ماما... ماما أسرعي هناك أشخاص جدد، سيصبحون جيراننا... أين أنتِ؟
صرخت تلك الفتاة صاحبة الخمس سنوات وهي تركض بأقدامها الصغيرة في كامل منزلها بحثاً عن والدتها.
- ما الذي حدث يا إبنتي، لمَ تصرخين هكذا؟
قالت والدتها وهي تخرج من المطبخ بينما تمسح بمنديل ورقي يديها المبللتين.
- ماما... هناك من أتى ليسكن في المنزل المجاور لمنزلنا... لقد رأيتهم يُنزلون أشيائهم من الشاحنة.
ردت الصغيرة وهي تلهث مرهقة من الجري بعدما أمسكت بطرفٍ من فستان أمها.
- حقا؟!... لقد أعددت بعض البسكويت لنتشاركه معهم، وفي نفس الوقت نتعرف عليهم ما رأيك؟
تحدثت الكبيرة بينما تبعثر شعر صغيرتها وإبتسامة حنونة زيّنت ملامحها.
- مرحاَ... هيا هيا فل نذهب بسرعة.
صرخت صاحبة الشعر الكستنائي بحماس وهي تسحب يد والدتها نحو الباب.
- عزيزتي إنتظري قليلا حتى أضع البسكويت في الطبق ثم سنذهب.
- ممم... حسنا ماما لكن أسرعي.
قالت وهي تنفخ خديها بإنزعاج طفولي، بينما تقهقه والدتها بخفة على ضرافة إبنتها، لتبتسم الأخرى بخجل ظهر على خديها المتوردين.
.
.
.
.
أذكر أننا ذهبنا بعدها إلى منزلهم وأتذكر أيضا خوفي وخجلي منهم فقد كنت ملتسقة بفستان أمي طول الوقت، كانت والدته لطيفة للغاية أما والده فقد بدى شاحبا جداً والتعب باديٍ على وجهه بينما يحمل الآثاث من الشاحنة ليدخله للمنزل، ولست أدري لما شعرت أنه خائف نوعا ما منا جميعا...
خائف منا نحن البشر!لطالما قالت أمي أنهم انتقلوا إلى هنا من خارج البلد، ولم يكن أحد يعلم شيئا عن مكان نشأتهم، أنهم غامضون بطريقة مريبة جعلت الجميع يخشى الإقتراب منهم، على عكس أسرتنا لقد كان والداي أصدقاء مقربين لهم، لكن علاقتي مع إبنهم "ليو" كانت صداقة غريبة لكن الجميع كان يحسدنا بسببها..
حقا لقد عشت معه لحظات لا تنسى..
.
.
.
- هيا صغيرتي قولي مرحبا.
قالت "آنا" والدة الفتاة صاحبة الأعين العشبية لإبنتها وهي تسحبها من خلفها لتجعلها تقف أمامها مقابلة لذلك الطفل صاحب الشعر القطني الذي يبدو عليه البرود والتكبر رغم صغر سنه.