اذكروا الله يا جماعة الخير 💙🌴..
" الفصل الثاني والعشرين.."
" انكسرت الروح ودعستها الحياة بشدة حتى جفت دموعي من كثرة البكاء.. تألمت وبحثت عن بكاء كي أرتاح ولو لثواني لكنني لم أعد أرى الدمع.. انتهى الأمر وانتهى كل شيء.."
تركت القلم ورفعت عيناها عن الدفتر تحملق في الفراغ بصدمة كبيرة.. تعجبت من نفسها لأنها لم تبكي عندما علمت بزواج الذي عشقته اليوم.. يبدو أن من كثرة الصدمات التي مرت بها لم تصدق وأنها مجرد كذبة بل كابوس..
تركت المقعد بجسد غير متوازن وفتحت الخزانة لتأخذ معطفه التي لا زالت محتفظة به واحتضنته بشدة وهي تجلس على الأرض.. ثم رفعت قدميها لتضع المعطف على ركبتيها وأخذت تمسح عليه برفق وتتحدث إليه وكأن سيف أمامها :
-ليه تتجوزها يا سيف.. أنا متأكدة انك مش بتحبها وهتعذب نفسك معاها وتعذبني معاك..
جزت على أسنانها بشدة وحاولت أن تجد الدمع كي ترتاح من الداخل لكن بلا جدوى وتابعت بنبرة ألم :
-يا رب أنا نفسي اصحى من الكابوس ده.. منتظرة نهاية العذاب ده بقى
تدفق الدمع أخيرًا وشهقت شهقة عالية مستسلمة إلى البكاء لدرجة كبيرة عل البكاء يطفئ بركان قلبها.. ضمت المعطف إلى صدرها بقوة وكأنها تود أن يخترقها وهدأت من نفسها تدريجياً..
" أحتاج إلى دواء.. ليس لنسيانك بل ليجعلني اتأقلم على بعدك.."
***
" قصر الراوي.."
خرج دكتور أحمد إلى حديقة القصر ينظر إلى من ينظمون حفل الزواج واضعًا يديه في جيبي سرواله.. بعد لحظات خرجت دكتور فاطمة ووقفت إلى جواره وتساءلت :
-سرحان في أيه؟
-ولا حاجة يا حبيبي
-هو انا عرفاك من ساعة؟
ادار رأسه ناحيتها وقال في توجس :
-سيف واخد عقلي.. احساسي بيقولي أنه مش مبسوط
-طالما اختار البنت اللي هيتجوزها يبقى أكيد مبسوط
نظر إلى الأمام وتحدث بنبرة تمني :
-يا رب يكون احساسي غلط
وضعت كفها على كتفه برقه ومسكت بمرفقه باليد الأخرى وقالت مبتسمة :
-ما تقلقش يا حبيبي كل واحد من ولادنا ادينا له حرية الاختيار في اختيار شريكة حياته وبإذن اختياراتهم صح وموفقين في حياتهم
مسك بيدها الممسكة بمرفقه وتنهد قائلاً :
-بإذن الله
***
" دقت الساعة التاسعة مساءً.. "
استعد الجميع إلى حفل الزواج والأضواء في كل مكان مع موسيقى هادئة..
بعد أن ارتدى سرواله وقف أمام المرآة.. وارتدي السلسلة التي تحمل أسم اميرته ونظر إليها إلى لحظات وعيناه تنطق بالاشتياق الحاد إليها.. ثم وضع القليل من عطرة المفضل على صدره العاري.. ثم تناول الفرشاة ومشط شعره الكثيف.. بينما دخل يوسف بعد أن دق الباب مرتدي بدلة سوداء أنيقة جعلته أكثر جاذبية وجمالًا..
تقدم نحو شقيقه قائلاً :
-لسه ما جهزتش يا عريس
رمى بنظرة سريعة وقال وهو يضع الفرشاة كما كانت :
-أنا بلبس أهه
ثم اتجه صوب الفراش وتناول القميص الأبيض كي يرتديه وتقدم شقيقه نحوه ووقف يساعده في إغلاق ازرار القميص.. اغلق الأخير ازرار معصمي القميص والتي يبدو عليها الفخامة.. بعد أن انتهى يوسف مسح على كتفه وقال :
-قولت لك كذا مره غلط لما توقف قدام المراية عريان
أومأ بتفهم ثم ضبط القميص وارتدى فوقه المعطف الأسود الذي يبدو عليه الفخامة وقال بهدوء :
-كده أنا جاهز
هبط بمقلتيه الزرقاء إلى قدمي شقيقه وتساءل :
-هتمشي بدون ما تربط رباط الجزمة
لاحت ابتسامة خفيفة على ثغرة وقال بسأم :
-أنت عارف ما ليش خلق عليه
اتسعت ابتسامته وجلس على أحد ركبتيه وبدأ يعقد له رباط الحذاء وهو يقول بنبرة مزاح :
-المفروض تديني مرتب شهري على ربط الرباط
ضحك الأخير ضحكة خفيفة قائلاً :
-حقك.. أحسب من واحنا في ابتدائي لحد دلوقت
نهض عن الأرض يضبط معطفه قائلاً :
-جمع حساباتك يا باش مهندس وابعت لي مرتبي
احتضنه سيف بشدة ليبادله الأخير بالعناق عاقدا بين حاجبيه وتمنى سعادة شقيقه قبل سعادته.. ثم ابتعد عنه واستعد الاثنان للذهاب
***
انتهت الفتاة من وضع مساحيق التجميل البسيطة على وجهها ثم لملمت أغراضها.. بينما فتحت مايا عيناها لتنظر إلى انعكاسها في المرآة بسعادة واضحة من عينيها.. وقفت لاما خلفها وقالت بابتسامة واسعة :
-مبروك يا مايا
مسكت بيدها في توتر شديد وقالت بنبرة حماس :
-الله يبارك فيكي.. بجد أنا حاسة اني بحلم
-لاء ومش ايه حلم.. ده حلم من الثانوية العامة
دخلت والدة مايا والتي تدعى " أميمة.." و أخبرتها أن سيف ينتظر في الخارج.. تنهدت بعمق ونهضت عن المقعد فاحتضنتها والدتها تبارك لها على الزواج ثم ابتعدت عنها ووقف إلى جوارها تنادي سيف..
دخل الغرفة بهيبته التي خطفت روحها ووقف يتطلع إليها واندهش من الفستان التي ترتدي.. فستان قصير من الأمام يصل إلى قبل ركبتيها بقليل وبذيل طويل من الخلف ذات حملات عريضة ومفتوح من عند الصدر ليظهر مقدمة صدرها.. فقد قامت بتغير الفستان الذي قام بشرائه بذلك الفستان العاري التي اختارته.. أشار يناظرها بحده تكاد تقسمها إلى نصفين وقال بفحيح مرعب :
-هو أنا مش غيرت الفستان القذر ده
شعرت والدتها بالتوتر في حين قالت مايا بلؤم :
-التاني جيت اللبسه لقيته واسع جدًا ومش مظبوط عليا فبعت جبت ده عشان ما تأخرش
-الفستان ده لازم يتغير حالًا
همت أن تتحدث لكن تدخلت والدتها كي تفض الاشتباك بينهم :
-سيف هي ليلة وهتعدي
اندفع بحده بالغة :
-بنتك راحت غيرت الفستان وعملت اللي في دماغها.. وبالمنظر ده هي رقاصة مش عروسة
شهقت وقالت في دهشة :
-أنا رقاصة يا سيف؟
-أه رقاصة.. وحالا الفستان ده يتغير
جلست والداتها على المقعد واضعة يدها على صدرها وقالت بحزن واضح :
-يا سيف عشان خاطري أنا عديها.. دي ليلة العمر
قبض قبضته بقوة ووضع يده الأخرى على السلسلة ومسك بها كي يهدأ من نفسه قليلاً وتمالك أعصابه.. ثم أشار لها أن تقترب فتقدمت نحوه وتأبطت ذراعه ثم خرجت برفقته
***
وقف يوسف في انتظار طلت ملكة قلبة على أحر من الجمر.. خرجت من الغرفة أخيرًا تأبط ذراع والدها وكلا من ساره وميادة خلفها يقذفون بدلات الورود عليها.. تعالت الزغاريد وأصوات الفرحة في المكان..
شعرت بأن قدميها ليست على الأرض من كثرة السعادة.. والأن أصبحت ملكه وهو ملكها كما تمنى الاثنان منذ اللقاء الأول.. وقف أمامه وسلمه يد ابنته فمسك بيدها ورفعها إلى شفتيه ليطبع عليها قبلة حانية ثم قبلها على جبينها..
ثم ابتعد عنها لينظر إليها بنظرة حب واضحة وقد هوس عقلة من جمالها بينما هي تساءلت بصوت منخفض :
-شكلي حلو؟
-مفيش حرف يوصف جمالك
اتسعت ابتسامتها وتأبطت ذراعه واستقبلت التهنئة من الجميع ثم أخذت باقة ورد من يوسف واستعدت للذهاب معه وهي بكامل سعادتها
***
" قصر الراوي.. "
الحديقة الواسعة متهيئه إلى حفل زواج كبير ومنظمة كحفلة أميرات.. وبعد دقائق ارتفعت صوت موسيقى عالية وانسدل الستار الأبيض ودخل يوسف أولا برفقة ملكة قلبة وتليه سيف.. نهض الجميع يصفقون لهما بحرارة حتى وقفوا على ساحة الرقص وتبدلت الأغنية بأغنية هادئة وكل منهم شارك زوجته بالرقص الهادئ..
على الجانب الآخر وقفت لاما تطلع إلى خالد وميادة بحزن واضح وبعد لحظات وجدت قدميها تأخذها إليهما.. وجلست على المقعد المجاور إلى مقعد ميادة وهي تقول ببرود :
-عقبالكم يا ميادة
ابتسمت بمجاملة وقالت بحنق غير واضح :
-شكراً لاما وعقبالك أنتِ كمان
التفت مايكل إليهم بكاميرا الفيديو الصغيرة الخاصة به فقال خالد مازحًا :
-أقعد في جنب أنت والكاميرا اللي فرحان بيها دي
-الكاميرا دي لازم أصور بيها كل أصحابي اللي هيلبسوا قصدي اللي هيتجوزوا..
ثم أنزل الكاميرا وغمز بمشاكسة متابعاً :
-عقبال ما تلبس
ضربته ميادة بخفه على يده قائلة :
-عقبال ما تلبس أنت ونفرح فيك
توقف سيف عن الرقص عندما شعر بالغضب المفاجئ و ود أن ينفجر في الجميع ويكسر كل ما هو أمامه.. فحالته النفسية تسوء يومًا بعد يوم تمالك أعصابه بأعجوبة ومسك بكف زوجته واتجه صوب الاريكة المجهزة لهما وجلسوا عليها.. نظرت مايا إليه بحنق فكانت تود أن تكمل معه تلك الرقصة..
في حين احتضن يوسف ندى بشق الأنفس وحملها عن الأرض كي يستدير بها.. صفق الجميع لهما بحرارة بينما ركض مايكل نحوهم وبدأ يصور عن قرب.. ثم توقف عن الدوران وانزلها برفق وجلسوا على الاريكة الخاصة بهم..
بعد دقائق ليست قليلة اتجه إياد نحو شقيقه الذي يبدو الانهيار وبعد أن صافح مايا انحنى بجذعه وتساءل في توجس :
-حاسس بأيه؟
قال من بين أسنانه بحسم :
-عايز المهدئ
-سيف أحنا كنا اتفقنا نبعد عن المهدئات
-إياد من فضلك مش وقته الكلام ده
تنهد بحزن واضح ووضع كفه على كتف شقيقه ثم تركه واتجه إلى مكان بعيد وهو يشير إلى حازم أن يأتي.. اقترب حازم من شقيقه على وجه السرعة ووقف أمامه وتساءل إياد :
-معاك المهدئات؟!
-أه طبعًا.. كنت حاسس أنه هيطلبها
أومأ بتفهم وطلب منه أن يعطي واحده وهو في كامل حزنه على حالة شقيقه.. تقدم الأخير نحو المسؤول عن مشغل الأغاني وطلب منه أن يشغل اغنيه عالية ويطلب من الجميع الرقص عليها وبالفعل نفذ طلبه.. وصعد الأصدقاء والأقارب إلى ساحة الرقص نهضت مايا ومسكت بيد سيف طالبة منه أن يشاركها لكنه نفض يدها بعنف لتحملق به في دهشته لكن سرعان ما انشغلت بالرقص مع أصدقائها..
وقف حازم إلى جوار شقيقه ومسك بيده فنهض سيف معه واتجها معًا إلى مكان جانبي.. مد يده بشريط المهدئ وزجاجة مياه.. تناول المهدئ بالمياه ثم اغمض عيناه يتنهد بهدوء شديد واضعًا كفه على صدره.. انتبه حازم إلى تلك السلسلة التي تطوق عنقه ليقوم بإخراجها من صدره ليضعها على كف يده وتأمل كلماتها إلى لحظات ثم رفع عيناه إلى شقيقه قائلاً :
-ملك؟
فتح عيناه لينظر إليه وابتسم عندما شعر بتحسن وقال بنبرة حب صادقة :
-ملك في كل زمان ومكان.. ملك أخدت من قلبي سكن لها ومستحيل تخرج
-أنت بقيت أحسن؟
-جدًا.. الحمد لله
ثم اتجه الاثنان صوب ساحة الرقص ووقفوا كي يشاركوا يوسف في الرقص بمرح شديد ليأتي إياد بعد لحظات واكتملت سعادتهما..
وبعد لحظات كلا منهم مسك بيد زوجته كي يشاركها الرقص بمرح شديد.. كانت تراقيهم دكتور فاطمة بابتسامة واسعة وتدعوا الله أن يسعد أبنائها دائمًا.. جلس دكتور أحمد علي المقعد المجاور لها نظرت إليه بعينين لامعتين من السعادة ليبادلها بذات النظرة ثم مسك بيدها ورفعها إلى شفتيه وطبع قبلة حانية عليها.. نظرت إلى من يجلسون معهما على ذات الطاولة بخجل لكنها رأتهم ينتبهون إلى ساحة الرقص..
-بحبك
قالها بصوت منخفض بالقرب من آذنها فوضعت يدها الأخرى على يده الممسكة بيدها وقالت بابتسامة واسعة :
-أنا كمان بحبك.. ربنا يخليك ليا
-يا رب ويخليكِ ليا يا حبيبي
قاطع مايكل كلماتهم العذبة عندما وقف أمامهم وبدأ يلتقط لهما بعض الصور قائلاً :
-حلوه أوي القاعدة الرومانسية دي
نظروا إليه في دهشة ثم ضحكت دكتور فاطمة ضحكة خفيفة وبدأ مايكل يلتقط لهما عدة صور أخرى.. ثم أوقف أحدهم وطلب منه أن يصورهما ثم وقف خلفهما وأخذ معهم بعض الصور..
مضى الوقت كسرعة البرق ودقت الساعة الثالثة والنصف صباحاً.. وقف إياد إلى جوار شقيقه حازم وكلا منهم يحمل ابنته النائمة على ذراعه في حين تقدمت ساره نحوهم ووقفت قائلة :
-حازم أنا و ريم هنيجي معاكم المطار
-طيب يلا عشان ما نتأخرش على معاد الطيارة
***
" داخل أحد فنادق مدينة شرم الشيخ المعروفة.. "
ادخل سيف الحقائب ثم أعطى المال للعامل الذي اوصله إلى الجناح وأغلق الباب.. وقف ينظر إلى تلك التي تحرك أحد قدميها وممسكة بخصرها كما أنها يبدو عليها الغضب والتذمر الشديد.. لم يكترث لها ودلف إلى الغرفة يخلع معطفه ووضعه على الاريكة التابعة إلى الفراش ثم جلس عليها وانحنى بجذعه كي يخلع حذاءه.. دخلت الغرفة وهي تقول بحنق :
-ممكن أعرف ليه ما سافرناش جزر المالديف مع يوسف وندى
وضع الحذاء جانبًا ونظر إليها ببرود قائلا :
-ماليش مزاج
-أه أنت بقى بتعاقبني عشان ما لبستش الفستان اللي على مزاج حضرتك
نهض عن المقعد ووقف أمامها مباشرة يحدق بها في حده وقال بنفاذ صبر :
-حضرتي مصدع ومش طايق يسمع كلمة زيادة
ثم تركها وخرج وجلس على ركبتيه يفتح سحابة الحقيبة.. خرجت هي بخطوات سريعة ووقفت تنظر إليه وهي تجز على أسنانها بينما هو أخذ كل ما يحتاجه لأخذ حماما واتجه صوب المرحاض وتساءلت بعنف :
-أنت رايح فين وسايبني؟
فتح الباب بعنف لينصدم في الحائط الذي خلفه ونظر إليها بنفاذ صبر قائلًا :
-هاخد شاور ولا عندك مانع
ثم دخل مغلقاً الباب خلفه بعنف فأغمضت عيناها ثم نفخت في شدقيها ودخلت الغرفة ساحبة الحقيبة خلفها ورفعتها على الفراش بصعوبة ثم فتحتها وأخرجت فستان قصير وضعته على الفراش برفق شديد.. ثم بدلت فستان الزفاف بذلك الفستان وتركت شعرها منسدل على ظهرها ثم وضعت القليل من العطر على عنقها..
دخل الغرفة مغلقاً الباب خلفه نظرت إليه بابتسامة واسعة بينما هو وقف أمام المرآة يمشط شعرة بالفرشاة الخاصة به ثم تركها واراح بدنه على الفراش.. التفتت إليه وتساءلت بنعومة :
-سيف أيه رأيك؟
نظر إليها من أعلى وأسفل وقال ساخراً :
-حلو قميص النوم ده
تحدثت من بين أسنانها بحنق :
-على فكرة ده فستان..
ثم أردفت :
-ممكن تقوم بقى عشان نخرج
-نخرج؟!
أخذت تتمايل إلى اليمين و إلى اليسار بنعومة قائلة :
-أه لازم نخرج بعد الفرح نكمل سهرتنا
حملق بها في دهشة ثم التقط الهاتف من أعلى المنضدة المجاورة إلى الفراش لينظر إلى ساعته التي تدق الثامنة والنصف صباحاً ثم وضعه كما كان وقال بحزم :
-تصبحي على خير يا مايا
ثم تململ على الفراش ونام على جنبه اليمين.. ضربت على الأرض بعنف ثم بدلت الفستان بمنامة قصيرة وأطفأت المصباح الكبير ثم اراحت بدنها على الفراش واستسلمت إلى النوم على وجه السرعة
***
بمجرد أن أغلق باب الجناح حملها على ذراعيه وتصنع انه لا يستطيع حملها متسائلاً :
-أنتِ كام كيلو يا ندى..
ضربته على كتفه فابتسم ودلف إلى الغرفة وهو يقول مداعبًا :
-جربي اخلعي الفستان كده
لوت ثغرها لكن سرعان ما انبهرت من جمال الغرفة المفتوحة على البحر مباشرة.. وضعها على الفراش برفق واتجه صوب ذلك الباب الزجاجي واسدل الستائر لتنظر إليه في حزن وتحدثت بلهفة :
-يوسف ما تخبيش الجمال ده
التفت إليها متجهاً نحوها وهو يخلع معطفه وقال بنبرة غزل :
-هو في جمال يشوف جمال
وضع المعطف على الفراش وجلس أمامها يتفرس ملامحها شعرت هي بالخجل وتراجعت إلى الخلف وهي تقول بنبرة توتر :
-يوسف اسمع دلوقت احنا ست ساعات فيح وتسع ساعات سفي يعني تعبانه ومصدعه وعايزة انام
أحاطها بوضع يديه إلى جوارها في كلا الاتجاهين وعض على شفى السفلية وهو يقول بمكر :
-انا هضيع لك الصداع ده بطريقتي..
ضربته على كتفه بقبضة يدها الصغيرة فابتسم واقترب منها أكثر كي يطبع قبلة حانية على جبينها ثم هبط بقبلته إلى أنفها وهم أن يلتقط قبلته الأولى من شفتيها تراجعت برأسها قائلة :
-مش اتفقنا نصلي يكعتين لله
رفع احد حاجبيه بمكر وأومأ بالإيجاب ثم نهض ودلف إلى المرحاض كي يضع بدنه أسفل الماء البارد.. بينما بدلت ندى فستانها ببجامة قطنية وانتظرت خروجه ودخلت لتأخذ حمام بارد يهدأ من إرهاق بدنها.. ثم ارتدت منامة قصيرة فوقها الروب وأحكمت حزامه على خصرها جيدًا ثم ارتدت فوقهما اسدال صلاة وخرجت..
وقف هو في المقدمة ووقفت خلفة كي يصلوا فرض العصر أولًا ثم ركعتين شكر لله.. عقب الانتهاء من الصلاة رفع الاثنان أيديهم وأخذوا يدعوا الله كثيرًا سألين التوفيق لهما في مستقبلهم معًا..
ثم التفت إليها فضمت يديها إليها تطلع إليه بعينين لامعتين من السعادة قطب جبينه قائلاً :
-مبروك عليا أجمل وأرق ندى في الكون
مسك بيدها وطبع قبلة رقيقة على راحتها فتنهدت بعمق شديد وكأن روحها ستنتزع من بدنها.. نهض عن الأرض وهو ينهضها معه وطبع قبلة على جبينها وأزاح الحجاب عن شعرها ليفرد خصل الشمس المبللة على كتفها.. ثم احتضن وجنتيها براحتي يديه وميل برأسه كي يأخذ قبلته الأولى من شفتيها.. ليشعر بقلبة ينتفض من بين ضلوعه ووجد نفسه يقبلها بشغف..
شهقت بخفة لكن سرعان ما أغمضت عيناها لتجد نفسها داخل حلم أخذها لمكان بعيد لا تود الاستيقاظ منه ووجدت نفسها تبادله بشغف وحب كبير.. ثم ابتعد عنها قليلا وتمعن بالنظر داخل مقلتيها الخضراء كأنه يرى نفسه بهما وهمس بنبرة حب ثقيلة :
-بحبك
أطرقت عيناها لكونها لا تستطيع النظر إليه وهمست بنبرة تعلوها الخجل :
-بحبك
***
استيقظت بوجه عابس على صوت دقات الباب العالية.. نظرت إلى جوارها لترى سيف لا زال نائماً زفرت بحنق شديد وتركت الفراش متجه إلى الخارج دون أن ترتدي شيئًا فوق تلك المنامة القصيرة..
فتحت الباب لترى العامل أمامها والذي تفاجأ بهيئتها وسرعان ما أشاح بوجه بعيدًا وقال :
-الأكل يا فندم
ثم مد يده بالشيك دون أن ينظر إليها فأخذته بعنف وقالت بنبرة نعاس :
-اوكي شكرًا
غادر على الفور فأدخلت هي مائدة الطعام وأغلقت الباب وعادت إلى الفراش كي تكمل نومها.. لكنها حاولت إلى دقائق أن تخلد إلى النوم لكنها فشلت نفخت في شدقيها ثم التقطت الهاتف من أعلى المنضدة المجاورة إلى الفراش ونظرت إلى ساعته التي تدق الرابعة والنصف مساءً..
وضعته كما كان والتفتت إلى سيف وأحاطت خصره وقبلته على كتفه العاري وأخذت تناديه بنعومة.. فتح عيناه تدريجيا والتفت إليها برأسه لكن عاد بالنظر إلى الأمام وقالت هي مبتسمه :
-مساء الفل.. بطل كسل وأصحى الساعة داخلة على خمسة
-مساء الخير
رد عليها بسأم وقبلته على شعره وقالت بمرح :
-الأكل جاهز برة وشكله يفتح النفس
ابعد ذراعها عنه ورفع جذعه عن الفراش متسائلاً :
-أنتِ اللي طلبتي الأكل؟!
ثم نهض عن الفراش يفرد ذراعيه بينما هي وقفت على ركبتيها قائلة :
-لاء هما جابوه من نفسهم
التفت إليها وتطلع إليها من أعلى وأسفل وتساءل بحنق :
-استلمتي الأكل بالمنظر ده
أطرقت رأسها تطلع إلى المنامة ببساطة قائلة :
-أه ماله لبسي
حدق بها بحده بالغة وصاح من بين أسنانه :
-أنتِ مجنونه ولا عامله فيها مجنونه
تركت الفراش ووقفت أمامه وهي تقول بهدوء :
-أنا أسفه أوعدك مش هعمل كده تاني.. كل الحكاية اني كنت نايمة وصاحية مش مركزة
تحدث ساخراً :
-خلاص بعد كده نامي بعباية
ثم تركها متوجهًا إلى الخارج تاركاً إياها تجز على أسنانها وقالت في تذمر :
-انا اللبس عباية
***
" بعد مضي عدة أيام.. "
قفزت على ظهره تطوق عنقه بذراعيها فاستدار بها ثم ركض أمام الشاطئ لترفع ذراعها بمرح ثم قبلته على وجنته.. نزلت عن ظهره برفق والتفت إليها ورفع النظارة على شعرها كي يرى عيناها وأخذ يغني لها بصوته العذب الذي يشق طريقة إلى قلبها مباشرةً..
ثم بدأ يكتب بعض كلمات الحب أمام الشاطئ ويرسم قلوب الحب.. بعدها جلس وجعلها تجلس بين قدميه والتقط معها بعض الصور التي تعبر عن عشقهما وأخرى مجنونة.. طلب منها أن تغني له ضحكت ضحكة خفيفة وقالت بجدية :
-صوتي مش حلو خالص
-صوتك أحلى صوت سمعته
تنحنحت وبدأت بالغناء لكن بصوت مبحوح :
-وأشوفك لما تضحك لي تيوح بالضحكة دي مشاكلي وتبقى للحياة معنى وأنا وياك.. كفاية تكون هنا جنبي يا فيحه بعشها من قلبي بتحلى الدنيا في عنيا عشان شيفاك
طبع قبلة على خصل شعرها وقال بجدية :
-ضحكتك هيا اللي بتنسيني الدنيا يا ندى..
ثم رفع عيناه إلى البحر متابعاً :
-أيه رايك ننزل البحر شويه
-أنت لسه بتسبح؟!
-مقدرش أبعد عن السباحة
-حافظ على كتفك يا يوسف
قالت كلماتها بنبرة قلق مسك هو بيدها ورفعها صوب شفتيه كي يطبع قبلة رقيقة على راحتها وقال بجدية :
-أنا مش عايز حاجة غيرك أنتِ وبس.. الحمد لله عليكِ
-بموت فيك
-بحبك بجنون
***
وضعت رأسها على صدره وهي تشعر بالسعادة لكونها أصبحت زوجته حقًا.. تنهدت بعمق وقالت بابتسامة واسعة :
-أخيرًا حسيت اني فعلا مراتك
-أنتِ مراتي من وقت ما كتبنا الكتاب
-صح بس حاليا مراتك رسمي
ابتعد عنها ورفع جذعه عن الفراش يرتدي حذاءه ثم خرج.. تركت الفراش ووقفت تجفف شعرها المبلل بواسطة المجفف ثم مشطت شعرها وعقب انتهائها بدلت ثيابها..
بعد دقائق عاد سيف وهو يجفف شعره بالمنشفة جيدًا ثم وضعها جانبًا وفتح الخزانة ليأخذ قميص أبيض يليق بسرواله الأسود الذي يرتدي.. ثم التفت وهو يغلق أزراره لفت نظره ثياب مايا المكونة من بلوزة بيضاء مهرولة وشورت من خامة الجينز وتساءل بنبرة ساخرة :
-أيه اللي أنتِ مش لابساه ده؟..
لوت ثغرها بضجر دون أن تجيب عليه وتابعت وضع مساحيق التجميل على وجهها.. قال بتذمر شديد :
-اتفقت معاكي قبل الجواز تغيري استايل لبسك ده
استدارت نصف استدراه كي تواجه وقالت بحده :
-سيف انت كده بتخنقني.. مش كل ما اللبس حاجة تعترض عليها
-هو ده لبس أصلا دي قلة أدب.. وانا مستحيل أخرج معاكي بالشكل المقزز ده..
تناول حقيبته وضعها على الفراش بعنف وفتح السحابة وبدأ يضع ثيابه داخلها بطريقة عشوائية وهو يقول بحسم :
-يلا عشان هنرجع القاهرة
قالت بنبرة بكاء :
-سيف احنا لسه ما كملناش شهر العسل بتاعنا
قال بنبرة حادة وهو يتابع تحضير الأمتعة :
-قصدك شهر القرف والصداع.. يلا جهزي شنطتك وغيري لبسك ده
جلست على المقعد المقابل إلى المرآة تبكي عله يتراجع عن قراره لكنه لم يبالي.. أغلق سحابة الحقيبة بعد أن أخذ كل شيء يخصه ثم فتح اول درج من المنضدة المجاورة إلى الفراش وأخذ المهدئات ثم خرج وجلس على الاريكة وابتلع المهدئ بالماء.. ثم رفع السماعة وطلب أن يحجز له تذكرتين في الطائرة العائدة إلى القاهرة وأنهى المكالمة..
أخرج السلسلة من أسفل القميص وضعها على كف يده ثم رفعها إلى حيث شفتيه وأطبقهما عليها مغمض العينين ليشعر بالنشوة.. وكأنه يرى الراحة في تلك السلسلة وليس في المهدئ والتي تحمل أغلى أسم على قلبة
***
" بعد مضي عدة أيام ليست قليلة.. "
وقفت ملك تضبط التصميم على الشخص الصناعي.. وقفت ميادة إلى جوارها تنظر إليها بابتسامة واسعة وتساءلت :
-وصلتي لفين في التصميم يا فنانة؟!
اتسعت ابتسامتها واتجهت صوب المكتب قائلة :
-أنا نص فنانة لسه
ثم تناولت ورقة التصميم وادارتها إليها تقدمت الأخيرة نحوها وأخذت الورقة من بين يديها تطلع إلى التصميم بإعجاب شديد قائلة :
-لاء أحنا فنانين جامدين جدا.. لاء برافو يا موكة..
ثم أردفت بنبرة مزاح :
-بس التصميم ده عايز جسم شبه العصايا زيك كده
أطرقت رأسها تطلع إلى بدنها النحيف لدرجة كبيرة.. ثم تنهدت بعمق واضعه يديها في جيبي سروالها وقالت مداعبة :
-نفسي عجباني يا غلسه
ثم اتجهت صوب الشخص كي تكمل عملها في حين التفتت ميادة وقالت بمكر :
-مش ندى قالت لي أن سيف ما كملش شهر العسل مع مايا ورجعوا..
انتفض قلبها بين ضلوعها بمجرد أن سمعت أسمه كما أنها شعرت بتوتر الحب والاشتياق الشديد واهتمت لحديث ميادة التي تابعت :
-ودايمًا بينهم خلافات
نظرت خلفها بطرف عيناها شاردة به وألم الاشتياق عبث داخل قلبها من جديد.. صدح صوت الهاتف الخاص بميادة فأخذته من أعلى سطح المكتب وأجابت فور معرفتها بهوية المتصل.. وبعد تبادل السلام والاشتياق بينها وبين صديقتها ندى أخبرتها بأن سيف سيأتي لأخذ بعض أوراق التصاميم الخاصة بها..
نظرت ميادة إلى ملك بابتسامة واسعة وقالت :
-سيف جاي.. طيب امتى
التفتت الأخيرة بلهفة بعد أن قشعر بدنها وعندما أنهت معها المكالمة تقدمت نحوها ووقفت أمامها تساءل في توتر شديد :
-سيف جاي فين؟!
-جاي هنا.. ده حالا ويدخل المكتب
جحظت عيناها وأخذت تحرك رأسها في كلا الاتجاهين بهستيريا قائلة :
-لا.. لا مش عايزاه يشوفني يا ميادة
-ليه يا ملك؟!
تساءلت في تعجب بينما ابتلعت الأخيرة لعابها بصعوبة وأخذ صدرها يعلوا ويهبط باضطراب شديد.. وقلبها يقرع كالطبول برهبة حتى شعرت وكأنه سيتوقف عن النبض.. وعندما دق الباب انتشرت حبات العرق الباردة على جبهتها في لحظة واتسع بؤبؤ عيناها..
فتح الباب ليرى ميادة بينما ملك تواليه ظهرها.. قال بهدوء وهو ينتقل ببصره بين ميادة وبين تلك الفتاة المجهولة بالنسبة له :
-ميادة أذيك؟
تقدمت ميادة نحوه ومدت يدها إليه قائلة :
-أذيك انت يا عريس.. حمد الله على السلامة
صافحها وعيناه على تلك الفتاة التي تحركت بثبات واختبأت داخل غرفه مجاورة وقال بجمود :
-الله يسلمك..
ثم ترك يدها وتابع :
-ندى كانت عايزه تصميمات
-أه ثانية واحده
اتجهت صوب المكتب ووقفت تلملم التصميمات داخل صندوق.. نظر سيف إلى باب الغرفة واضعًا يديه في جيبي سرواله.. ينبض قلبه بالاشتياق وكأنه شعر بها ولكن لماذا هي اختبأت داخل تلك الغرفة؟!..
هم أن يتجه صوب تلك الغرفة لكن التفتت ميادة إليه ومدت يدها بالصندوق قائلة :
-دي التصاميم اللي طلبتها
أخذ الصندوق من بين يديها وألقى نظرة أخيرة على باب الغرفة ثم غادر.. فتحت الأخيرة الباب قليلًا ونظرت إلى الخارج لتتأكد من عدم وجودة ثم خرجت مغلقة الباب خلفها.. وقفت ميادة أمامها لترى الحزن على وجهها وعيناها تنطق بعشق ذلك الرجل الذي غادر للتو..
مسكت بيدها وقالت في دهشة :
-أنتِ لسه بتحبيه؟!
لمعت عيناها من الدموع تومئ بالإيجاب ثم احتضنتها وقالت بنبرة مؤلمة :
-عمري ما نسيته
***يتبع
رايكم يهمني جدا بحبكن ❤❤❤❤🙈..
أنت تقرأ
عشق الدراسة الجزء الأول منـ" سلسلة عشق منذ الدراسة " سمر عمر..
Romanceممنوع النقل أو الاقتباس ..الرواية حقوق النشر محفوظة ✋✋ .. الحب الحقيقي والصادق لن يؤثر عليه الفراق ..بل يزداد الحب أكثر بفضل الاشتياق ويبقى في القلب حتى موعد اللقاء .. اخر لقاء بينهم ليس وداع بل بداية عشقهم .. كبريائه منعه أن يعترف بعشقه لها وعندما...