دخل علي إلى الغرفة بعد مضي ساعة، كانت نازلي جالسة على طرف السرير، تتصفح هاتفها بصمت. بدت ملامحها غير مبالية، لكن علي، الذي يعرف تفاصيل وجهها جيدًا، لمح الضيق في عينيها.
اقترب منها بهدوء، وقال بنبرة مرحة تخفي قلقه:
— "لماذا لم تتفقدي الأغراض التي أحضرتها؟"
رفعت رأسها نحوه، ثم نظرت إلى الهاتف من جديد، وأجابت بجملة مقتضبة وبنبرة ممتعضة:
— "مكروه."
تجمد لثوانٍ، ثم انفجر ضاحكًا، غير مصدّق:
— "مكروه؟! هل ليان هنا أم أنني مشوش؟ يبدو أن العدوى انتقلت إليكِ."
اقترب منها أكثر، جلس على الكرسي المجاور، وما زال يضحك، وقال:
— "لا بد أنكما تشكلان تحالفًا ضدي، واحدة صغيرة تؤنبني، والأخرى تقلدها!"
لم تجبه، واكتفت بالصمت، لكن غضبها بدأ يذوب تحت وقع ضحكته الخفيفة.
عاد بنبرته الجادة قليلًا، وقال بلطف وهو ينظر في عينيها:
— "أعلم أنكِ تضايقتِ من مسألة الكلب… لكن دعيني أوضح لكِ شيئًا: لم أتركه في الشارع، ولم أتجاهل رغبته في الأمان."
سكت لحظة ثم تابع:
— "أخذته إلى صديق لي، طبيب بيطري. لديه عيادة ممتازة، وهو يحب الحيوانات كثيرًا. الكلب كان مريضًا، ويحتاج إلى رعاية طبية… وأنا لم أرد أن أحمّلك مسؤولية جديدة، خاصة وأنتِ بالكاد استعدتِ عافيتك."
ظلّت نازلي صامتة، لكن ملامحها بدأت تليِن، وانخفض الهاتف من يدها تدريجيًا.
قالت بصوت منخفض، دون أن تنظر إليه مباشرة:
— "لكنه كان ينظر إليّ وكأنه يعرفني… كأنه محتاج إليّ."
اقترب أكثر، جلس إلى جانبها على السرير، ومدّ يده ليمسك أطراف أصابعها بلطف وقال:
— "أعلم جيدًا كيف يشعر قلبكِ، ولكن ثقي بي، هناك سيكون بأمان… وسيحظى بالعناية التي يستحقها."
تنهّدت نازلي، ورفعت عينيها إليه، لم تبتسم، لكنها لم تسحب يدها، وهذا وحده كان كافيًا.
قال علي وهو يخرج هاتفه:
— "أخذت له بعض الصور… سأريكِ إياها، حتى تطمئني."
جلسا يتصفحان الصور سويًا، وفي كل صورة، كان تعليق صغير يخرج من فمه يبعث على الضحك. وأخيرًا، انفجرت نازلي ضاحكة، وانقشع الضيق من قلبها، كما تنقشع الغيوم من السماء.
قال علي مبتسمًا:
— "هل نحن بخير الآن؟"
أومأت برأسها، وهمست:
— "نعم… فقط لا تفعلها مرة أخرى."
فقال مازحًا:
— "وإن فعلت، سأحضر لكِ كوبًا جديدًا من تلك التي تعشقينها."
