الغيمات القطنيَّة الدافئة تناقلت بينَ هيام السماء، انبعاثات القمر أفلتت خيوطها الباردة لتنشُرَ نقائها الخفيف بينَ التُراب والهوى..
«هذا المنظر يستحق أن يوضع بين خطوطكِ»
قالت مُقاطعةً لتأمليّ للسماءأخرجتُ ورقةً وبدأت بالرسم، وعلى غير العادة، فهاتفيّ هو الذي انطفأ أولًا، تشاركنا سماعات الأذن بهاتفها هي، كنتُ أراقب النجوم طويلة المدى بينما تتبع عينيها غيمَ المساء،
انتهيت ووضعتُ تلك اللوحة بين يديها، فشعرتُ بثُقل مشاعرها وهي تقول:
«آسفة، لا أملك أي موهبةٍ لأقدمها لكِ»تُرى كم وددتُ ضربها والصُراخ بوجهها في تلك اللحظة؟
تجاهلتُها ورفعتُ رأسيّ نحوَ السماء أراقب النجوم مجددًا حتى سقطت قطراتٌ من المطر على وجهيّ وكأنها دموع النجوم التي عجزت الغيمات عن تحمل فيضها لفترةٍ أطول
«ستُمطر..»
«أيُمكننا السير تحت ذلك المطر؟»نحنُ ابتللنا كثيرًا في تلك الليلة، لدرجة أنَّ وجوهنا لم تعُد تُميز الفرق بينَ ماءٍ ودموع
ولا زال صوتها وهي تدندن تلك الأغنية المألوفة عالقًا في ذهني بشدة..
«أتعلمين؟ أنا لستُ شخصًا مثاليًّا»
«لا يمكنني حتى الرد حينما يقول شخصٌ أي شيءٍ لطيفٍ لي، بالإضافة إلى أنني لا أجيد قول كلمات المجاملة والمدح في المُناسبات»«لستُ اجتماعية، لا أحب التجمعات، ولا أجيد العديد من الأشياء بغض النظر عن كوني لستُ بارعةً لتلك الدرجة في القيام بالأشياء التي أستطيع فعلها»
أردفتُ ونظرت إليّ بتلك النظرات المألوفة، بعينان مضيئتان كانعكاس النجوم فأشرتُ إليها بأن تصمت تمامًا«مؤخرًا كنتُ أنوي الذهاب نحو الغيوم»
«يمكنكِ فهم الأمر كما تُريدين»«لكنني عثرتُ على شيءٍ مثيرٍ للاهتمام»
«ظللتُ أقوم بالتأجيل يومًا بعد يوم، وقبل أن أدرك الأمر، توقفتُ عن الغرق بتلك الأفكار السوداويّة وبدأت أشعر بالدفء»
أنهيتُ كلاميّ بنبرةٍ هادئةٍ كانت تزداد انخفاضًا«على ماذا عثرتِ؟»
قالت بقلقٍ حيثُ تبدلت ملامحها إلى شيءٍ أكثر ألفة«لا أعلمُ كيف أصف الأمر»
«قصةٌ دافئة، شخصٌ دافئ.. شيءٌ كهذا؟»قاطعنا صوت وصول الحافلة التي أستقلُّها، وشعرتُ بالدموع التي تنسابُ وتختلطُ بانبعاثات السماء تتزايدُ تدريجيًّا بينما يقلُّ منسوب الغيث وكأنهُ كان ينقلُ لنا شيئًا مِنَ الحمل قسرًا وينوي الرحيل
وكوشاحٍ ذهبيٍّ أحاكته لمساتٌ من ضياء الشمس المنطفئ، تهامست الأيام، وتباعدت خطواتيّ عنها كالربيع
«أراكِ لاحقًا»
كان الشِتاء على وشك الانتهاء، ولم تبكي السماء بشدةٍ مثل ذلك اليوم..

أنت تقرأ
عِناق النجوم | Astrobosom
Short Storyمجرد غيمةٍ التقت بنجمة.. أكان الأمر أكثر من ذلك؟ _ - تم نشرها في ربيع ٢٠٢٢ الموافق الثاني والعشرين من أبريل. - الغِلاف من صُنع Nagii@♡