مقدمة
( بسم الله الرحمن الرحيم )
أسير على مقعد اسود في جو ظلامي تحيط بك القيود من كلا الجانبين أمامك شاشة انت راضخٌ لها من حيث كنت تدري او لا تدري تراها نافذة مطلة على العالم تحاول لفت انتباهك لأمور وقضايا لم تكن في الحسبان تجعلك تتأكد من أن العالم قرية صغيرة رغم حجمه !! تلقي اليك أفكار ستعتاد عليها فيما بعد وقد تتضامن وتتعاطف معها الى حد كبير .
احداث ، فضائح ، تزيين ، غطرسة ، رياء كل ما هو موجود ورغم كونه ظاهرة بسيطة او حتى نادرة الوجود لا تعدو ان تكون حدث يستوجب كل هذا الضخ الإعلامي الكبير يهول منها ويتساهل في مسائل قد يضن المتابع انه حدوثها امر عادي ولا يحاسب عليه رغم انه يعلم بانها خطا من حيث الفكرة والمضمون وقد يحدث امر مستجد فترى الهالة الإعلامية الضخمة تروج له كانه حادث طبيعي وروتين أعتاد الناس على سماعه الا ان الحقيقة دائماً مختلفة حتى في البشر نفسه. لو نظرت إلى نفسك ماذا يمكن ان ترى ؟
سيجيبُ اغلبكم بصورة شبه مبالغ بها مثال : لو سألك انسان يميل إلى المال ما هو وضعك المادي؟ ستجيب الحمد لله على ما يرام وقد تتطرق إلى أمور بسيطة أملاً في استمالته او تقريبه مثل لدي هاتف ايفون اخر اصدار او ان داري يقع في كذا وكذا وفيه كذا وكذا رغم انك تعلم جيداً انك فقير الحال لا تكاد تصل إلى درجة الاكتفاء وقد تصادف شخص مثقف وقارئ فتخوض معه حديث من نسج خيالك حتى لا يقال عنك جاهل فتحدثه بأنك قارئ وقد قرأت كذا كتاب وتشرح وتنتقد وكل ما قلته ما هو إلا ما سمعته من فلان وفلان وما لك به من علم الا اتباع الضن .المقصود مما تقدم هو انك تخفي الحقيقة املاً في كسب امر معين تجد في نفسك حاجة له مثل الشهرة المال الثقافة وحتى الاخلاق وكل ما من شأنه ان يجعلك انسان مرموق وسط المجتمع فكم من رجل ادعى التدين والأخلاق والمثالية لكنه كان يتستر بها وكم من موضف ادعى النزاهة والعمل الدؤوب لكنه فاسد ومرتشي وكم من انسان انتحل صفة او تقمص دور غيره املاً في تحقيق مرامه بالإضافة إلى ما هو اسوء أنك تظهر المحاسن دون العيوب !! وهذه معضلة كبيرة.
كذلك الإعلام يهتم لكسب عدد اكبر من الجمهور من خلال استهداف طبقات عدة في المجتمع حتى تتسع قاعدته الجماهيرية وعندما يضل الى الكم الكافي من الجمهور يحصل بالمقابل على منافع عدة حتى وان كانت على حساب الآخرين مثل شهرة القناة و الأرباح المالية من الاعلانات والمسلسلات والبرامج والتي بدورها توجه الأفكار التي يؤمن بها صاحب القناة او من يديرها في الظاهر او الخفاء
لكن كل ما تم ذكره أعلاه ليس خطراً بشكل او بآخر رغم انه يتم استغلالك بصورة او بأخرى حيث يدعم توجهك وفكرك لكنه لا يؤمن به اصلاً ؟
الكارثة تكمن في المادة الإعلامية والمحتوى وما يتضمنه وكيف يؤثر على قراراتك ونظرتك الاشياء ومذاك في توجهك وسنتناول كل هذاه التفاصيل على حدى في هذه الكتاب الذي استقي ما فيه من تجارب شخصية ومصادر علمية وكذلك دراسة مطولة في مختلف العلوم الاجتماعية والسياسية.
أنت تقرأ
صناعة الوهم
Non-Fictionيتناول الكتاب الاثر النفسي والخطر الاجتماعي الذي من الممكن ان يسببه الاعلام الموازي وخطورة الأفكار على الشباب والمراهقين ونقل عادات وتقاليد مجتمعات لطالما توجسنا حذراً منها لمنافاتها القيم والمبادئ السامية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية