لَمّا جَفاني الحَبيبُ وَاِمتَنَعَت .. عَنّي الرِسالاتُ مِنهُ وَالخَبَرُ
اِشتَدَّ شَوقي فَكادَ يَقتُلُني .. ذِكرُ حَبيبي وَالهَمُّ وَالفِكَرُ.
-أبو نواس.
من أسمى الصفات التي يمتلكها المرء، هي تمسكه بأخلاقه وأدبه وسط زمن الفتن، لا يلتفت للمهازل حوله، لا يقلد ما يخالف عقيدته ومبادئه التي نشأ عليها.
كان يجلس حمزة في هذا الوقت بغرفته، بيده الهاتف الذي أهداه إليه شقيقه الأكبر تيام ويبدو في حيرةٍ من أمره، هو قد حصل على الرقم الخاص بزميلته في درس اللغة العربية ويريد أن يتصل بها ولكن لا يدري ما الذي سيقوله لها، حسم أمره بالاتصال عليها ووضع الهاتف على أذنه بانتظار أن يسمع صوتها.
مرت دقيقة.. إثنان.. عشرة، ولا يوجد منها رد، رمى بالهاتف في ضيقٍ وجلس يتأفف منزعجًا، هي بالطبع لن ترد على أرقامٍ غريبة، فأمسك بكتابه في مللٍ وعاد للدراسة ولكن ببالٍ منشغل.
كانت سندس تجلس بالصالون تستمع للحوار الجارِ بين تيام وعمر صديقه، تضحك بين الحين والآخر في خفوتٍ عندما يتفوه عمر ببعض الكلمات عن جاره الذي يدعى فرغلي، والذي تشوقت لتراه بقوة.
بدأ يتكلم الشابان عن الشركة والعمل وانشغلت سندس بالتفكير، قفز لذهنها للتو ذكرى أيام الجامعة بعامها الأول، هي متحمسة كثيرًا لترى المعيد علي بالعام الدراسي الجديد؛ فطيلة العام الماضي شعرت بالألفة تجاهه وكم هو لطيفًا.
تذكرت عندما تأخرت عن المحاضرة رغمًا عنها ولم تجد شيئًا لتقوله أو تبرره، وبمجرد أن رأته أدمعت عينيها كطفلة صغيرة مما جعلها تبدو ساذجة وضحك عليها بعض زملائها، وبخهم علي ومنعهم من الحضور هذه المرة، ثم هدأ من روعها وأخبرها بأنه لم يشرح شيئًا بغيابها منتظرًا حضورها.
جميع مواقفه معها تدل على نبله وأنه على خلقٍ، دائمًا تشعر بأنه يصوب عينيه عليها فقط دونًا عن الجميع، كانت تظن أن الأمر يبدو عاديًا ولكن ما جعلها تتأكد بأنه يبادلها هذا الشعور، هو عندما أخبرتها زميلتها بأنها كانت تسأله عن جزءٍ بالمنهج وناداها باسم سندس وليس باسمها.
***
كان يجلس فؤاد أمام التلفاز متمددًا على أريكته، وزينة غادرت غرفتها وجلست أمامه تضع رأسها بين يديها وعقلها يكاد ينفجر من التفكير، بالجامعة، والديون التي لا تعلم كيف ستردها لأصحابها، قطع صمتها فؤاد حينما أضاف مقترحًا
"تيجي نعيش في إسكندرية؟"
اعتدلت له تناظره بحاجبين منعقدين، لم تستعب ما الذي قاله، ظنته يهذي أو يمزح لذلك ردت على سؤاله بسؤالها في دهشة
"نعيش في إسكندرية! طب والديون اللي عليا دي هعمل فيها إيه؟"
"محلولة، عمتك هتدفعهم وأنتِ أول كل شهر ابعتيهم ليها."
أنت تقرأ
قمر والميم دال
Romanceمِن خَيبَتي أَسمَيتُكَ أَمانًا .. وَنَسيتُ بأن الثِقةِ بَينَنا تَنعَدِمَا يَا سَببْ قَهرةِ فُؤادِي وحَسرَتي .. أُذرِفُ كُل يَومٍ بَدلِ الدِّمُوعِ دَمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بدأت في ٢٥ مارس ٢٠٢٢ والنسخة ال...