الفصل السابع عشر

1.4K 130 58
                                    

الفصل السابع عشر

كاد أن يخرج من هذا الكافيه الذي اعتاد أن يشرب فيه فنجال قهوته كل يوم حين اصطدم بأحدهم، تراجع معتذراً فاتسعت عيناه بصدمة وهو يراها أمامه، جميلة كاشراقة صباح مفعم بالأمل، طالعته بعيون تتشرب من ملامحه فبادلها النظرات عله يصل حد الارتواء فقد تاق إليها بقوة حتي أنه دوماً كان يشعر بشيء ينقصه، وكأن هناك فراغ بداخله لم يكتمل حتي التقاها، تسلل صوتها الرقيق إلي مسامعه فشعر بأوتار قلبه تعزف لحن جميل أطربه:
_ازيك ياكرم، أخبارك إيه؟

_أنا كويس، مش مصدق عينيا انتِ نزلتي مصر امتي؟

_من شهرين تقريباً، أول ماخدت الشهادة، انت كنت ماشي؟

_انتِ عايزاني أمشي؟

_لو وراك حاجة أكيد مش هعطلك عنها.

أسرع يقول:
_مفيش ورايا حاجة، تسمحيلي أعزمك علي فنجان قهوة.

هزت رأسها ايجاباً فأفسح لها الطريق لتتقدمه إلي الداخل يتبعها وهو لا يصدق أنها هنا أمامه من جديد، يدرك أنه القدر، لم يشأ أن يحرمه من عشق أدرك الآن أنه يحتل كل ذرة في الكيان.
ناداه عقله..
انتبه.. لا تستسلم لمشاعرك.. ماذا عن زوجتك؟
فأجاب قلبه..
أي زوجة هذه؟ من أشعر معها بغربة وكأنني مازلت خارج الوطن؟ هل أضحي بقلب ألفت وجوده حدي وأشعرني بأنني أحيا من أجل بيت بارد الجنبات؟ لا سأدع قلبي يقودني وان كان قدري مع هذه الفتاة سأستسلم له.. دون مقاومة.

____________________

قالت فاتن بأسف:
_زي ماسمعتي ياغادة، الأستاذ سافر الأقصر وخطب بنت عمه والخبر نازل في كل الجرايد تقدري تتأكدي لو مش مصدقاني، الظاهر انه فضل الفلوس علي الحب أصل عمه من أغني أغنياء الأقصر.

شعرت غادة بأن قلبها يتحطم بقوة، لم تشعر قط بهذا الألم في حياتها ولا حتي حين كان والدها يهينها أو يضربها، إنه ألم من نوع آخر نتج عن الخذلان، كان خطأها الكبير أن تركت قلبها يحب حتي صار خطأ كهذا مصدر لحزن دائم، لقد داومت منذ رحيل أخيها علي إدراك أن كل شيء تحبه إلي زوال حتي لا يصيبها جرح الفقد مجدداً، إذاً لم تشعر الآن بقلب يتألم وبوجع لا يحتمل؟ ربما لإن سكين الغدر تقتل مهما انتظرنا ألمها وتوقعناه ..ولكنها ليست ضعيفة ليقتلها الغدر، هي أقوي مما يظن الجميع، ستعافر حتي تبعد عنها الألم، ستعتزل الحب وستركز بالعمل، ستشرق شمس صباحها من جديد فلا رجل يستحق أن تموت كمداً حزناً عليه.. تركت فاتن دون كلمة ومشت باتجاه بوابة الجامعة تخفي عبرات استقرت بمقلتيها خلف نظارتها الشمسية، لم تستجب لنداء صديقتها ولكن استوقفها صوته هو.. استدارت بجمود تطالعه بصمت، بادرها علي الفور قائلاً:
_أنا آسف ياغادة بالنيابة عن حسام، صدقيني أنا اتفاجئت بالخبر، لو حابة أكلمه.....

قاطعته قائلة ببرود:
_متشكرة قوي يادكتور صلاح، الظاهر ان حضرتك معرفتنيش كفاية عشان تكون متأكد اني مستحيل آآمن تاني لواحد غدر بيا وخلف وعده معايا عشان أي سبب شافه يمنع ارتباطنا.. هو اعتبر مشاعر حضرتك ناحيتي تمنع جوازنا بس متأكدة ان ده كان سبب بيقنع بيه ضميره عشان يرضي والدته ويتجوز بنت عمه، تعرف غلطتي كانت ايه؟ اني سمحت لقلبي يضعف بس وعد مني مش هكررها تاني، انت انسان نبيل يادكتور ومقدرة مشاعرك ورغبتك في انك تسعدني حتي لو علي حساب نفسك بس الحقيقة ان سعادتي عمرها ماهتكون في راجل.. قول لحسام مبروك واسمحلي أمشي لان حتي الجامعة دي مبقاش ليا مكان فيها.

انشق قلب القمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن