" الفصل 25.."

492 20 3
                                    

اذكروا الله يا جماعة الخير  💙🌴..

" الفصل الخامس والعشرين.."
" دعيني أضمك إلى صدري كي يطيب جرح قلبي.. اتركيني أضمك بشق الأنفس لتعود الروح إلى بدني.."
استيقظت على صوت دقات على الباب تركت الفراش متجه صوب الباب وهي تفرك عينيها ثم فتحت الباب ونظرت إلى ريم ويبدو عليها النعاس وبعد تبادل الصباح بينهم اخبرتها أن سيف ينتظرها في الأسفل.. أومأت بالإيجاب وأغلقت الباب بعد أن غادرت ريم.. ثم أضأت المصباح الكبير وبدلت ثيابها بسروال أسود من خامة الجينز وسترة بيضاء وأعلاها معطف أسود ثم نظرت إلى ساعة الهاتف التي تدق السابعة صباحاً لتتعجب من انتظاره لها في ذلك الصباح الباكر..
ارتدت حقيبة يدها ومن ثم خرجت لتجد ريم في انتظارها ودعتها بالعناق ثم غادرت الشقة بل العمارة بالكامل ووقفت إلى السيارة.. رأته مستندًا بظهره إلى المقعد مستسلمًا إلى النوم لدرجة كبيرة.. فتحت الباب وجلست على المقعد تطلع إليه بنظرات حب واضحة لكنها لم تنتظر كثيرًا فقد رفعت يدها صوب كتفه تربت عليه بخفة وتناديه..
فتح عيناه ورفع النظارة على شعره في حين نظرت ملك إلى الأمام قائلة :
-لو عايز تنام ممكن تأجل المشوار ده
-لاء مفيش داعي
ثم شغل محرك السيارة وتحرك إلى وجهته رافقهم الصمت حتى وصل إلى أحد المطاعم.. صف السيارة جانبًا وترجل متوجهًا إلى الداخل عند دخوله استلم الطلب فورًا لكونه طلبه بالهاتف وأعطى لهم المال ثم عاد إلى السيارة..
وضعهم بينهم ثم تحرك بالسيارة وطلب منها أن تتناول الفطار تناولت سندوتش وتناولت قطعة صغيرة.. وتساءلت بعد أن ابتلعت الطعام :
-أحنا رايحين فين؟!
-شرم الشيخ
-ليه؟!
تساءلت في دهشة ليجبب بثبات :
-بعدين تعرفي كل حاجة.. ممكن تجيبي لي سندوتش..
كادت أن تخرج سندوتش من الحقيبة لكنه قال بمكر :
-لاء عايز اللي أنتِ أكلتي منه
رمقته بنظرة طويلة وهي تلوك الطعام داخل فاها ثم مدت يدها به قائلة :
-اتفضل
رفع حاجبيه قائلًا بمكر :
-أكل ازاي وانا بسوق!.. أكليني
حملقت به في دهشة ممزوجة بالتوتر والخجل لكن سرعان ما نظرت إلى الفراغ.. فطلب منها أن تطعمه بنفسها ثانية لتجز على أسنانها وسيطرت على خجلها بصعوبة حتى شعرت بأن روحها تركت بدنها.. مدت يدها إلى فاه ومسك هو بمعصمها وتناول قطعة من السندوتش.. حاولت سحب يدها لكنه شدد عليها وتناول قطعة أخرى ثم ترك يدها..
اغلقت عيناها تبتلع لعابها باضطراب ثم ساعدته في تناول ما تبقى من السندوتش كما طلب منها.. فتح ثلاجة السيارة الصغيرة وأخذ زجاجة مياه واعطاها إليها.. تناولت القليل من الماء وكادت أن تغلقها لكنه أخذها من بين ايديها وتناول المياه بعد أن ثبت المحرك بركبتيه..
-ما شاء الله بتسوق برجليك اهو.. امال خلتني أكلك ليه؟! كنت طفل؟!
قالت كلماتها بتذمر واضح ليبتسم سيف علي كلماتها وتحدث بجدية :
-أنا فعلًا حاسس اني طفل
عقدت بين حاجبيها وتناولت سندوتش كي تكمل فطارها امتلأت معادتها الصغيرة قبل أن تنتهي من السندوتش ووضعته كما كان وتناولت بعض من الماء ثم استندت بظهرها إلى المقعد وأغلقت عينيها وفتحتهما ثانية.. أغلق سقف السيارة ثم سحب النظارة عن شعره ومد يده بها قائلا :
-البسيها عشان تعرفي تنامي..
نظرت إلى النظارة لتتذكر ذلك اليوم عندما أعطاها معطفه ترتدي طال انتظاره ولم تأخذ النظارة ليقول مداعبًا :
-على فكرة دي ماركة لتكوني فاكره اني بديلك اي حاجة
وجدت نفسها تبتسم وأخذت النظارة كي ترتديها ونظرت إليه من خلالها بأريحيه دون أن يرى عينيها.. ينبض قلبها بحب ذلك الرجل الجالس إلى جوارها.. ما زالت لا تصدق انها معه الأن وقريبة منه لهذا الحد رائحة عطرة الرجولي يخترق قلبها ليخطف روحها من بين ضلوعه.. تنهدت بهدوء نبضات قلبها تنبض داخل صدرها بأريحية تاركة قلبها يسقط بعمق بين حروف أسمه المميز بالنسبة لها..
سرقها النوم من النظر إلى ذلك الرجل لكنها حتمًا ستراه في أحلامها.. أسرع بالقيادة كأنه في سباق للسيارات وبعد دقائق صف السيارة جانبًا ليجعل مقعدها ينحني إلى الخلف قليلا كي تأخذ راحتها في النوم.. ثم عاد للقيادة ثانية وتحرك بأقصى سرعة..
بعد ساعات ليست قليلة وصل إلى وجهته.. صف السيارة وسحب النظارة عن عيناها برفق والتقط لها بعض الصور وهي نائمة.. ثم أخذ ينادها ويهزها من عند كتفها برفق لتستيقظ بوجه عابس فتساءل باهتمام :
-ليه النوم ده كله؟
أجابت بنبرة نعاس :
-أصل انا نايمه الساعة سته يعني ساعه اللي نمتها
أومأ بتفهم ثم ترجل من السيارة متجها إلى الباب الثاني وقام بفتحه وترجلت من السيارة واستندت بظهرها إلى الباب الخلفي لكونها تشعر بألم في ساقيها وأسفل ظهرها أغلق السيارة وأشار لها أن تأتي.. سارت إلى جواره حتى وصلوا إلى القارب.. نظرت حولها وقد استنشقت رائحة الحنين لأيام مضت..
اكمل الاثنان السير على جسر من الخشب حتى وصلوا إلى القارب وساعدها على الصعود إليه.. سحبت يدها من يده ووقفت تنظر إلى البحر وقالت بصوت مبحوح يحمل نبرات الحنين  :
-أنا فكرة المكان ده كويس جدًا..
شرد بها ليتذكر عندما هبط إلى المياه من أجلها وأصيب بالحمى ولاحت ابتسامة حنين على ثغرة وفاق من شروده على سؤالها :
-جايبني هنا ليه؟!
تحدث دون تردد :
-فكرة لما قولت لك يوما ما هاجي هنا ومعايا البنت اللي بحبها واعترف لها بحبي؟!
أعادت بالنظر إلى البحر وتصنعت بأنها لم تتذكر شيئًا قائلة :
-لاء مش فكرة.. ممكن نمشي بقى عشان يدوب نوصل القاهرة
قبض على مرفقها بقوه وادارها إليه بلهفة لتخرج شهقة من بين شفتيها تحملق به في دهشة بينما قال سيف بحده واضحه :
-لاء فاكره و واضح انك بتتهربي من الموضوع
ابتلعت لعابها بصوت مسموع وتحدثت باضطراب شديد :
-موضوع ايه؟!.. مش فاهمة حاجة ومش فكرة
-أنا قولت لك هاجي هنا ومعايا حبيبتي..
أطرقت عيناها تلهث بصوت مسموع وأخذ صدرها يعلوا ويهبط في توتر تنهد سيف بعمق وأخذ يلهث وهو يتحدث بنبرة جادة صادقة وكأن قلبه الذي يتحدث :
-كنت أقصدك أنتِ.. ملك أنتِ حبيبتي وحياة قلبي.. بحبك
اغلقت عيناها بقوة لتهبط دموعها على وجنتيها بغزارة وبكل هدوء سحبت مرفقها من يده وقالت بضيق حاد :
-أرجوك سبني أمشي
-مستحيل اسيبك تمشي ولا هسمح لك تبعدي عني تاني
شهقت شهقة عالية بفضل البكاء ووجدت نفسها تضربه على صدره الصلب واندفعت بحنق شديد :
-كنت فين السنين اللي فاتت دي؟!.. وليه سبتني أعاني طول السنين اللي فاتت؟! .. انا خلاص كرهت كل حاجة
تطلع إليها بنظرات من الحزن والندم الشديد وتوقف الحديث في حلقه عندما شعر بغصة في قلبة.. في حين جزت ملك على أضراسها بقوة حتى استمعت إلى صريرها ورفعت يدها لتصفعه على وجنته بكل ما فيها من ألم وضيق يقتلها.. استقبل الصفعة بهدوء ناظرًا إليها بثبات يخبر نفسه بأنه يستحق منها ردة الفعل تلك بل وأكثر..
قبضت قبضتها بقوة حتى برزت أوردتها ولم تعد تسيطر على أعصابها وهي منفعلة بصوت عال حتى خيل لها بأنها مزقت أحبالها الصوتية :
-أنت السبب في كل اللي حصلي.. حبيتك لدرجة جنونية وحافظت على نفسي عشان ماقدرتش أحب غيرك.. ولا كنت باكل ولا بشرب ولا بنام والغيرة كانت بتقتلني.. بعدك عني اخد روحي وقلبي.. مش عارفه كنت عايشة ازاي.. ولا كنت حتى بتحس بيا.. وجاي دلوقت تقولي بحبك.. ايه اللي كان مانعك زمان
تنهد ليشعر بألم في صدرة وتحدث بنبرة ضيق صادقة :
-أنا كمان اتعذبت في بعدك يا ملك.. حاولت انساكِ مقدرتش
-جيت متأخر اوي يا سيف.. أنا كرهت الحب وحياتي..
قطعت حبل كلماتها بعد أن شعرت بالهبوط المفاجئ وما هي إلا لحظات وسقطت مغشيًا عليها.. جحظت عيناه بلهفة وجلس على ركبتيه رافعاً رأسها قليلا وباليد الأخرى يربت على وجنتها برفق.. ثم حملها على ذراعيه وأسرع نحو السيارة ووضعها على المقعد الأمامي برفق.. ثم جلس أمام المقود وغادر إلى حيث المنزل الخاص بهم داخل المدينة بأقصى سرعة
***
جلس داخل غرفة شقيقته يحاول أن يتصل عليها لكن لا زال الهاتف مغلق.. وضع رأسه بين يدية وحتمًا سيجن إذا لم يطمئن على شقيقته وقفت والدته أمام الباب تطلع إليه بحزن وتساءلت :
-ملك ردت عليك؟
رفع رأسه إليها وتساءل بحده :
-يهمك في ايه؟
-طبعًا يهمني.. دي بنتي
نهض عن الفراش واندفع بحده بالغة :
-طالما هي بنتك ترميها كده بسهولة ليه
تدخل والده في الحوار وقال بصوت عال :
-هي اللي رمت نفسها بنفسها ولعبة لعبه حقيرة
خرج كي يواجه والده الذي ما زال مقتنع بأنه لم يخطأ في حق ابنته تنهد بعمق يتطلع إليه بوجه محتقن واندفع بعصبية :
-أنت استغليت ملك ورمتها لأول واحد أتقدم لها عشان الفلوس.. انا معاك انها غلطت لكن حضرتك غلط لما جوزتها بدون ما تاخد رأيها
-ماكنتش اعرف ان كل ده هيحصل
-لازم تحسب حساباتك صح يا بابا.. شوفت النتيجة بنفسك
قالت والدته بنبرة مؤلمة :
-قول لمراتك تحاول توصل لأي حد يوصلنا بملك
رد بحده ونفاذ صبر :
-قولت لها و لو وصلت لحاجة هتكلمني..
ثم اتجه صوب الباب وتابع بحسم :
-مش راجع البيت ده تاني غير لما اطمن على ملك
توقف عن السير عندما استمع إلى نداء والدته والتي وقفت أمامه تقول بنبرة ترجي :
-خليك معايا لحد ما نطمن على ملك.. أنا ما صدقت رجعت من السفر
-يا رتني ما كنت سافرت.. ماكنش كل ده حصل
ثم تابع السير وخرج مغلقاً الباب خلفه بقوة وضعت كفها على فاها تبكي وجلست على المقعد تطلع إلى زوجها بنظرة عتاب قاسية
****
دق جرس الباب نظر إليه ونهض عن الاريكة  متجه نحوه بخطوات  واسعه وفتح إياه ليجد الطبيبة وهي صديقة والدته ومعها اثنان من الممرضات صافحها وهي تساءلت في قلق :
-أخواتك بخير وبابا وماما؟
-الحمد لله يا دكتور كلنا بخير
-امال جايبني ليه يا سيف؟!
تساءلت في توجس لكونها تعلم حالته جيدًا طلب منها أن تأتي معه حيث أخذها إلى الطابق العلوي وهو يخبرها بحالة ملك ثم تركها تدخل الغرفة ومعها المساعدين.. جلس على الدرج في انتظار خروج الطبيبة بفارغ الصبر كي يطمئن عليها..
خرجت الممرضة التي تدعى نهال فهم واقفاً وكاد أن يتحدث لكنها مدت يدها بورقة قائلة :
-الدكتورة عايزة الطلبات دي من الصيدلية
أخذ الورقة يفحص كلماتها ثم رفع مقلتيه إليها وتساءل في توجس :
-عاملة ايه دلوقت طمينني عليها؟!
-بخير الحمد لله.. وبعد المحاليل هتبقى أحسن
أومأ بالإيجاب ثم غادر على الفور عادت نهال إلى الداخل في حين قامت الطبيبة بقياس ضغط ملك ثانية ثم تساءلت بمشاكسة :
-مأكلتيش بقالك سنه ولا ايه!
ردت بعدم وعي :
-بقالي سنين طويلة ولا باكل ولا بنام والتفكير بقى جزء من راسي
أومأت بتفهم وقامت بوضع أغراضها داخل الحقيبة الخاصة بها وبعد دقائق جاء سيف ودق باب الغرفة فاتجهت الممرضة الثانية التي تدعى نهى نحو الباب لتفتح إياه بابتسامة واسعة.. أخذت الأغراض من يده وظلت تتابعه بعينيها حتى أعطاها ظهره مستندًا بمرفقيه على السور..
دخلت نهى وأعطت حقيبة الأدوية إلى الطبيبة ثبتت حقنة داخل وريد على ظهر يدها ووضعت داخلها محلول رفعت إياه على النافذة ثم استعدت للذهاب قائلة :
-خدي العلاج بنظام يا ملك والأكل أهم من العلاج
أومأت بالإيجاب فتركتها وغادرت لترى سيف في انتظارها تساءل عن حالتها باهتمام واضح لتخبره بكل شيء وانهت حديثها بنبرة تذمر :
-مش فاهمة ازاي واحده الأنيميا عندها في النازل كده ومابتخدش علاج.. ومنعتها ضعيفة وجسمها ضعيف وشكلها مأكلتش من يوم ما اتفطمت
-ممكن اجيبها المستشفى تعمل تحاليل وتكون تحت رعايتك
تأبطت ذراعه وسارت إلى جواره قائلة :
-اقترحت عليها الاقتراح ده بس رفضت وقالت إن آخر مرة عملت تحاليل كاملة من أسبوع..
توقفا عند الباب وتساءلت بمكر :
-مين البنت دي؟.. باين عليها انها تهمك اوي
تحدث بجدية وبنبرة حب واضحة :
-أه تهمني عشان بحبها
اتسعت ابتسامتها الماكرة تومئ بتفهم ثم ودعته وغادرت..
بالأعلى.. جلست نهى إلى جوار زميلتها على الاريكة وتغزلت بذلك الشاب الوسيم لكزتها الأخيرة طالبة منها أن تكف عن ذلك الحديث وتهتم لعملها أفضل.. لوت ثغرها بضجر في حين دق الباب فأسرعت بالوقوف متجه نحوه وفتحت لترى سيف اتسعت ابتسامتها تلقائيًا بهيام واضح..
تحرك إلى الداخل متجها إلى الفراش وجلس على حافته.. نظر إلى اميرته النائمة بحزن واضح قرأ الألم والإرهاق على ملامح وجهها البسيطة تألم قلبه بفضل الندم الشديد الذي لن يغير الماضي.. ثم رفع يده صوب شعرها ومسح على جانب شعرها برفق متأملًا كل خلجة من خلجات وجهها.. وردة جميلة اهلكها الخريف لكنه عاد ليجعلها تتفتح من جديد..
انحنى بجذعه وطبع قبلة حانية على ظهر يدها ثم نهض عن الفراش متوجهًا إلى الباب.. خرج مغلقاً الباب خلفه ومن ثم هبط إلى الطابق السفلي وأراح بدنه على الاريكة يتطلع إلى سقف المكان شاردًا بها حتى أصبحت جزءاً من عقلة حتى وجد نفسه يستسلم إلى النوم..
***
استيقظ في الصباح ورفع جذعة عن الاريكة وحرك عنقه بحركة دائرية كي تصدر صوت الطقطقة.. ثم أخرج الهاتف من جيب سرواله لينظر إلى ساعته التي تدق التاسعة والربع صباحًا.. وضع الهاتف أعلى المنضدة ثم نهض متجهاً صوب المرحاض وخرج بعد دقائق وصلى فرض الصباح ومع كل سجدة يدعي لها أن تصبح بخير..
عقب انتهائه خرج من المنزل مغلقاً الباب خلفه.. وبعد لحظات هبطت نهى إلى الطابق السفلي تبحث عنه طال انتظار صديقتها فخرجت من الغرفة ووقفت أمام الدرج تناديها فصعدت الدرج قائلة :
-القمر مش موجود..
زفرت بنفاذ صبر من تغزل صديقتها الزائد به بينما وقفت نهى أمامها وتساءلت بجدية :
-هو مش خايف على نفسه مننا؟
ضربتها على كتفها قائلة بحده :
-هو المفروض يخاف منك فعلا.. بطلي بقى الكلام ده
دلفت إلى الداخل بمجرد أن انتهت من كلماتها فلحقت بها مغلقة الباب خلفها تساءلت ملك بوهن :
-هو سيف مش موجود؟
-هو اسمه سيف؟
تساءلت نهى بهيام واضح نظرت ملك إليها في غرابه ممزوجة بالغيرة في حين قالت الأخيرة مسرعة :
-أه مش موجود.. تقريبًا خرج
أومأت بتفهم وما زالت تطلع إلى تلك الفتاة بحده بينما خرجت نهى بعد أن دق جرس الباب في حين أطرقت ملك عيناها بحزن.. بعد دقائق قليلة دخلت الطبيبة تلقي الصباح على ملك ثم جلست على حافة الفراش وبدأت تتفقدها..
" بعد مدة من الزمن.. "
دخل سيف مغلقاً الباب خلفه وتقابل مع الطبيبة شعر بالقلق على ملك وسأل عن حالتها باهتمام واضح فقالت مبتسمة :
-ملك بخير الحمد لله.. وبإذن الله هتبقى أحسن
-شكرًا يا دكتورة
غمزت بمشاكسة قائلة :
-الحلوة صاحية
أومأ بتفهم ثم ودعته وغادرت ظل واقفاً حتى استقلت سيارتها وذهبت ثم دلف إلى الداخل وصعد إلى الطابق العلوي.. دق الباب ودخل بعد أن اذنت أحدهم بالدخول.. وضع حقائب الطعام جانبًا فاتجهت نهال نحوه وحملت الحقائب وهي تخبره بأنها ستقوم بتحضير الفطار ثم خرجت..
جلس على حافة الفراش في حين رفعت ملك جذعها عاقدة ساقيها طال الصمت بينهم إلى لحظات قبل أن يسأل باهتمام :
-طمينني عليكِ.. حاسة بايه؟
-بخير الحمد لله
تحدثت بصوت هزيل ضعيف فأدار رأسه ناحيتها يتأملها بمقلتيه الزرقاء التي تنطق بالحب وليت العيون تتحدث لكانت نطقت بكلمات عجز القلب عن تفسيرها..
-دكتورة قالت لازم تاكلي
-لما ييجيلي نفس هاكل
قالت كلماتها في نفاذ صبر وسأم كاد أن يتحدث لكن جاءت نهال ووضعت صينية الطعام على الفراش.. تناول خبز ووضع داخلة قطعة من الجبن ثم تناول كوب عصير وضعه أعلى المنضدة المجاورة إلى الفراش طالبا منها أن تحمل الصينية وتتناول الفطار مع زميلتها.. نفذت طلبه ووضعت الصينية أعلى المنضدة وجلست إلى جوار نهى التي تطلع إلى سيف بهيام واضح فلكزتها الأخيرة كي تفيق على نفسها وهمست بتذمر :
-بطلي تبصي عليه وافطري
على الجانب الآخر مد يده بالطعام كي يطعمها لكنها تراجعت برأسها إلى الخلف ورفعت يدها الأخرى لتأخذ الخبز من يده لكنه رفض وقال بإصرار :
-أنا هأكلك
أومأت بالنفي قائلة بحنق واضح :
-خلاص مش فاطرة
تنهد بعمق وأعطى الخبز إليها قائلا :
-ماكنتش عايز اتعبك
تناولت قطة من السندوتش دون أن تكترث إلى حديثه تطلع إليها إلى لحظات مقطب جبينه ثم تركها وخرج من الغرفة فرفعت بندقيتها إلى الباب الذي خرج منه للتو.. لتجتمع الدموع حول مقلتيها في لحظة كما أن قلبها القاسي عليه يؤلمها بشدة ونبضاته ليست نبضات عادية بل تأوهات..
-البنت دي مجنونة.. هو في حد عاقل يرفض أن القمر ده يأكله بنفسه
هكذا تمتمت نهى لتنظر نهال إليها بحده وتجز على أسنانها هامسة :
-على فكرة لو سمعتك عندها حق تطردك.. اخرصي بقى
-لاء مش هخرص.. انا مضايقة منها جدًا ازاي تزعله كده.. ده كفاية نظرة من عيونه ولا شعره احسن من شعري
انتبهت ملك إلى ذلك الحديث الجانبي لتنظر إلى تلك الثرثارة بوجه محتقن لكونها تعلم بأنها تتغزل في حبيبها.. بينما تناولت نهى كوب عصير وسندوتش ثم نهضت متجه صوب الباب تحت أنظار ملك المندهشة فقد علمت بأنها ستعزم على سيف بذلك الطعام جزت على أسنانها عنوة وكأن تلك الفتاة تحت أضراسها..
بالأسفل وقفت أمامه فرفع عيناه إليها لكن سرعان ما أشاح بوجه بعيدًا بينما تحدثت هي بلطف  :
-اتفضل أفطر
-لاء شكرًا
-مش هتفطر؟
أومأ بالإيجاب ثم نهض عن الاريكة متجهاً إلى الباب وخرج مغلقاً إياه خلفه.. جزت على أضراسها وتتحسبن على ملك لكونها السبب في حزنه ورفض تناول الفطار بسببها.. ثم صعدت إلى الطابق العلوي لترى نهال تخرج حاملة صينية الفطار.. قالت نهى بتذمر واضح :
-مشي من غير ما يفطر واللي جوه دي السبب
-أولا وطى صوتك ثانيا أنتِ مالك بيهم.. ثالثاً بقى ادخلي شيلي المحلول
وضعت العصير والسندوتش على الصينية ودخلت وهي تزفر وقفت إلى جوار الفراش تنظر إلى المحلول حتى انتهى وأوقفته ثم سحبته من يدها برفق.. تساءلت بصوت منخفض :
-فيه محاليل لسه؟!
-أه واحد بس هحطة المغرب
-سيف فين؟!
حملقت بها في غيظ وقالت بعدم قبول :
-خرج من شوية
جاءت نهال حاملة طبق من الفاكهة وضعته على الفراش ثم أخذت " تفاحة.. " ومدت يدها بها إلى ملك طالبة منها أن تأكلها لكنها رفضت.. عقدت الأخيرة ذراعيها أمام صدرها وتنهدت بنفاذ صبر قائلة :
-نادي لسيف يأكلها
اصطبغت عيني ملك بحمرة الغيرة وهي ترمقها بنظرة طويلة حادة تكاد أن تقتلها.. وضعت الأخيرة التفاحة كما كانت ومسكت بيد نهى واتجهت صوب الباب ساحبة إياها خلفها ومن ثم خرجوا من الغرفة.. وضعت رأسها على الوسادة تطلع إلى السقف تاركة العنان للغيرة تدفق إلى قلبها ببطء.. وودت أن تنهض وتقبض على شعر تلك الفتاة اللعينة وتأخذ عينيها في يديها حتى لا ترى حبيبها ثانية
***
وقف أمام الشاطئ واضعًا يدية في جيبي سروالة يتأمل الموج القوي.. يشبه حبيبته صوته مريح كما أنه هادئ لكنه أحيانًا يصبح مجنوناً عصبيًا قاسياً بعض الشيء.. ومع ذلك يود أن يغرق داخله متحملا تقلب مزاج أميرته..
صدح صوت الهاتف ونظر إلى شاشته التي تضئ باسم شقيقه أجاب عليه وبعد تبادل السلام بينهم تساءل يوسف عن ملك ليجيب بهدوء :
-أحسن الحمد لله
-الحمد لله..
ثم أردف مبتسماً :
-جالك دعوة للمشاركة في سباق السيارات العالمي بأمريكا
رفع حاجبيه في دهشة متسائلاً :
-وصلت امتى الدعوة دي؟
-النهاردة.. السفر يوم السبت والتدريب لمدة شهر والسباق اول الشهر اللي بعده
تحدث بأسف :
-جت في الوقت الغلط.. شوف بقالي كام سنه في أمريكا مستني السباق ده
-نصيحة بلاش تضيع الفرصة دي من ايدك
-لو ملك فضلت مصرة على قرارها أكيد هسافر واشارك..
ثم أردف :
-المهم تعالى انت وندى بقى عشان احتمال تمشي معاكم.. ولو غيرت رأيها هكلمك واقولك
ثم أنهى معه المكالمة والتفت يتطلع إلى المنزل نظرة طويلة ثم جلس على الأرض يتحدث مع البحر..
" مساء اليوم.."
وضعت نهال المحلول الأخير في يدها داعيه لها بالشفاء العاجل ثم جلست على الاريكة التي تقع في نهاية الغرفة وهمست بحزن :
-صعبانة عليا اوي.. ربنا يشفيها
همست الأخيرة بتذمر :
-ومش صعبان عليكِ الأمر اللي خرج من الصبح ولسه ما رجعش
-دي مشاكل بينهم مالكيش دخل فيها.. قومي بقى حطي الغدا على الصينية وهاتيه
همت أن تتحدث لكن دق الباب لتنظر ملك إليه بلهفة اشتياق واضحة لكن سرعان ما تحولت ملامحها إلى الدهشة والحده عندما ركضت نهى إلى الباب وفتحت بلهفة لترى سيف فاتسعت ابتسامتها وتنحت جانبًا..
دخل متجه صوب الفراش وعيناه على المحلول متسائلاً :
-ده اخر واحد؟!
أجابت نهال على الفور :
-أه الأخير.. الحمد لله هي أحسن دلوقت
ثم اتجهت نحو نهى ومسكت بيدها وخرجوا من الغرفة مغلقة الباب خلفها جلس على حافة الفراش يتطلع إلى الأمام وقال بنبرة حنين :
-ألف سلامة عليكِ يا ملك
رفعت عيناها إليه تنظر إليه بنظرة عتاب قائلة :
-الله يسلمك
-أكلتي كويس؟
-لاء مأكلتش خالص
أدار بدنه ناحيتها لينظر إليها فأطرقت رأسها على الفور لكونها لا تستطيع أن تنظر إليه.. انتظر إلى لحظات ثم تحدث بجدية :
-بلاش تحسسيني بالذنب يا ملك.. أنتِ لسه فكرة اني عشت حياتي وأنتِ اتعذبتي بسببي وكل اللي أنتِ فيه ده بسببي أنا
-أيوه أنت السبب.. واتجوزت وعادي جدا
قالت كلماتها بانفعال من فرط الغضب المستحوذ عليها تنهد بصوت مسموع وتحدث بنبرة اهلكتها الحزن وتخرج الكلمات من بين شفتيه ميته لا روح فيها :
-وصلني انك اتجوزتي وبقى عندك أطفال.. كنتِ عايزاني اعمل ايه؟!
تحدثت بنبرة عتاب ممزوجة بالبكاء :
-لو كنت سألت عليا كنت عرفت كل حاجة
تنهد ثانية بإرهاق ومسح على شعره من الأمام إلى الخلف عدة مرات ثم نهض عن الفراش وقال بنبرة حزينة :
-انا اسف يا ملك.. مش هضغط عليكِ تاني.. يوسف وندى جاين الصبح ابقي امشي معاهم
اتجه صوب الباب بخطوات واسعة وخرج مغلقاً إياه خلفه هبطت دموعها على وجنتيها وخرجت شهقة قوية من بين شفتيها وهي تناديه ذبحت حلقها.. أخذت تناديه ثانية بصوت مبحوح لكنه لم يستمع إليها دخلت نهى فطلبت منها أن توقف ذلك المحلول.. وقف إلى جوار الفراش قائلة :
-مش هينفع غير لما يخلص
صرخت في وجهها طالبة منها أن توقفه وإلا نزعته من يدها بعنف.. نفذت رغبتها وأغلقت الحقنه التي على ظهر يدها ثم نهضت عن الفراش وركضت إلى الباب بجسد غير متوازن بالمرة.. هبطت الدرج تناديه لتخبرها نهال بأنه خرج وحاولت إقناعها أن تعود إلى الفراش وسوف تناديه لكنها لم تكترث إلى حديثها وتابعت الركض..
خرجت من المنزل راكضة إلى الشاطئ حتى رأته يقف أمامه وقفت تناديه بصوت عال لكنه مبحوح فاستطاع صوتها أن يخترق أذنيه ليلتفت بكلته إليها يتطلع إليها في دهشة.. ركضت إليه وركض الأخير إليها فاتحًا لها ذراعيه تاركاً إياها تقذف نفسها داخله بقوة حتى تراجع خطوة إلى الخلف وأطبق ذراعيه الكبيرتين على ظهرها الصغير مقارنة ببدنها الصغير.. احتضنها بقوة حتى خيل له بأنه سيخترقها وجدت نفسها تبكي وقالت بنبرة حب صادقة لكن بصوت مبحوح :
-بحبك قد عمري يا سيف
حملها عن الأرض فأخذت تضربه بقبضة يدها على ظهره فاتسعت ابتسامته يتنهد بعمق وبدون ألم وكأن روحه عادت إلى بدنه وقال بجدية :
-مستحيل ابعد عنك تاني.. أنتِ روحي.. أنا آسف
-أنا كمان اسفه
انزلها برفق واحاط وجنتيها براحتي يديه يمسح دموعها بإبهامية ثم طبع قبلة طويلة حانية على جبينهاثم استندت برأسها على صدره بعد أن شعرت بالدوران المفاجئ
***يتبع

بعتذر عن التأخير 🥺🥺..

عشق الدراسة الجزء الأول منـ" سلسلة عشق منذ الدراسة " سمر عمر..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن