١٩: النصف

5.9K 478 436
                                    



فجأةً أحس بأنني لم أكُن يقظاً في حياتي قط، كأنني كنتُ أرى الأشياء أمامَ عيناي تماماً ومع ذلك محجوب عني رؤيتها حقاً

هل هو غباء؟ لماذا عقلي بكل هذه السذاجة؟

كل هذه التساؤلات، كل هذا القلق الذي لا أعي أنهُ بي حتى الآن، لا يعرفُ حلّاً غيره

وجهُكَ شديد الغموض
قلت أحدق باستسلام فيه بعد صمتٍ طويل وهو يمشُط خصل شعره المبتلة، انتشرت رائحة المسكِ أكثر، ولوهلةٍ من التعب أغمضتُ عيناي

رائحتُك، أتدّعي أنها تعرفُ قلبي إلى هذا الحد؟
إذا لم تكُن فلماذا.. أشعُر بالفتقِ في صدري؟
كأنّ الأمرَ يسرني حدّ الوجع.

وماذا عن يداي؟
عابثاً، ينظر من خلال المرآة نحو جسدي المهزول فوقَ الأريكة.

يبتسم فيزداد الغُموض في ملامحه أكثر

أحدّق أكثر فيه، إلى يديه وحدة البهاء فيهما

أعرف رغم جهلي بالكثير ما تصنع يديه، وذلك ما يحيّر تساؤلاتي، هل هو يرطّبها في سحرٍ جميل، وإلا كيف مثلاً يكون كامل المظهر هكذا؟ أو كيف حينَ يلمسني أحس بأنني أغوصُ في عُمقٍ من الراحة؟

أوه يديك؟ أخبرني أنت ما تفعل، أتقتُل بها أم تفتِن
ومن جديد ملامحه تعود للهدوء، جيد يفهم الآن بأنني أريده أن يقول دون الكثير من المماطلة

حين استحممت فكرتُ كثيراً إذا أردت الصدق، تعلم مالذي سيطرَ على ذهني؟
رفعتُ حاجبي الأيسر كإجابة له

لماذا أُخبرك؟ أعني من أنتَ حقاً لأُخبرك أموراً ظللت أصمتُ عنها لأعوام؟
شيءٌ بي خبأته بيني وبيني، لماذا أخبرك به؟
مالذي يقوله الملعون، هو هو يبحثُ عن غضبي الآن؟

لأنني سأقتلك رُبما

و رُبما لن تستطيع أن تفعل
قطبتُ حاجباي باستياء حتى شعرتُ بأصابعي تطرُقُ طرف الأريكة باستمرار ولم أصبر أكثر، استقمت سريعاً أتقدم كثيراً من بلادة محياه

إذن سأكتشف ذلك رغماً عن أنفك وسأفسدُ ما تفعله أيها الملعون الصغير
رفع شفتيه ببطءٍ يمزّق صبري أكثر، و راح بكل هدوء يرتدي خاتمه الأسود

ثأرُ الرِّياحْ|TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن