الحلقة الرابعة عشر

2.3K 74 27
                                        

حلّ الليلُ على المزرعة هادئًا، كأنّه يهمس لكل من فيها بالسكينة بعد يومٍ مضطرب. تفرّق الجميع إلى غرفهم، وبقي صوت الحشرات في الحديقة يُغني لظلال الأشجار.

في غرفة نازلي، كان الضوء خافتًا، وعيناها تُطالعان سقف الغرفة بصمتٍ طويل. ثم أغمضت عينيها وابتسمت بخفّة، كأنها تُطمئن قلبها، واستسلمت أخيرًا للنوم.

---

بداية يوم جديد...

مع شروق الشمس، تسللت أشعتها الذهبية عبر نوافذ المزرعة، مُعلنة عن صباح جديد. أصوات الطيور وتغريدها العذب كانت ترانيم بدايةٍ واعدة.

في صالة المنزل، اجتمع الجميع على الإفطار، يضحكون ويتبادلون الأحاديث. وفجأة، نزلت نازلي من السلم بخُطى واثقة، مرتدية فستانًا أسود ناعمًا يُعانق قوامها الرشيق، ويُبرز بياض بشرتها ونعومة شعرها الطويل المتدلّي كسواد الليل.

ارتفعت أعين الموجودين إليها، لكن نظرة علي كانت مختلفة.

توقّف الزمن لثانية في عينيه...
“ما هذا الشعور؟ لماذا يخفق قلبي بهذا الشكل؟ هل لأنّها تبتسم؟ أم لأنّها تجرؤ أخيرًا على الحياة؟”
هكذا تحدّث في نفسه، وعيناه لا تُفارقانها.

كانت نازلي مرحة، تتحدث مع الكل بطلاقة، تضحك مع الجد، وتلاعب ريم، وتتحدث مع منى بودٍّ ولُطف، وكأنّ شيئًا لم يكن... وكأنّ جرح الأمس لم يترك أثرًا في روحها.

وفجأة، ركضت ليان الصغيرة باتجاهها، شعرها المبعثر يطير خلفها، وعيناها تتلألأان ببراءة الطفولة.

ليان – وهي تُمسك يد نازلي:
«نازلي! نازلي! أرجوكِ أطعِميني! أريد أن آكل بيدكِ فقط!»

ضحكت نازلي، وانحنت نحوها، تحضنها وتُقبل خدّها:
«حسنًا، يا دُميتي الصغيرة، تعالي لنجعل الإفطار ألذ.»

جلس عليّ في مكانه، يراقب المشهد بصمت، وابتسامة خفيفة شقّت وجهه دون أن يشعر.
“هي لا تعرف كم تسكن قلبي... ولا تدرك أن مجرد رؤيتها تضحك، كفيل بأن يمحو من داخلي كل ما مضى. يا نازلي... هل تعلمين كم أحبك؟”

وهكذا، بدأ يومٌ جديد في المزرعة، على وقع ضحكة نازلي، ونبض قلب عليّ الذي لم يعرف للهدوء طريقًا منذ أحبّها.

كانت نازلي تُطعم ليان بحنانٍ بالغ، تلاعبها وتُقلد أصوات الحيوانات لتجعلها تضحك، بينما جلست العائلة حول مائدة الإفطار يتبادلون أطراف الحديث.

رنّ هاتف منى، رفعت الجهاز من على الطاولة ونظرت إلى الشاشة، ابتسمت وقالت:

منى:
«إنه زوجي… يبدو أنه قادم لأخذنا.»

ردّت أم علي بابتسامة دافئة:
«الحمد لله على سلامته، سيكون سعيدًا برؤيتكم.»

أجابت منى بخفوت:
«ليان لن تُرضى أن تترك نازلي…»

ملاكي الحارس 12:01حيث تعيش القصص. اكتشف الآن