بيني وبينك والمالانهاية

4 0 0
                                    

تنتظرنا الدنيا بكوب من الذكريات تغطيه طبقة من السعادة ، تتشوه وتنقص كلما لامست شفاهنا ، في كل رشفة تتملص مرارة الواقع معتدية على جمال الذكريات التي يحميها نسيم الأمل ، إعتدنا ان ننظر الى الامور بالمنظور المقلوب الذي ألفنا إمساكه والتظاهر بمعرفتنا لكيفية قراءته ، بطريقة ما ..كأننا ندعي بأن قراءة الحروف وهي مقلوبة هي الأمثل لنا ، هي الحل لذلك اللغز الذي نسجناه بأيدينا ، بتخيلاتنا واوهامنا ، نتناسى احيانا بأننا من نمسك بذلك الكوب نرى شكله ، نحب الوانه ، نتجاهل حرارته بل وحتى نحتضنها بكلتى اليدين ، لايهم حتى ان كانت هناك بعض من الجروح على الكف، فنحن نؤمن عن تجربة بأن الحرارة على الجرح تساعد في جعله يلتئم ، نتقبلها بل يساعدنا كل هذا في أن نغلق اعيننا ونرشتف ثم نبتسم ببساطة .
ألِفنا التناقض حتى اصبح جزءا منا ، والآن قد تجد نفسك في ركن غرفتك مرميا بين لائحة أغانيك المفضلة ، تشاهد بريقها يزول ببطئ امامك ، سماعاتك وهمساتها تبدوان لك كلعنة تفضل ابقائها بعيدة ، أشبه بالكلام الصحيح في اللحظة الخاطئة مهما كانت حقيقية ومرتبطة بما تمر به ، نرفض الحلول حتى وان قُدِّمت لنا على طبقٍ من ذهب ، فلا الذهب يهم ولا الفم يلتهم ، فالقلب يلتهب والجرح لا يلتئم ، أنعلم أننا على وشك الإنفجار ؟ نعم , انريد الخلاص ؟ أجل، لكن كيف ؟ ننتظر ان يحين الاجل ..
حين نرى انفسنا من خلال المرآة نحب ذلك الجمال ، مهما اختلفنا في أوزاننا ، ملامحنا وأحزاننا ، هناك وميض من الحب مخفي هناك بداخلنا في هيئة صبي صغير باكي يريد الخروج الى العالم وملامسة أي شيء حرفيا ، ان يحس بوجوده ولو لثانية واحدة حتى يثبت لنفسه بأن الأمر يستحق عناء الوجود .
دعني أخبرك أمرا بعيدا عن هراءات التحفيز ، الحياة لا تستحق شيئا ، فهي لا تنتظر منك شيئا ، ان كنت موجودا او حتى اختفيت ، كلنا نمتلك ذلك الخوف في اذهاننا والذي يبقينا خطوة الى الوراء في كل طريق نسلكه ، وكأن ادمغتنا مقسمة الى جزئين ، أول يقفز للأمام والثاني ينظر للخلف ويعشق النحيب ، الأمر هنا ليس متعلقا باختيار ايهما افضل ، فهذا غباء شديد منا بل وهو ذلك الجزء المتعلق بالخوف ، في هاته الحالة هذا اللعين لا يهم ان يكون ذو سبب وجيه ، خوف من الخوف ، مقارنة الخطوة الاولى بالألف ، نعتمد على المستحيل في تخطيطنا ، نتلهف ونسرع ونرغب في النهاية في رمشة عين ، لكننا ننسى باستمرار بأن الحياة ليست فيديو او مجموعة صور تنزلق فوقها اصابعنا في رحلة الخمس ثواني الى نهايتها وفقط .
الحياة مبنية على الوقت ، وصدقني ، تحتوي على الكثير منه ، بل اللانهاية تعتبر جزءا منه ، دعك من الارتشاف والتأمل في غبائك وخوفك وترددك ، كله من نسيجك ، قميص تصنعه ويرتديه ماضيك ويعشقه حاضرك ويكرهه مستقبلك ، ان كنت ترغب في تحقيق تلك الصورة البعيدة تخلى عنه ، لا داعي لإجهاد نفسك بتفكيكه والتمعن في تفاصيله واحدة بواحدة ، او حتى التصرف بطيش كأن تتظاهر برميه في ركن الغرفة والنظر اليه باشمئزاز، لأنك وببساطة لا يمكنك ان تكرهه ، لأنه يجب عليك ان تمر بالجسر الواقع بين الحب والكره .

الامر الجميل بالحياة هو انك تستطيع الاختيار ، مهما ضاقت بك السبل فخيارك لايزال يمتثل لأمرك مهما تغيرت احوالك وشؤونك ومشاعرك ، انظر الى ماتحمله يداك ، دعك من التذمر فلا احد سيقول لك :" اوه ! انت تحس بالحزن ؟ انا اهتم بك ، سأنزع عنك كل مايثقل كاهلك ، تفضل اليك الحل ، وبتطبيقه ستصبح كما تريد بالضبط " ، لأنه وببساطة انت الوحيد الذي يعرف ماتريده.

ان كانت هناك دموع أحبها وتقبلها ، وان كان هناك غضب فاستمع لأسبابه ، انه انت فقط ، انسان بسيط بأحلام اكبر من هذا الكون ، اوليست المجرات لامتناهية ؟ أوليس البشر يقومون بمحاولات بائسة ليلا ونهار لإستكشاف ما ابعد من هاته الكرة اللعينة ؟
ان كان اي انسان على وجه الارض قادر على ان يكون سعيدا وراضيا بقراراته مهما كنت تراها غبية وفاشلة ، حتى وان كانت ستفشل بكل تأكيد ، فذلك الرضا يؤدي الى الرضا ، فقط تقبل حقيقة الحياة وبأنها ليست لعبة ، لذا لا تتوقع منها ان تكون بنفس الآلية , ليست قضية فوز او خسارة ،خير او شر ، لن نفهمها ، نحتاج ان نتقبلها ونركز على انفسنا وفقط ، حينها ستأخذنا الرياح الى مرادنا ، نحن من نرى الخسارة على انها خسارة فلو كانت الحياة إنسانا لكانت اسهل ، اذ نقرؤها ونرى الامور من منظورها ، لكن للأسف ليس لها منظور ، ذلك شيء يخصنا نحن وفقط ، وهي لا تبالي ، حتى حديثي عنها بضمير ما هو غباء بحت ، يمكنني ان ابدو كمجنون واقول لك ان الحياة لا توجد ، هي في اذهاننا فقط ، لكنني سأبدو لك غبيا حينها صح ؟ ، اذا كما تعلم ، هنيئا لك انت اذكى مما توقعت ، تفضل ، قم بما تفعله وابرع فيه ، لا تنس ان تضيف لمستك اينما حللت وارتحلت .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 08 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

بيني وبينك والمالانهايةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن