الفصل الاول

424 6 0
                                    


الفصل الأول

تجلس تحت شجرة الزيتون تحتمي بظلها من اشعة الشمس ،تتلاعب بحشائش الأرض بيديها ونسيم الصباح المتأخر يداعب وجهها ويتلاعب بخصلات شعرها الأسود الطويل المنفلتة من رباطها ليبعث السكينة والهدوء في نفسها
عكس الواقف على بعد امتار منها.......وكم تحتاج نفسه للراحة و الهدوء.....
تراقبه منذ ساعة تقريبا ......
منذ مغادرته المائدة بعد خبر عالية المسموم تاركا افطاره بشكل مفاجئ ترافقه نظرات القلق والتساؤل من والدته و الشك من شقيقته
وقد ترافق خروجه المتشنج و دخولها الغرفة
تراقبه في وقفته الجامدة في نفس المكان،
عيناه لا تحيدان عن نفس الاتجاه .....نظرت الى مسار نظراته ....... لاشيء واضح بين الخيالات البعيدة ........
إلا مساحات زراعية خضراء........لكن هي تعلم ان على بعد مئات الأمتار..........
يوجد منزل فدوى.
غير مدرك لكل ما يحيط به من مناظر تأسر قلبها المحب للطبيعة كل مرة تأتي فيها الى زيارة خالها الحبيب وعائلته التي تعتبرها عائلة ثانية بالنسبة لها ،
تلاهت عن النظر اليه بما حولها مساحات شاسعة بألوان زاهية ومبهجة للنفس،
الأخضر الزرعي يغطي الأرض كسجادة منبسطة تحتضن اشجار الليمون، البرتقال، الرمان والزيتون وغيرها من اشجار الفواكه التي حرص خالها على زراعتها منذ اختار هذه الأرض مقرا لعائلته ليبني فيها بيته منذ عشرات السنين .
التفتت خلفها الى المنزل العائلي الكبير بلونه الأبيض يبعث في النفس شعور بالحميمية والدفء ،
لتعود بنظراتها المراقبة اليه من جديد ،
شكوك تراودها ان جموده وسكونه لهما علاقة بفدوى بشكل يتخطى ما تداولته الشائعات التي تتناقلها السن اهل القرية بحماس منذ الصباح ،
نهضت من مكانها نافضة يديها من التراب ،عاقدة العزم على مخاطبته في الموضوع ربما يكون لديه الجواب ..........وآي جواب تراه يكون؟
وقفت على بعد امتار منه
(هل ما سمعته صحيح ؟)
التفت بوجهه بشكل جانبي ناحيتها ليتفحصها بعينيه السوداويين وحاجبيه المتصلين ينعقدان بنظرة تقييميه يتأكد من ان فضولها غلبها كعادتها ،تظن انه لم يفطن لمراقبتها له منذ مدة
ليجيب تساؤلها بأخر بصوت هادئ
(ماذا تقصدين ؟)
لترد عليه بهدوء اكبر
)!(فدوى .
راقبت كيف ابتلع ريقه بسرعة وقد كان رد فعله الوحيد ولم ينبس بنت شفة والتزم الصمت بضع لحظات قبل ان يفاجئها بالقول
(لا أعرف ما علاقتي انا بصحة سؤالك .....)
تحركت بجسدها لتدور وتقف امامه مباشرة على بعد بضعة خطوات منه ليتسنى لها مراقبة ملامحه ،
رفعت وجهها لتنظر الى عينيه مباشرة وتقول بدقة شديدة وهي تتعمد التركيز على كلماتها
(كل العلاقة يا ابن خالي ..... )
لتصمت بضع لحظات تستجمع انفاسها قبل اتخاذ قرارها لتكمل بتركيز اكبر وهي ترفع حاجبها الأيسر
(ام اسميك حبيب فدوى المجهول؟)

توسعت عيناه قليلا دليل مفاجأته بينما تكمل كلامها ( ماقاله الحارس صحيح وفدوى كاذبة)
الى ان صوته حافظ على هدوئه وهو يرد
(لما تظنين ذلك ؟)
لتشتعل شرارة غيظها من بروده وهدوئه .........لتفكر لطالما كنت مراوغا عزيز
(انا لا ظن ،انت اخبرتني )
(ماذا؟)
قالها بسرعة ودون ادراك لتبتسم بشكل جانبي فأخيرا استطاعت كسر قناع الجمود الذي يخاطبها به ولفت انتباهه........نسي انها تربت معه وتحفظ سكناته بشكل كامل .............الى جانب احداث صغيرة حصلت امامها قد لا تكون ذات اهمية حينها جمعها يفشي الكثير
انتبه الى ابتسامتها ليهز برأسه ويشيح بوجهه عنها .
لتعود الى مكانها بجانبه وتسأله مجددا بعد ان حققت ما ارادت ،
(هل تتذكر عزيز .......عندما كنا نتسامر ليلا تحت النجوم ،لطالما التجأت لي دون الباقين عندما تحتاج لمن تخبره بمغامراتك ......)
(صحيح ......لأنك تجدين الاصغاء دون اصدار الأحكام ......لكن الأمر هذه المرة مختلف ......انا اخشى ان اخيب املك )
(دعني انا اقرر........... ما رأيك تبدأ من البداية .... )
رفع يديه ليمسح وجهه ويزفر انفاسه بصوت مسموع ... الصغيرة تتلاعب به ........ ما سيقوله لن يعجبها يدرك ذلك..... لكنه بحاجة الى التكلم وإلا رأسه سينفجر ومن افضل منها كاتمة أسراره ، لطالما كانت االمفضلة لديه والأقرب اقرب حتى من شقيقتيه ويدرك انها تستطيع مساعدته
في نفس وقفتهما معا اخبرها ماحدث بالتفصيل لم يستطع تجاوز اي حدث ولو صغير
بينما هي عينيها يزداد اتساعهما مع كل جملة ينطقها لتفغر فاها مع النهاية لاتصدق
عقلها مازال لايستوعب كل ما تفوه به
(وأنت تركتها تذهب هكذا ، لم تقل شيئا ...وهي الآن تواجه مصيرها وحدها ببساطة ..... لم اتوقعها منك )
(ماذا تردينني ان افعل ها اخبريني)
(ان تفعل ما يجب..... تذهب الى اهلها وتطلب يدها )
(اعتباري ماذا الحبيب المجهول الذي غرر بابنتهم وجعلها تخرج في جنح اليل في غفلة عن اهلها ....... ام باعتباري الحامي الذي اخذته العزة والرأفة بفتاة ضحية محاولة اعتداء.......انا لم اعدها يوما بالزواج وهي تدرك ذلك )
ترفع رأسها لتنظر الى السماء وتحوقل بصوت غير مسموع وهي تكلم ذاتها لكن الله غير غافل
االتفت بحده ليتساءل غير منتبه لما قالته
(ألا تظنين انهم سيتساءلون عما يجعلني اتقدم لها الآن وفي ظل هذه الظروف
وان هذا قد يزيد الشكوك حولها وسيكون دليل قاطع لما قاله الحارس تم ان فدوى لن تقبل )
(ما ادراك ؟)
(لأنها من الجرأة بما يكفي لتخبر امها الحقيقة لو ارادت)
شهقت لتنظر اليه باتهام وهي تقول بصوت ارتفع من شدة انفعالها
(بل قل قل ان حمقها اكبر من اجل حمايتك ........ الحمقاء تضحي بنفسها ، سمعتها وسمعة اهلها في سبيلك انت )
(امل ....... )
ارتفع صوته هو الأخر وبان الغضب في عينيه من قولها ...دائما نغضب عندما يواجهنا احدهم بحقيقة انفسنا لأننا نخشى الاعتراف بصحتها ........
فتعاود القول بعناد
(استنكر عزيز ،هل ستنكر ايضا انها لم تكن مقابلتكما الأولى وما كانت لتكون الأخيرة لولا ماحدث )
اشاح بوجهه بدليل صامت تأكيدا لقولها دون ان تكون له جرأة النفي
(اخبرتك ان الأمر هذه المرة مختلف )
هذه المرة كان دورها لتشيح بوجهها.........معه حق هذه المرة لن تصغي فقط .
ليتحرك باتجاه المنزل بنية المغادرة معلنا نهاية الحديث ......وهربا من المزيد من الأسئلة التي تلامس ضميره بشكل يزيد من عذاباته
لتبادر الى سؤاله والحرج يكسو محياها لكنه يجب ان تتأكد فتخونها الكلمات وتتلعثم في نطقها
(عزيز هل يعني .......؟امممم)
ولم تجرأ ابدا على نطق باقي السؤال .........لأنها استطاعت قراءة الجواب بشكل واضح وصريح من تعبيرات وجهه بعدما وصله مضمون السؤال المتلعثم
ليهرب منها ومن الصدمة التي تجلت على قسمات وجهها على استحياء منه ومنها
ليتردد صدى كلمة واحدة من بعده بصوت اقرب للهمس
(نعم...............)
بينما هي تردد من خلفه بصوت لايسمع إلا بهمس خفيف لأذنيها
يا إلهي ........الفتاة ....... ضاعت تماما .......تماما
المصيبة اسوء واكبر..........اكبر بكثيييييييييير
.
.
.
صدمة اخرى كست ملامح متلصص فضولي للحوار الدائر متخذا اقرب شجرة لهما ستارا له دون ان ينتبها لوجوده
لتنجلي اثار الصدمة مخلفة وراءها نظرة مفكرة باهتمام خاص
.
.
.



اخطأت واحببتك لكاتبة ليلى مصطفىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن