كان ذلك يوما صعبا ،، حيث هاجر الجميع من الجزيرة وعبروا البحر ،، أما أنا فقد نسوني ،، نسوني في تلك الزاوية المنعزلة ،، لم أكن قد ارتكبت ذنبا ،، لكنهم أصروا على اتهامي ،، نجا المذنب ،، وأنا الآن مقيد ،، واعتقد أنني سأبقى كذلك للأبد ،، ذلك ما بدا عليه الأمر ،، حتى سمعت صوتا ..
"ش-شبح؟"
هدأ الصوت لكنني لازلت محجوزا هنا ،، حجرة صغيرة مغلقة ومظلمة بعرض متر وطول متر ونصف.
قيدت بها ،، ذراعاي مرفوعتان بينما قدمي قد حنيتا نحو الخلف وتم تكبيلها بخصري بطريقة مؤلمة.
لم يكن ذلك يشكل أي أهمية لولا مكان الحجرة ،، قبعت هذه الحجرة أمام البحر الهائج ،، فتحة صغيرة في الأسفل صممت لإدخال مياه المد ،، لكن الآن ومع المد والعاصفة ،، ارتفع الماء بسرعة جنونية ،، غرقت ركبتاي المرهقتان في الماء ،، بينما قل الهواء تدريجيا .
يبدو أن موجة ارتطمت بجدار الحجرة ،، فالماء قد ارتفع أكثر ،، لم هذا؟ لم أنا هنا؟
تذكرت رحلتنا ،، أنا وشخصان آخران ،، نكتشف الجزيرة ونتحقق متى سينفجر البركان لينهينا جميعا ،، ما إن وصلنا إلى البركان ،، حتى رمى الشخص الأول الشخص الثاني فيه وسط ذهولي، طفت عظامه على السطح ،، حقيبته الجلدية احترقت.
صرخت به : يا سافل ماذا فعلت؟
وبحركة غريبة وبدون أي كلمة ،، قام الرجل برمي نفسه من فوق البركان نحو الجرف .
قتل وانتحار !؟ ماذا سأفعل؟ هل سيصدقني الناس؟ لم يبق أي دليل ليثبت براءتي؟
في أسى عدت إلى القرية ،، لأفاجأ بالقاتل يقف أمام جمع غفير ويشير لي بإصبعه السميك قائلا : ها هو ،، ها هو القاتل! لقد رماني من البركان وقتل قيس.
في غضون ساعات كنت أمام رئيس القبيلة ،، ليس ﻷحاكم بل ﻷجلد أمام الجمع ،، ضربت ،، ضربت ،، حتى صرخت والدتي: توقفوا، لا تقتلوه.
ظننت أنها ستنقذني لكنها أتبعت : متى سينفجر البركان؟
قلت لهم: لم أستطع المعرفة لقد قتل شاهين قيس فجأة.
استلمت ضربة أخرى وقال الرئيس: لن يصدق أحد كاذب!
كاذب؟ أنا هو من وثقتم بي جميعا ،، صحيح أنني كنت أكذب بخصوص بعض الأشياء ،، لكنها ما كانت لتضر أو تنفع.
صرخ شاهين: يومين سينفجر بغضون يومين!
في ساعة أو ساعتين ،، تم الحكم علي بالإعدام غرقا.
ربطت في الحجرة ،، وها أنا أصارع الموت ،، في المطر ،، في العاصفة ،، في أثناء زلزال ينبئ باقتراب موعد انفجار البركان.
سمعت صوتا من الأعلى ،، فتحت الحجرة من فوقي ،، شخص عجوز أطل علي.
- جدي! ألم تغادر؟ انج بحياتك! اهرب.
قال الجد: لن اتركك بني!
لحيته الطويلة ابتلت ،، عظامه برزت أكثر من الإرهاق ،، أخرج فأسا ،، وقام بقطع السلسلة الأولى،، حاول مع الأخرى ،، لم يستطع ،، صرخت به : أعطني الفأس!
حاولت قطعها ،، فشلت أنا الآخر ،، قلت لجدي: اهرب ،، سأموت هنا.
- نحن الإثنين إذا.
- اهرب ، اهرب ، أنا قاتل ،، أنا قتلت قيس.
حاول فك قيدي وقال بهدوء: لم تقتله، أنا أثق بك.
صرخت بيأس أملا بأن يهرب : جدي! أنا من فعلها أهرب وحسب.
قال وهو يعبث مع السلسلة بيديه النحيلتين: قلت لك لم تفعلها ،، وإن كنت قد فعلتها ،،فلا بأس بإن أنقذك ،، لن أترك حفيدي يواجه الموت وهو يستطيع ترك ذنبه إلى الأبد.
"لا تفعل !" صرخت بداخلي ،، لكن لا فائدة من ذلك ،، أخذت الفأس ووضربت ذراعي بالنصل.
شهق جدي بينما تحرر مرفقي فقط من السلسلة ،، ضرب السلسلة حول خصري لتنكسر حلقاتها.
خرجت بصعوبة والدماء تنزف مني لتختلط بمياه البحر ،، قال لي جدي : هناك قارب صغير اتبعني!
تبعته بإعياء ،، جلست في القارب ،، بدأ بالتحرك ،، لا أدري لم لم أدرك الأمر منذ البداية ،، القارب يتحرك بي فقط ،، بينما لوح جدي لي بابتسامة ،، صرخت : لا ~ جدي!
ثم دوى صوت مرتفع ،، معلنا ،، إنفجار البركان ،، وتساقط وابل من الصخور على الجزيرة.
" لا ~ " فتحت عيني لأجد نفسي في بيتنا الأثير ،، السقف المصنوع من القش بشكل محوري ،، أمي العجوز تحمل أخي الأصغر ،، جدي يمسك يدي التي قطعتها بكفيه العجوزين .
قلت لهم : ماذا حدث؟
أجابت أمي: لقد أخذت تهلوس وأنت نائم منذ الأمس ،، هيا قم وتجهز لتذهب نحو البركان اليوم .
عارضت بهدوء : أشعر بأنني لست بخير اليوم.
قالت أمي : حقا؟ سأخبر الرئيس.
حدثت نفسي وأنا أتأمل جدي: افعلي ،، فلست مستعدا لخسارة أحد منكم بعد.
أنت تقرأ
حكم الإعدام
Short Storyكان ذلك يوما صعبا ،، حيث هاجر الجميع من الجزيرة وعبروا البحر ،، أما أنا فقد نسوني ،، نسوني في تلك الزاوية المنعزلة ،، لم أكن قد ارتكبت ذنبا ،، لكنهم أصروا على اتهامي ،، نجا المذنب ،، وأنا الآن مقيد ،، واعتقد أنني سأبقى كذلك للأبد ،، ذلك ما بدا عليه...