.
.
عادوا إلى البناء بعد أن دفنوا جثة زين في أحد الأماكن القريبة، كل واحد منهم اتخذ من غرفته ملجأً ليفرغ حزنه فيها.جواد يجلس على الكرسي في غرفته هوَ وتوأمه، يرفع قدميه ضامًا إياها لصدره بينما يحيطهما بذراعيه مخفيًا وجهه بينهما.
شهقات خافتة هيَ ما كانت تظهر منه بين الحين والآخر بينما جهاد مستلقي على السرير تحت الغطاء ليرفعه عن وجهه قليلًا ثم ينظر نحو توأمه بحزن.
لن تجدي المواساة نفعًا بعدما حصل؛ لذا كل واحد منهم ترك الآخر، رفع جواد رأسه ببطء ونظره مثبّت للأمام، جفنيه محمرّان من شدة البكاء، بينما يشهق بخفة كل حين.
نزل عن الكرسي ووقف قرب النافذة التي جاورته فانعكس ظلّه عليها إثر الضوء الخفيف المشغل في الغرفة.
وضع يده على زجاجها الذي أخذت حبّات المطر المتسارعة تنزلق عنه من الخارج، نظر لانعكاسه حين بان بشكل خفيف فقال بهمس :«لن أسامحك وائل»
أخفض رأسه وابتسم بألم قبل أن يعيد رفعه ويدوي صوت صُراخه العالي والمتألم في الغرفة تزامنًا مع سقوطه على الأرض مما أفزع جهاد الذي أبعد عنه الغطاء بسرعة ونزل عن السرير متجهًا إليه.
وقف خلفه دون فعل شيء فهو يعرف توأمه حين يبكي أو يشعر بالحزن يكره أن يواسيه أحد، ولكنه لا يمانع إن رآه توأمه فقط على هذه الحال.
بقي جواد يبكي وهوَ يغطّي وجهه بكلا كفيه ومن حظه أن الجدران عازلة للصوت لهذا يمكنه الصراخ كما يشاء دون أن يسمعه من في الخارج.
إنفطر قلب جهاد عليه إلا أنه فضّل الوقوف وعدم الإقتراب منه، سينتظره حتى يهدأ.
وقف جواد من مكانه بعد شهقة صَمَتَ بعدها فجأة ثم سار متجاوزًا توأمه وارتمى على سريره بانهيار.
أخفض جهاد رأسه وهمس يحاول كتم حزنه :«زين.. حقًا، لقد أثّر رحيلك على الجميع»
***
مروان ورامي كانا يشعران بالحزن الشديد، تذكّرا كم أن زين ساعدهما وكان شخص يحبه الجميع ويعتبرونه أخاهم الأكبر، حتى أسامة ومؤيد بالرغم من أنهم أكبر منه بعامَين.
أسامة ومؤيد فضّلا الصمت فالأجواء لوحدها متوترة فهل يزيداها بتحسّرهما على موت زين؟ هوَ مات وارتاح في الأساس من وائل.
أما في تلك الغرفة المظلمة..
مخفضًا رأسه وخصله الشقراء تغطّي له عينيه، هوَ أكثر من تأذّى بسبب ما حدث قبل ساعات، حتى أنه بات لا يشعر بأطرافه.
أنت تقرأ
من المنتصر؟ | مُكتملة.
Science Fictionتشقق الحاجز الشّفاف في اللحظة التي دوى بها إنفجارٌ بجواره، ثم رفع رأسه ونظر للذي أمامه بعينيه الزرقاوتين اللتان أظلمتا ولم يعد بهما أي ضوء :«أنا.. لم أعد أرغب بشيء» بصوت ميت خالي من الحياة نطق كلمته، ثم اِستدار وسار في طريقه والإنفجارات تدوي من حول...