاها معنا إلي إحدى الشاشات ليشير عليها الرجل معرفا بها : هذا الموقع الازرق الشهير عبارة عن وسيلة لتواصل البشر مع بعضهم من جميع أنحاء العالم بما يسمى موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
أجابه الشاب برهبة : و لكني أرى أمامي أمواج عاتية يغوص بها البعض و الآخر يستنجد و منهم من يقف علي قارب يراقبهم بامتعاض و استنكار
التفت له الرجل : انظر جيدا صديقي، فكل منهم غارق في ملذاته
ليشير إلي أحدهم و يقول : هذا الكهل مثلا ، يرتدي ثوب النبيل بل هو في الحقيقة أشبه بمراهق طائش حينما يخلو بنفسه يخاطب الفتيات الصغيرات بكل خسة و وضاعة
ليشير إلي آخر مردفا : و ذاك من يحب ترويج الإشاعات و التضليل و يطير فرحا حينما تزداد المشكلات بين الناس لأن ذلك يجعل نسبة المشاهدات تزيد و ذلك بعد بالمنفعة عليه بالطبع ، أما عن هؤلاء الفتيات فهن مساكين حقا، جنون الشهرة يجعلهم يفعلون أشياء مخالفة لمجتمعهم لمجرد أن يكونوا مشاهير، مَن هن من تعمل بالبرامج تحت مسمى الترفيه و تضطر للتنازل عن أخلاقها ... و هذه يقال إنها كاتبة مغمورة و لكن هي للأسف تستخدم بعض الألفاظ والعبارات و المفاهيم الخاطئة بروايتها للحصول علي المزيد من شهرة، و ما هو إلا هلاك لبعض المراهقات التي تسمم أفكارهم و بالنهاية عالمنا المستفيد عزيزي انتهى كلماته بابتسامة عريضة تحمل بطياتها الخبث و اللؤم ...
عقد الشاب حاجبيه باستفهام : و ماذا تستفادوا من ذلك يا طويل القامة ..
قهقهه الرجل بخفة : نعم نستفاد صديقي ، اولا الربح المادي .. ثانيا يمكننا التحكم بعقول البعض من خلال هذا ، مثلا عدم القدرة على الابداع و تشتيت الإنتباه و اجتذاب المراهقات بحبال الهوس تلتف حول رقابهم تنتزع ثوب عفتهم تلقيهم إلي فوهة المجون والعري .. وبذلك تدريجيا يفقدون قواعد دينهم و ما أمر ربهم به .. منذ زمن يا صديقي كنا نحتاج إلى الكثير من المعدات و الرجال لنخوض حربا مع دول العالم الثالث .. أما الآن يمكننا فقط اختراع برامج حديثة لتثير انتباهم و تجعلهم يسحورون بها نحركهم كالعرائس الماريونيت ، تجعلهم مذبذبين .. تائهين لا يعرفون الصواب من الخطأ .. تلك هي الحرب الشرسة علي مر العصور .. و لكن لكل زمن آلياته و الاهم إننا نخرج من المعركة بأقل خسائر و بالطبع كل شئ مباح في الحرب يا عزيزي .. سواء خطف الأطفال .. خضوع عقول الشباب .. و كل هذا يتم بمنتهي الحرافية  ... و هناك بالطبع صديقي من يستخدم موقعنا بإيجابية و ذكاء و انتفاع .. و منهم من يستخدمه للتوعية بأشكالها ...
انت من عليك الاختيار عزيزي .. مع من تكون .. و لكن يبدو انك اختارت بالفعل .. انك مدمن لألعاب الفيديو و مشاهدة اشتباكات المشاهير .. و عليك أن تخضع لنا .. ثم اخفض صوته و همس باذنه : تخضع الي عالمنا الافتراضي ...
ثم بلحظة تحول الرجل الي (عنكبوت) و الكثير من العناكب التي ظهرت .. يلتفون حول الشاب بنسيج خيوطهم .. بعدما تم تكتيف الشاب حتي كاد يختنق... تحول العنكبوت مره أخرى الي رجل ..
فقال بابتسامة ماكرة : انت الآن مسلوب الإرادة عزيزي .. سافعل بك ما أشاء ... ثم أردف لجنوده : إلقوه بالأمواج
صاح الشاب باعتراض و خوف و هو يتمني فقط لو لم يفرط في استخدام الهاتف المحمول ... سوف يقتل غرقا بهذه الأمواج العاتية العالية رباه انقذني يا الله .. لا لا اريد الغرق ... تمني من الله فرصة أخيرة لينجده من ذلك الرجل .. شعر بالماء تحيطه من جميع الجهات و اغمض عينيه باستسلام و يأس ... و لكنه سمع صوت والدته يأتي من بعيد :
يا بُني استيقظ هذا يكفي و يزيد .. قالت بضجر و عصبية
انتفض الشاب من نومه فزعا .. يلتفت حوله يتأكد أن هذا مجرد حلم سخيف .. ليندهش من العبارة المكتوبة بخط والدته علي جدران غرفته ..
_ الوقت من ذهب إن لم تدركه ذهب
_ الوقت هو المادة الخام للحياة
_ الوقت عدو مجتهد لا يقتله الا كل مجتهد
_ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ..
هتف الشاب  بحماس لوالدته قائلا : حسنا أمي من اليوم لن اضيع وقتي في أشياء معدومة الفائدة .. يجب أن استغل وقتي في أشياء نافعة تُفيدوني و مجتمعي ..
ثم أضاف بنبرة شقية : و لكن لا مانع ببعض المرح .
إدمان_السوشيال
دندشة (دينا عمر)
___________________________________
دي قصة قصيرة كنت داخله بيها في مسابقة أي رايكم 🤔❤️

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Mar 04, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

إدمان السوشيال (دينا عمر) دندشة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن