هذا حدث في الرواية يتكلم عن الحياة في الثكنة، والثكنة تعني مكان فسيح له سقف يعيش في دهاليزه المساكين والطبقة المسحوقة.. واللي بطل الرواية أجبرته الظروف يكون معهم..، أنني قد تكتمت على سرنا الكبير الذي قد أخفيته، ذلك السر الذي لم أرغب حتى في أستذكاره، فقد كانت أحد النساء قد حملت اثناء وجودها في الثكنة، وقد حاربت لأجلها كل الأفوة التي طالبتها بأسقاطها فلا الوقت ولا الظروف مهيأة لأن تولد، وأيضًا لما سيشكله من خطر، لقد كانت الأم في سن السادسة عشر، لذلك حينها قالوا كبار الثكنة بأنها لاتعي ماتفعل، لذا يجب أجبارها على الأجهاض، لكنها كانت تصرخ كلما شاهدتهم مُجتمعين وهم يتهامسون فيما بينهم، وما أن تصرخ حتى يفرقهم صُراخها.. حتى أن أحدهم صرخ فيها... حينما تأتين به سيكون بعد أيام أكبر منك،
تلك المزحة التي قيلت في لحظة من الغضب أضحكتها وأطفاءت فيها نيران خوفها من أن تفقد فلذة كبدها التي لم تراها بعد.. يالها من طفله بالرغم من ماتحمله في أحشائها، ومع مرور الأيام أقتنع أهل الثكنة بأنها قد تكون على صواب، فما المانع من أن يولد صبي في الثكنة؟
صحيح أن كل شيء ضد هذه الفكرة لكنها في كل يوم يكبر فيه الجنين يزداد أقتناعهم بضرورة حياته، فقد قأساهم أن الثكنة تعرف الموت ولم تعرف الميلاد قط، لذا مع مرور الأيام، أصبح الجميع في خدمتها ويسهرون على خدمتها، حتى تداولوا مزحة بأنها أصبحت ملكة الثكنة، وينتظرون ميلاد الطفل الذي سيأتي ليكون ولي العرش، وأصبح موضوع هذه الفتاة والتي تدعى ماريا محور الأهتمام في الثكنة، فلا أحاديث ألا عنها، ولعلي أتذكر أن أحدهم قد قال بملل دعونا الليلة بأن لا نتحدث عن ماريا، وقد أدهشنا ذلك، لكنه أطفاء تلك الدهشة حينما أكمل جملته وهو يبتسم دعونا نتحدث عن ماذا سنسمي المولود، لتنفجر بعد ذلك الكلمات والأسماء، والقاسم المشترك بينها جميعًا بأنها تصفها بحق، فقد كانت الأسماء التي تداولوها أكثر من غيرها فرحة، بهجة.. سعيدة ، تلك الأسماء وأن بدأت في ظاهرها أنها أختيرت لجمالها فقد كان من الواضح أنها كانت كالعزاء لهم، أما ماريا فهيا تبتسم كلما سمعت أحد هذه الأسماء، وتنظر نحو بطنيها البارزه وهي تناديها بآخر أسم قد سمعته من بين الهتاف، وهي تردد أعجبك؟ أم نختار لك غيره؟ ثم وقف أحدهم وطلب من الجميع الهدوء، ليعم الصمت، ويسأل ماذا لو كانت فرحة أو بهجة أو أيًا يكن من هذه الأسماء التي أخترتموها ويظهر في نهاية المطاف بأنه فتى؟ أنكم بذلك تغضبونه فالأطفال حتى وهم بطون أمهاتهم يسترقون السمع لما يقال.. فهو الأن لايعرف ماذا يُريد أن يكون، فأن كان فتى وأنتم تحلمون بأنه فتاة سيكون فتى قد تاة، ضحك البعض حينها لكن ضحكاتهم أختفت سريعًا حينما ظهرت ماريا مُرتاعه وهي تغطي أذنيها وتتحدث للجنين كُن حيثما ماتكون.. سأحبك في كل حالاتك.. أن هنا لتسمع العجب، والأعجب من ذلك أن كل شيء أذا شُرح بالطريقة المُناسبة يصبح مُقنع.. مرت الأشهر على أكتشافنا حمل ماريا، وقد أجدنا كتمانه فلم نكن نعلم ماذا سيكون موقف أهل المدينة لو علموا بأن في الثكنة أصبح الحمل مُباح.. فهو لم يسن قانون لذلك فلم يتجرى أحد من قبل على فعلها، لكن هنا كُن نتعامل بأن الأصل في الأشياء بأن تكون ممنوعة، لذا فضلنا أن نحتفظ بالسر ماريا، ولم يأتي أحد للسؤال عنها، فقد كانت ماريا تعمل لدى رجل في حانة وهي في الخامسة عشرا، وفي أحد الليالي الباردة وهي منهمكة بالعمل.. قد ذهب سيدها إلى الدكان ليجدها لوحدها وهي تغسل المكان، ليغلق الباب خلفه ويناديها نحوه، وقد أتت مُسرعة وهي لم تفهم مايدور بكل براءة، لقد كانت كعصفورًا في قفص تسللت له قطة.. طلب منها حينها بأن تغسل قدميه وأن تغني له، وقد أعتادت فيما مضى على ذلك، وأخذت تغسلها وهي تغني بصوتها العذب، وأصبح يتفحصها بنظرات تملئها الشهوة نحو جسدها النحيل.. لينقض عليها بغته ليختلط صوت صراخها مع صوت الإناء ولتنسكب دموعها مع قطرات الماء، وكلما حاولت مقاومته زاد أصراره وهيجانه، حتى مزق جميع ماترتديه.. ليتركها بعد ذلك ويرتدي ملابسه، ثم يغادر الدكان وقد كانت كجثة ملقاه تزحف حتى خرجت للشارع ليحملها ممن تعرفوا عليها من أصحاب الثكنة ويعيدونها إليها، ذلك الوحش هو من تحمل ماريا جنينه.. فهيا حتى وأن فرحة في جنينها أنها في لحظات تنظر أليها في خطيئة ماكانت تتمنى حدوثها، فهي تحمل الخطيئة معها والتي تذكرها ببشاعة تلك الليلة.. التي أفترسها سيدها ليتركها للموت لكنها هيا تعيش وتحمل الحياة معها. لقد أصبحت أكثر قلقًا مع الأيام خوفًا من أن يأتي سيدها لها ويعلم بأنها تحمل جنينه، لذا كانت تستيقظ وهي تصرخ أرجوك لا تقتله كما قتلتني.. وحتى نُهدي من روعها أوكلنا للبعض حراستها، لكنها كانت تعلم في يقينها بأن لاشيء قادر على حمايتها منه، وتطوع بعض النساء إلى النوم قرب بأب الثكنة، حتى إذا أتى شباب وصبيان المدينة باحثين عن مايسيل له لعابهم ويأخذونه دون عناء خوفًا من دخولهم إلى داخل الثكنة ويفتضح أمر ماريا، وحينما وصلت ماريا للشهر الثامن لحملها تزامن ذلك مع حلول الشتاء، فشتدت البرد وأصبحت الرياح البارده تلج إلى #الثكنة دون أستئذان، فتأهبنا له بإشعال النار في أماكن متفرقة من الثكنة، وتقسمنا حولها لمجموعات، وقد كانت أنا المجموعة التي بها ماريا.