لكل عصر متطلبات جديدة ووظائف أخري!
الفصل الرابع
"فرصة ضائعة"
2017
بمبني راق للغاية يغلب عليه اللون الأبيض وتتناثر به الأجهزة الحديثة وقف صف طويل مكون من أكثر من أربعين فتاة وسيدة لديهن عده أشياء مشتركة مثل الذكاء والفطنة، يجدن أكثر من لغة، طموحات، ذوات شخصيات جذابة، وجميعهن مررن بكل اختبارات الذكاء المطلوبة لمثل هذا العمل.
وقف شاب في الخامسة والثلاثين يتحدث بمهنية شديدة معهن
:_ حسنا آنساتي وسيداتي لقد نجحتن في الاختبارات كافة وسوف تستلمن العمل من الأسبوع القادم سيتم توزيعكم علي أنحاء العالم كي تجمعن المواهب مبارك عليكن التخرج وأتمنى لكن جميعا التوفيق.
أنهي حديثة بابتسامة جذابة وهن أيضا سعدوا كثيرا لأنهم اجتازوا كل الاختبارات والتدريبات وأصبحن علي استعداد للنزول للعمل الميداني.
سرن في طابور طويل خلفه واختفين عن عيون المشتركات الجديدات الذين يقفون في عده صفوف، مائتي مشتركة جديدة مبهورين تماما من الصرح الهائل الذي دلفوا إليه، ومن ضمنهم إيما فتاة رقيقة وجميلة في الثالثة والعشرين انفصلت عن زوجها حديثا وأصبحت بلا منزل وحاولت العمل في عده شركات إلي أن الراتب لم يكن جيد أبدا بالكاد كانت تعيش وعندما رأت الإعلان الذي نشرته هذه المنظمة البيئية تحمست كثيرا فالراتب أكثر من جيد ومرشدتهم الخاصة أخبرتهم منذ قليل أن لهم عمولة علي كل عقد يقمن بتوقيعه.
نادت مرشدتهن وهي تفتح ذراعيها بترحيب لهن:_ حسنا يا فتيات مرحبا بكن في مقر التدريب تهانينا لنجاحكن في اجتياز الاختبارات الأولية، هنا سوف تتدربن علي عملكن الرئيسي الأمر في غاية البساطة بالتأكيد سمعتن عن صائدي المواهب من قبل، وأنتن أيضا سوف تصطادون المواهب ولكن ليس الغنائية أو الفنية، سوف تصطادون مخترعين وعلماء.
أنهت جملتها بابتسامة ودوده واثقة:_ العمل ينقسم إلي قسمين.
:_ الأول البحث عن مخترعين في مجال معين وعن ابتكارات معينة سوف توكل لكم من الشركة.
:_ ثانيا إقناع العميل أي المخترع بالتعاون معنا، ومن وراء هذه الأبواب.
وأشارت خلفها إلي الصرح العملاق:_ سوف تتعلمن كل ما يلزمكن كي تقنعوا العميل بالاشتراك معنا.
ابتسمت الفتيات في سعادة كانت المائتين فتاة من جميع أنحاء العالم وكل منهن تبحث عن عمل منذ مدة وهذه فرصة ذهبية ورائعة ومصدر فخر لكل منهن، ليس فقط للراتب الرائع والمستوي المعيشي الجديد وإنما لكونهن جزء من هذا الكيان الضخم الذي يريد النهوض والدفاع عن الطبيعة الأم وحماية الكوكب من الملوثات.
انفتحت الأبواب وسرن جميعا نحوها وهن مبتسمات.
***
استيقظت الصغيرة وهي مذعورة بمشفي متهالك يعج بالمصابين، تنطفئ الأضواء كل عده دقائق والصراخ والعويل في كل مكان، بكت بشدة حتى تشنج جسدها من كثرة البكاء تبحث في وجوه الجميع عن والدها أو والدتها أو جدتها لا أحد أبدا مما تعرفه هنا كلهم متشابهين وجوههم مضجرة بالدماء أو عليها كمامة بيضاء، أخيرا انتبهت لها إحدى الممرضات حملتها وهي تبكي وأشارت لشاب بأن يمسك بها، صرخت الممرضة من خلف كمامتها:_ أمسكها جيدا علي بتقطيب الجرح أعلي كتفها ولا يوجد هنا أي مخدر.
عارض الشاب:_ أنها صغيرة للغاية ولن تتحمل. قالها وهو يصرخ عليها كي تستطيع سماعه.
صرخت عليه هي الأخرى:_ هذه أخر أبره لدي لا وقت أضيعه سوف يستمر نزيف كتفها وحالتها سوف تسوء.
هز الشاب رأسه في آسي وحاول التحدث معها، أقترب من أذنها:_ حسنا اهدئي قليلا يا صغيرة هذا لمصلحتك الخاصة.
أحكم قبضته عليها وهي كانت تبكي بالأساس، بدأت بالصراخ حينما طهرت الممرضة جرحها وأثناء ما كانت تقطب لها الغرزة الثانية غابت عن الوعي مرة أخرى.
_ استيقظت مرة أخرى لا تعلم لكم من الوقت كانت غائبة عن الوعي، نظرت في الوجوه البائسة حاولها حوالي الثلاثين طفل يجلسون في صندوق سيارة متهرئة علامات البؤس والشقاء طبعت علي جبين كل منهم وهي الأخرى مثلهم تشعر بجوع شديد يلوك معدتها فأخر شيء تتذكره ذهابها مع والدها لإحضار الفطور ومنذ ذلك الوقت لم تري أحد من عائلتها.
بعد ساعة أخرى من الاهتزاز والارتجاج في تلك السيارة وصلت السيارة إلي وجهتها بينما الصغيرة المذعورة ومن معها لم يعلموا أبدا وجهتهم.
أنزلوهم طفل تلو الأخر وحثوهم علي التحرك بسرعة كانوا عنيفين معهم ودلفوا جميعا إلي حديقة مهجورة لا يوجد بها سوي الرمال وعده العاب صدئة، استقبلهم رجل ضخم البنية سمين للغاية وبفمه سيجارة تفحصهم جميعا بنظرة ثم أشار إلي قائد العربة بقرف بأنه استلمهم وصرخ بهم.
:_ ادلفوا إلي الداخل أيها البلهاء إلي ما تحدقون؟!.
انكمشت علي نفسها كثيرا وتقدمت مع الأطفال إلي داخل تلك الدار البائسة، ليبدأ الجحيم الحقيقي!.
***
عاتبها زوجها للمرة المليون تقريبا خلال أسبوعين!.
:_ إيمان عليكِ بالعمل بجد.. أعطيهم ما يريدون .. سوف نهلك إذا عدنا إلي ذلك المخيم، أنظري حولك أنظري إلي المنزل الرائع الذي نسكن به.
وأشار علي منزل رائع به كل ما هو حديث مكون من ثلاث غرف نوم وردهة وحمام بغرفة النوم الرئيسة وأخر بجوار الردهة، الشقة معده ومجهزة بأحدث الأجهزة والأثاث لا يوجد بها مطبخ وعندما سأل مراد بعجب المضيفة التي استقبلتهم في الشقة:_ لا يوجد مطبخ؟!.
ابتسمت بدماثة:_ الوجبة الرئيسة يتناولها الجميع في قاعة الطعام أما الفطور والعشاء سوف يأتي إلي هنا وخدمه الغرف سوف تعتني بالشقة لا نريد أي شيء يشغل بال الدكتورة إيمان سوي أبحاثها وقضاء وقت ممتع مع عائلتها.
تحدثت بعذاب بالغ:_ لا أستطيع مراد لا أستطيع، ألا تفهم؟! لا أري سوي صورتها في مخيلتي لا شيء أخر تري ما حالها أنا مجرد وغده لعينة تركت والدتها في الجحيم كيف تريد لي أن أهدأ، أو أفكر بشيء أخر؟!.
لقد كانوا رائعين معها منذ أن وصلوا عندما ركبوا الطيارة من الأردن إلي ألمانيا نزلوا ثم ركبوا مروحية أخرى وإن كانت أكبر من تلك التي خرجوا بها من المخيم، ناولتهم يارا العصير والظلام كان دامس لم يعلموا في أي مكان هم، ولكن الجميع أستيقظ في اليوم الذي يليه في قاعدة طائرات وهم مثبتين في كراسيهم بأحزمة الأمان ليجدوا يارا تبتسم لهم بإشراق.
:_ صباح الخير لقد وصلنا إلي مقر المنظمة.
نزلوا مترنحين وتسألت هي كثيرا كيف نامت بكل تلك البساطة طوال هذه المدة؟ كيف كفت عن البكاء ونامت؟!، وعند إذا وصلوا إلي مبني بسيارة كهربية صغيرة.
:_ هذا هو المبني الرئيسي.
قالتها يارا بحماسة شديدة وهي تشير إلي كل شيء حولها
:_ كل شيء هنا يسير بالطاقة النظيفة وغمزت لهم بمرح:_ يجب أن نبدأ بأنفسنا.
دلفوا إلي مبني رائع ومهيب يلمع بشدة من كل جانب حتى الحوائط خاصته كانت تلمع بدرجه لمعان الأرضيات بالغة النظافة! وركبوا مصعد زجاجي كبير ولكن بدلا من الصعود إلي الأعلى، نزل بهم المصعد إلي الأسفل إلي خمس طوابق في القسم "ب" تحديدا .
اعتذرت منهم يارا:_ أعلم أن الرحلة شاقة للغاية لكن هذا الإجراء لا مفر منه لن يستغرق سوي عشرة دقائق.
دلفوا إلي عيادة طبية كبيرة، اللون الأبيض يشع من كل مكان وكل فرد منهم التف حوله ثلاثة أطباء يجرون لهم التحاليل ويعاينوهم باهتمام كبير وبالفعل بعد عشرة دقائق كان أنتهي الفحص وصعدوا بعد ذلك عشرة طوابق بالمصعد ووصلوا إلي تلك الشقة الرائعة التي يقطنون بها الآن.
تحاول أن تتقبل عطاياهم هذه كلها وعروضهم التي لا تنتهي كي تذهب إلي مركز التجميل الخاص بالنساء في المنظمة وبأن تخرج لتندمج مع زملائها وأن تبدأ أبحاثها.
لكن كيف ووالدتها بالجحيم المستعر؟!، ورد اتصال علي الجهاز اللوحي خاصتها الذي سُلم إليها أجابت بلهفة عل يارا تخبرها بشيء ما هذه المرة:_ دكتورة إيمان هناك من يود التحدث إليك.
وعندما تحركت بالكاميرا إلي وجه والدتها شهقت تبكي غير مصدقة أبدا التف زوجها وفتياتها حول الجهاز يتحدثن إلي جدتهن:_ أمي أنت علي قيد الحياة!، حمدا لله حمدا لله.
بكت والدتها من الفرحة هي الأخرى وهي تري ابنتها وأحفادها أخيرا بعد افتراقهم لشهور بدت كسنوات طويلة لعينة.
تحدثت يارا:_ نحن نتحرك إلي مطار الأردن الآن وبعد غد عصرا سوف نصل إلي المقر، والدتك بخير دكتورة وما إن نصل سوف يهتم فريق المنظمة الطبي بصحتها.
شكرتها بلهفة شديدة والدموع تغرق وجهها:_ شكرا لكي يارا أقسم أني لو أخذت أشكرك لألف عام لن يكفي أبدا.
بابتسامتها المشرقة:_ هذا عملي دكتورة، ودعا.
سجدت علي الأرض تشكر ربها وهي تبكي بشدة من الفرح، ضمها زوجها وابنتيها وهم دامعين الأعين لفرحتهم بإيجاد جدتهم، نظرت حولها غير مصدقة روعة المنزل التي تقطن فيه وأخيرا رأته بعينها وقلبها وما هي إلا دقائق قليله بعد أن استوعبت كل شيء حتى ارتدت سترتها وعقدت شعرها في كعكه أعلي رأسها وارتدت النظارة التي استلمتها مؤخرا.
:_ مراد انتبه علي الفتيات.
سألها بدهشة:_ إلي أين إيمان؟!.
ابتسمت له:_ إلي المكتبة.
وانطلقت وكلها أمل تنوي رد الجميل إلي المنظمة والبشرية كلها.
***
سحب أشرف نفس عميق للغاية بعد أن دلف إلي المطار ودع عائلته والقي نظرة أخيرة علي بلده يعلم الله كم فراقها صعب ولكنه يريد لأبحاثه وعلومه أن تري النور، يريد للبشرية كلها أن تستفيد منها، وجد مساعده الذي أعد له كل أوراقه دون أي مجهود يذكر منه مثلما وعدته ماجي يشير له بترحاب شديد وأرشده إلي قاعة خاصة.
دلف إليها وأخذ منه المساعد الحقائب خاصته وانصرف وهو مبتسم، توتر قليلا ثم جلس إلي جوار فتاة تبدوا في نهاية عقدها العشرين نظر إلي القاعة كان بها حوالي خمسين شاب وفتاة يتلفتون بعيونهم في المكان مستغربين عزلهم عن باقي المطار!.
نظر إلي الفتاة إلي جواره قدمها كانت تتحرك بعصبية رغم عنها فسألها كي يزيح القليل من توتره هو الآخر.
:_ أول مره تسافرين خارج البلاد؟!.
التفت له وهزت رأسها موافقة:_ وأنت؟.
هز رأسه هو الأخر موافق ثم مد ذراعه:_ أشرف.
سلمت عليه هي الأخرى:_ لجين.
تنهد قليلا ثم التفت وسألها:_ أنا مسافر إلي ألمانيا وأنت؟.
هزت رأسها:_ إلي ألمانيا.
ابتسم:_ جيد.
دلفت ماجي ونظر الجميع لها بإشراق هذه هي السيدة التي عقدت معهم الاتفاق وقف أشرف لها ولكنه وجد كل من بالقاعة يقف وبدت علي وجوههم علامات الاستفهام وبعد عده ثوان فهم الجميع أنهم هنا لنفس السبب!.
بابتسامة مدروسة وهي تنظر إلي الجميع:_ مرحبا بكم سوف تقلع طائرتنا بعد ربع ساعة، الطائرة خاصة وسوف تتجه مباشرة إلي المقر الرئيسي للمنظمة أتمني لكم رحله سعيدة ومستقبل مشرق.
ومن ثم انطلقت وهم خلفها، انحني أشرف ليسأل لجين:_ ما اختصاصك؟.
:_ أنا طبيبة أورام أرسلت لهم أبحاثي لعلاج نهائي يقضي علي الورم وأنت؟.
:_ أرسلت لهم أبحاثي ومشاريعي حول الطاقة المتجددة وتحليه مياه البحار بأقل التكاليف.
وبعد عده همسات اكتشفوا أنهم جميعا علماء وأطباء ومخترعين، سار الشك بقلوبهم كثيرا فعددهم هائل وابتكارات كل منهم مفيدة للغاية وهامه للبشرية.
ركبوا الطائرة وربطوا أحزمه الأمان وبعد الإقلاع وإزاحة علامة حزام الأمان الخاص بالطائرة وقفت ماجي من جديد كي تحدثهم بثقتها وابتسامتها الودودة عن أهداف المنظمة البيئية التي سوف يعملون بها وأنهم جميعا هنا لنفس السبب إيجاد حلول خلاقة للمشاكل البيئية المحيطة بهم وإنقاذ كوكب الأرض والبشرية من الدمار.
تناولوا وجبتهم والكل يتعرف إلي من يركب إلي جواره فمن الواضح أنهم سوف يعملون معا لمدة طويلة.
لم يشعر أشرف أو لجين التي تجلس إلي جواره بمرور الوقت واستيقظوا علي صوت كابتن الطائرة وهو يخبرهم بوصولهم سالمين إلي المطار الخاص بمقر المنظمة، وصلوا ليلا واستقبلتهم عربات صغيرة أخذتهم إلي المقر الرئيسي، رحبت بهم ماجي مرة أخرى وهي تشير إلي المكان حولها بفخر بالغ.
:_ مرحبا بكم في المقر الرئيسي للمنظمة هنا سوف تجدون المعامل والمختبرات التي بها كل ما تحتاجون إليه، والمنازل أيضا وأشارت إلي الصرح العملاق خلفها:_ العشرين طابق العلويين مخصصين للسكن، والطوابق الأرضية مخصصة للمعامل، أعلم أن الرحلة كانت طويلة وشاقة للغاية ولكن هذا إجراء لابد منه للأسف سوف تفحصون لكن وعد لن يستغرق الأمر أكثر من عشرة دقائق.
ساروا ناحية المصاعد وهم مذهولين بكل ما يحدث معهم ولكن أي من العمال الواقفين رفضوا دخولهم بأي أداه أو جهاز إليكتروني حتى لو كانت ساعة يد عادية!، وبعد الفحص تم اصطحابهم إلي شققهم الخاصة المكونة من غرفة نوم وصالة وحمام أنيق، كل شيء مبهر وجديد واللون المسيطر هو الأبيض بطريقة تريح البال بشكل لا يوصف، ورغم ذلك تأفف الكثير منهم يريدون هواتفهم وحواسيبهم كي يطمئنوا عائلاتهم علي وصولهم.
دقت الأبواب خاصتهم ودلفت فتاة آسيوية تحي عملائها باحترام وهي تنحني لهم ومن ثم مدت كل منهم بحاسوب وجهاز لوحي وسط اندهاش الجميع من تلك العطايا والإجراءات!.
اعترضت لجين والباقي مثلها:_ ولكن أين حاسوبي وهاتفي الخاص!.
أحنت الفتاة رأسها بأدب مبالغ فيه:_ يمكنك استلامهم بالغد ليلة سعيدة.
ولكن ما حدث هو أنه سُمح لهم بنقل البيانات فقط خاصتهم ولم يسمح لهم باستخدام أي جهاز سوي أجهزة المنظمة التي تبدو غريبة فهي تحمل شعار المنظمة ولا تحمل شعار لأي ماركة تكنولوجية يعرفوها!.
***
بمكتب أنيق للغاية بالطابق الأول من مبني المنظمة صدر صوت رخيم من رجل في بداية الخمسينات من عمرة له هيبة ووقار غير عادي حباه الله الفطنة والذكاء والعلم وتوج مواهبه بالسلطة أخيرا
:_ رائع ماجي لقد تفوقتِ علي نفسك هذه المرة كل هذا العدد وفي عشرة أيام فقط، وأعطاها تقرير أسعدها كثيرا وأردف
:_ الرئيس سعيد جدا بقدرتك الهائلة علي اكتشاف المواهب وإقناعها.
سألت بلهفة رغم أنه مديرها:_ ألن يسمح لي بمقابلته بعد؟!.
ابتسم بدماثة:_ كل شيء بميعاده ماجي والآن سوف أسمح لكي بالراحة لمدة يومين لقد أرسلت مسبقا ملفات الأشخاص الذين نرغب بانضمامهم إلينا وعليك بإجراء بحوثك الخاصة أيضا.
وقفت وشكرته وذهبت إلي غرفتها كي تستريح قليلا بعد كل هذا العمل الشاق.
***
تعجب أندرو من كل شيء حوله هناك طابق كامل من مبني المنظمة يحتوي علي حاسوب عملاق، هو المتحذلق دائما كان يسير وفاه فارغ من الدهشة لروعة ما يبصره من عجائب في هذا المكان، سارت مرشدته أمامه وهي تراقب دهشته الشديدة من المكان وتجهيزاته.
توقع أن يصدر حذائها العالي صوت رنان علي تلك الأرضية اللامعة فنظر إلي ساقيها بعبث وقال ببلاهة
:_ أين حذائك العالي؟.
ضحكت بمكر وتحدثت بصوت أشبه بالهمس
:_ يمنع ارتداءه بأي مكان في المنظمة كي لا يتشتت انتباه أحد.
اللعنة هؤلاء الناس يهتمون بأدق التفاصيل ولكنه لا يعمل هكذا، لا يمكنه الجلوس خلف مكتب وإتباع الأوامر .. لقد خلقت روحه للعبث والتمرد!.
خرج من القاعة التي يقبع خلفها الحاسوب العملاق بالطبع لم يدلف لها ولكنه كان يسير بمحاذاتها ويراقب كل شيء من خلف زجاج سميك، وبعد الجولة أخذته إلي مقر عمله حيث وجد الكثير من الشباب الذي يبدو عليهم الجنون المطلق مثله تماما، تطبع أصابعهم بجنون علي أزرار الحواسيب الأنيقة تلك ولم ينتبه أي منهم إلي الحسناء التي دلفت إلي القاعة أشارت إلي مكتب لا بأس به وعلي حاسوب وعدة أدوات
:_ مكتبك أتمني أن تسعد معنا.
جلس بعبث ودار بالكرسي عده مرات وتمتم دون اهتمام
:_ حسنا لا أظن أن هذا الأمر قد ينجح أنا لا أفعل هذا، لا أتبع القواعد مطلقا.
وصفق بيديه وهو آسف أسف مزيف، سحبت نفس عميق و لم تمحي ابتسامتها بعد فقد تدربت مطولا علي الصبر والتمرد هذه هي وظيفتها انحنت أمامه وهو علي الكرسي:_ سيد أندرو.
قاطعها بابتسامه عابثة:_ أندرو فقد ولكي أنتِ يا حلوتي أندي أو أي شيء تريدينه يمكنني أن أكونه علي الفور.
رفعت حاجبها وضحكت لعبثه:_ حسنا لقد سويت أمورك بالعاصمة بأعجوبة لقد كنت واقع بمشكلات كبيرة وأنت تعلم هذا، ديون، نقود مسروقة، والهروب الدائم، بينما هنا..
وأشارت بفخر علي القاعة العملاقة المملوءة بالحواسيب.
:_ المستقبل بين يديك، لتفعل ما تريد وقتما تريد ولكن للأسف سوف تتبع قواعد المنظمة، حتى العبث هنا بنظام.
أمسك بحافة مكتبه وسحب نفسه وهو جالس علي الكرسي بعنف وبدأ بفتح الحاسوب القابع أمامه وضرب بسرعة رهيبة عده أزارا وأخرج علكه من جيبه وأخذ يمضغها بسرعة هي الأخرى، ظن أنه سوف يسقط الجدار الناري الخاص بالمنظمة بكل سهولة مثلما أعتاد أن يفعل ولكنه لم يسقط ووجد الأمر صعب وهو يعشق التحدي، أقترب أكثر من الجهاز ويده بدأت تصيبها الحمي مثل أقرانه يضرب بكل قوته يريد فك شفرة الجدار الناري ومرشدته خلفه تبتسم في ثقة كل من بالقاعة حاولوا وكل من بالقاعة فشلوا، بدأت الخيبة تظهر علي وجهه وهو غير مصدق أنه يتعرض لمثل هذه الهزيمة النكراء من أول جولة انحنت وربتت علي كتفه وتمتمت
:_ كل من بالقاعة حاولوا وفشلوا أعلم أنك كنت تظن نفسك معلم ولكنك هنا مجرد تلميذ مبتدأ مرحبا بك في أول حصة.
رفعت رأسها لتقول بثقة وصوت هادئ:_ لنرحب بزميلنا الجديد شباب.
تمتم بعضهم بكلمات واهية لم يفهم منها أندرو شيء ثم عاد إلي طباعته المحمومة أمام الجهاز والآخرون لم يكلفوا نفسهم العناء حتى بقول أي جمله خرقاء، انحنت مرة أخرى لتهمس بالكلمة التي تصيبهم بالجنون التام في كل مرة
:_ بالمناسبة الحاسوب الذي رأيته بالأسفل ليس بالحاسوب المركزي.
:_ اللعنة علي هذا!!.
ونظر حوله غير مصدق روعة هذا المكان هز رأسه بحماسة شديدة:_ أنا معكم.
واتبعها إلي أخر الرواق كي يحصل علي أولي مهامه وإرشادات القيام بها.
***
السنغال.
وصلت الجموع الغفيرة إلي عربة المساعدات تريد الحصول علي أي طعام أو دواء، نزلت إيما هي الأخرى بأمل كبير من السيارة سوف تبدأ مهنتها اليوم كل تلك التدريبات سوف تأتي بثمارها، هي اختارت أن تأتي هنا أن تبدأ مع العمال، فالمنظمة تحتاج إلي عمال وبناءون لبناء اختراعات المواهب المستكشفة.
انتهت المؤن وللأسف لم يحصل الجميع علي الطعام، وعاد البعض خالي الوفاض، تحدثت إيما إلي شيخ كبير يحترمه الجميع وتحدثت معه باللغة الفرنسية وفهم عليها قليلا وتأسفت علي اللغة "الوُلوفية" التي تعلمتها طيلة الشهور الماضية، لأنه ورغم أن الفرنسية هي اللغة الرسمية في السنغال إلا أن اللغة الولوفية هي أكثر اللغات المتعارف عليها، ولكن عندما أشار لها إلي عده رجال يظهر البؤس بوضوح عليهم يقفون إلي جوار جدار مهدم سرها التحدث معهم باللغة الأصلية.
عرضت عليهم هجرة شرعية وهو أمر محال بالنسبة لقاطني هذا المكان ويمكن للمرء اصطحاب زوجته للعمل معه وأطفاله ولكن لا يسمح بأخذ من لديه أكثر من طفلين، قله قليلة للغاية كانت محظوظة فالإنجاب هناك يكون بكثرة رغم ضيق المعيشة والأحوال ولكن هذا هو المتعارف عليه، والكثير من الشباب والرجال تهافتوا لتقديم أسمائهم وكل من تم فحصه وتأكد خلوة من أي أمراض فيروسية تم إخراج جواز سفر له ولزوجته وطفليه إن كان محظوظ كفاية ولا يملك سوي طفلين!، وانطلقوا بعد أسبوع إلي رحله تتسم بالآدمية شيء افتقدوه منذ زمن واتجهوا إلي مقر المنظمة، ل يتعلموا الزراعة المائية علي الطريقة الحديثة وبناء المنشئات وتركيب الأجهزة.
كان الأمر بمثابة حلم لهم فعمل كل منهم بكل قوته كي لا يخسر تلك الوظيفة الرائعة التي تدر عليه دخل وربح جيد يكفي لإعالته هو وعائلته التي تركها خلفه في السنغال، وبعد مدة دربتهم إيما علي مراسلة أقربائهم و أصدقائهم الأصحاء كي يقنعوهم بالسفر والعمل في المنظمة.
نهاية الفصل.
أنت تقرأ
العادل. بقلم هالة الشاعر
Science Fictionلم تفق وأستمر هو بصفع خدها إلي أن مل!، فذهب إلي المطبخ وأتي بكوب مياه باردة وسكبه علي وجهها بحده فاستيقظت تشهق وكأنها تغرق بالمحيط تحاول جلب الهواء إلي رئتيها ثم التفتت بنظرها في كل مكان مذعورة وما إن وقع نظرها علي ذلك الكائن الهمجي همت بالصراخ علي...