الفصل السابع: العاصمة دالان.. بداية فصل جديدة في حياتي

99 14 20
                                    

ها هي دالان العاصمة. أخيرًا، وصلنا بعد رحلة سفر طويلة. فور دخولنا في نطاق أسوار العاصمة، أدهشني الاختلاف الجذري بين الأبنية هنا وبين التي في قريتي، والقرى الأخرى التي مررنا بها. حيث تكتظ بالأبنية الحجرية المتراصّة والمتجاورة فيما بينها، بينما كانت بيوتنا الريفية بالقرية مبنية من الخشب ومتفرقة فيما بينها. أظن أن ذلك منطقي، فغالب من يعيش في القرى من رعاة الماشية والمزارعين، حيث يفضّلون العيش بالقرب من منابت أرزاقهم. بالنظر إلى التصميم العمراني من حولي، ألاحظ تشابها ملموسا بينه وبين التصميم العمراني القديم للعصر الفيكتوري للمملكة المتحدة في حياتي السابقة.

بينما كانت الدهشة مرتسمة على مُحياي مما كنت أراه من حولي من عمران وكثرة البشر الذين يجوبون ممرات العاصمة وأزقّتها، لفت انتباهي أمر ما. حيث وقع نظري على شخص غريب المعالم يجوب الأسواق. كان شخصًا ذو بشرة زرقاء وذو آذان طويلة مدببة ومَقْلَة عين سوداء مظلمة، يبرُز من أعلى جبهته قرنان أبيضان، ويخرج من خلفه ذيل رفيع بنهاية مدببة. على الرغم من مظهره الغريب، إلا أنه لم يكن يثير انتباه من حوله. كما لو أنهم معتادون على رؤية أُناس بهذه الصفات. عندها لاحظني نورمان وأنا أحدّق نحو هذا الشخص الغريب، وقال:"هممم؟ يبدو أن هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها فردا من قوم العفاريت".

قوم العفاريت هاه؟ إذن ذاك الشخص ينحدر من ذات العرقية الخاصة بأبولين، ملك قوم العفاريت الذي قام البطل لوثر بدحرِه قبل نحو سبع مئة سنة. تلك مدة طويلة من الزمن، لا عجب إن كانت الخلافات بين العرقيّتين قد تم حلها سلفا.

أتبع نورمان حديثه وقال: "لا يتواجد الكثير من قوم العفاريت في ممالك وارنم، وإن تواجدوا، فغالبا ما يُقيمون في عواصمها". عندها التفتُّ نحو نورمان ووجهت سؤال له: "همم.. هل هناك سبب يمنعهم من الانتشار في أنحاء الممالك؟". توتّر نورمان قليلا من السؤال، أمضى لحظات واضعا يده على ذقنه ثم قال: "حسنا.. كما تعلم.. بسبب تاريخنا القديم مع قوم العفاريت، لا يزال بعض من البشر يمقِتونهم، ويمارسون أفعالا عنصرية تجاههم. على الرغم من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين ممالك وارنوم وامبراطورية سان ميريديا، مسقط رأس قوم العفاريت". هه.. يبدو أن البشر هنا وفي عالمي السابق لا يختلفون كثيرا، فالعنصرية لابد أن تصاب بها المجتمعات ما دام يتخلل تاريخها الحروب والمُناكفات، مهما مر من الزمن والمعاهدات بعدها.

ثم أتبع نورمان حديثه وقال: "لهذا، يفضّلون التواجد في العواصم؛ حيث تُعتبر الشعوب التي تقطن العواصم أكثر تفتّحا وتقبلا لهم، بالإضافة إلى كونها بيئة أكثر أمانا لهم كون حرس العاصمة منتشرون في الأنحاء". في الحقيقة، من خلال سماعي لقصة لوثر في السابق، كنت أظن أن العفاريت قوم متوحشون ومتطشون للدماء. لكن، من خلال رؤيتي لهذا العفريت، على الرغم من اختلاف مظهره الكبير عن البشر، إلا أنه يبدو كسائر البشر وهو يجوب أنحاء السوق في العاصمة.

꧁ العصر الجديد  ꧂حيث تعيش القصص. اكتشف الآن