٢ | السمع المنظور

89 8 0
                                    

ذات الشعور يتسلل إلىّ أكثر يومًا بعدَ يوم،

السماءُ المشرقة والمزينةُ بنجماتٍ حزيناتٍ تشرقُ وتلمعُ كاللؤلؤ الأبيض، ليسَ هُناك الكثيرُ من الغيوم، فقط بضعةُ غيماتٍ زغبيّةٍ تُحلق وكأنها تسخرُ من مشاعري..

«أعليّ القيام بذلك اليوم؟»
أعتقدُ بأنني سأكرهُ نفسي أكثر قريبًا

مُعتقدةً بأنَّ السماء تُحادثني، وددتُ أن أصبح غيمةً صغيرةً هُناك لأندثر

«ربما عليّ ذلك، فقط قليلًا بعد أن تفرغ محطة الحافلات»
تنهدتُ موجهةً عينيّ المثقلتين نحوَ ذلك المقعد

نجمةٌ تجلسُ بسعادةٍ أو تعبٍ مِنَ الانتظار، شعورٌ بالألفة، لكن كنتُ أتساءل لِمَ لا أتذكرُها بالتحديد؟

جلستُ متنهدة، تاركةً جسدي ليغرق بينَ مُحيط أفكارٍ لا نهاية له،

وصلت الحافلة الأخيرة، ليسَت حافلتي بالتأكيد

استقامت تلك الغيمة بعدَ أن تسللت نظراتُها لوهلةٍ إليّ، أهي تعتقد أن طرقنا لا تتقاطع إذًا؟

«لكن ربما سأفضلُ أن تكون الشخص الأخير الذي أتحدثُ إليه..»
فكَّرتُ مُقاطعةً لغرقيّ الشديد في ذلك المُحيط

«مرحبًا»
قلتُ لها بينما تُغادر الحافلة، تُرى أسمعتني؟ لا يهمُّ حقًّا

«غبية، كنتُ أقصدُ قولَ الوداع»
استقمتُ أخيرًا بعدَ الضغط على تلك الأقدام المنتشية لأسير بخطواتٍ قصيرةٍ ومُثقلة

«أنا فضوليّةٌ نوعًا ما، لو كنا أصدقاء لسألتُها عن وجهة تلك الحافلة..»

وقبل رحيلي، عثرتُ على شيءٍ يبدو كمذكراتٍ أو دفتر مُلاحظاتٍ عليه رسومٌ لمساحةٍ يغربُ فيها شُعاعٌ مخمليٌّ من الشمس، وسماءٌ مليئةٌ بالنجوم تُزينها
«تُرى ماذا كُتب بداخله؟»

«أهو ملكٌ لتلك النجمة؟»

قلبتُه للجهة الأخرى أملًا في الحصول على اسم، لكن كلُّ ما كان مكتوبًا بالخلف هو جملة «جزيرة السحر» وكُتِبَ بزغرفةٍ مميزةٍ تحته:
«لا للسمع غير المنظور»

أليس هذا اسم أغنيةٍ ما؟ لكن ما تلك الجملة الأخرى؟ ما هو السمع غير المنظور؟ إذًا ما هو السمع المنظور؟

لم أقُم بفتحه، وتركتهُ بمكانه أملًا في أن يعثُر أحدٌ عليه لاحقًا، كنتُ على وشك المغادرة

لكنَّ حافلةً أخرى توقفت..

«الحافلة التي أستقلها لم تكُن الأخيرة إذًا..»
ربما لم أكُن أرغب بأن أصير غيمةً الآن، ربما كنتُ خائفة، وربما إرجاع ذلك الدفتر إلى صاحبه كان عذرًا سخيفًا اختلقتُه

قررتُ العودة إلى المنزل، ليومٍ آخرٍ وحسب..

«أتسائل ما اسم تلك الفتاة؟»
تنهدتُ مُجددًا بين أفكاري، وبعينان مثقلتان وبختني نفسي وأفكاري الغارقة

«مجرد نجمةٍ ربما..»
«منذُ متى وأنتِ تُعجبين بالنجوم؟»
«ليسَ وكأننا سنلتقي مُجددًا»

«مجردُ نجمةٍ عابرة..»
وجهتُ أنظاريّ نحو ذلك الدفتر حيثُ لم أقاوم رغبتي بالنظر إلى ما بداخله بحجة أنني قد أعثرُ على شيءٍ يدلني على صاحبه

عثرتُ على عبارةٍ أخرى في بداية الصفحات:
«خمس محطاتٍ امتلأت بخمس أصوات، أغلق عينيك وأخبرني ماذا ترى»

«ربما بالصفحة التالية؟»

تنهدت وانتقلت إلى الصفحة التالية:
«صوتٌ حادٌّ في عقلك يساوي خطأ الرؤية، أصب في رؤياك لتحصل على سعادتك»

لكن بعد أسطُرٍ قليلة، الرؤية بدأت تصبحُ ضبابيّةً ومشوهة

أفكاريّ.. لا تطفو بعدَ الآن

عِناق النجوم | Astrobosomحيث تعيش القصص. اكتشف الآن