الفصل التاسع
"تقدم العريس ترافقه الزغاريد نحو عروسه الخضراء ..... بشعور بالرهبة والتوتر .....ما كان ليصدق انه سيشعر بالتوتر بدوره ظنها حالة تصيب العرائس فقط .......
.....وان رهبته في الوقوف لأول مرة في قاعة المحكمة الأصعب .....لكن يبدو ان الحياة توفر من المفاجآت الكثير.....خطواته تسرع به نحوها ....جلس بجوارها في كنبتها الخاصة .....يتطلع الى جمالها بانبهار .....يتشوق الى رفع خمارها الشفاف من على وجهها ليتطلع الى ملامحها بشوق يغالبه ......منذ اعلن الشيخ ملكيته لها امام الجميع .......مصرحا بصوت عال ....انها واخيرا صارت زوجته .......وها هي بجواره الأن تضم يديها في حجرها بتوتر مفضوح .......لما يشعر ان صورتها هكذا مرت بخياله قبلا ......ربما سنوات.........فهل كان حلما ؟ ....ام انها لمحة لمستقبل كان مجهولا حينها حتى بات لحظتها معلوم
لا يستطيع السيطرة على سعادته المتجلية على وجهه.....وقد انعدمت الأصوات والأهازيج من حوله ......لا يصله الى تنفسها المسموع بجانبه .......اتراك يا عروسي تتلهفين مثلي؟ ......فما بالهم يطالبونه الانتظار للكشف عن وجههاعندما تقدمت نحوها من تحمل صينية عروس تحمل كأس حليب وتمر .......وزوج خواتم للإثنين ... بتهنئة مسمومة ..............ونية متقصدة سلب فرحة العريس المغدور .......فمن تجرأ على خيانة السر المكتوم سواها ؟
...........
وصله تشنجها فورا بينما ترفع راسها تتطلع من اسفل خمارها الى الفتاة التي وقفت امامها ...تبتسم بطريقة بدت غير مريحة بالنسبة له ....لا يدري لما لم تعجبه بنظراتها نحو فدوى.....تلقائيا مد يده يضم قبضتها الصغيرة المضمومة في حجرها بين اصابعه ....يبثها بعضا من هدوءه....كانه يخبرها انا هنا ارمي حمولك علي لاتخافي .....لم يعلم لما فكر انها خائفة ....ولما قد تخاف من هذه الفتاة التي تقف امامهما الأن دون ان تنبس بكلمة ....عندما شعرت باحتوائة يده الدافئة رفعت راسها اليه ....هالته النظرة المذعورة في عينيها عندما نظرت اليه
لحظتها توقف الزمن .....خفتت الأصوات حولهما حتى انعدمت ......غابت الوجوه وتلاشت ....انها نفس النظرة المذعورة لطفلة العشر سنوات تجري هربا من والدتها بعد ايقاعها اخاها الصغير من سريره .......نظرة ذعر يكسوها الذنب .....قابلتها ساعتها نظرة حنان و امان من الفتى المراهق ....الا انها الأن اشد دفا واكثر احتواءا بوعد صادق بالحماية
عندما انطلق الصوت اللئيم يطلق همسا بذبذباته الخبيثة
(الف مبروك فدوى ........هنيئا لك صديقتي..... اقر و اعترف انك احسنتي الاختيار ...... بعد ضياع فرصتك مع عزيز ....)
التفت بدهشة نحو الفتاة الأخرى ......ووجهه يرصد كل علامات الاستغراب ....ليعاود الالتفات نحو فدوى ..التي الجمتها الصدمة تهز راسها يمينا ويسارا ....ترجوه عدم الاصغاء ....لكن الاوان فات .....والصدمة تنجلي مخلفة غضبا هادرا وقد اكفهرت ملامحه وتشنجت بوعي وإدراك لما فاته في خضم غشاوة الحب الذي عميت عينيه ونباهة فكره في سابقة من نوعها ....الحب وتعترف بأنك أحببت فهد .....يسائل نفسه بذهول ....متى أحببت ؟ ....ليعصر قبضتها بقوة دون انتباه منه مغيبا عن اهة الألم المكتومة منها
قبل ان يوجه نظرة باردة وكلامه الخافت يطلق شرارة لهب الى المتفرجة امامه ...تبحث عن دليل انتصار لإفسادها لحظة بهجته وسعادته .....وحتى لو غرس خنجر خيبة الأمل في قلبه ....فلن يسمح لغيره ان يرى نزفه ومؤكد ليس خبيثة مثلها....يرصد اقتراب مريم التي لاحظت تبدل ملامحه
(تقولين صديقة لكنك لا تتوانين عن التصرف بحقارة مع من تدعين صداقتها ....لعلمك انا محامي فدوى قبل ان اكون زوجها واعلم جيدا خبايا قضيتها .....لكنني تزوجتها .....وأحذرك تماما من مجرد التكلم بسوء عن زوجتي بعد الآن .....وإلا قسما سترين مني ما لا يسرك أبدا )
تشنج الاثنين وصل مريم المراقبة من بعيد لسعادة أخيها الظاهرة على محياه تتبدل الى سحابة رمادية تنذر بهبوب عاصفة عن قريب وقد اكفهرت ملامحه وبان الغضب جليا لولا محاولاته مداراته .....لكنه فهد وما تراه لا يبشر بالخير ....ورصه لكلماته للواقفة امام العروسين سبب الذعر لقلبها..... فاسرعت تحث الخطى نحوهما عندما اقتربت منها رقية تحادثها ...
فبادرت إلى سؤالها بتوجس
(من تكون الفتاة التي تقدم صينية الحليب.....لم اعرفها)
ابتسامة رقية السعيدة لم تفارق بشاشة وجهها لتجيب بهدوء
(انها يسرا صديقة فدوى )
توقفت مريم مكانها بحدة تنتفض بذهول واستيعاب كامل لخبايا الغضب
(ماذا ياالهي؟ ... لا اصدق ....ايعقل ان تكون فعلتها )
توجست خيفة رقية من توقفها المفاجأ ...
(مريم ماذا تقصدين؟ ماذا فعلت ؟عمن تتكلمين ؟)
تكلمت مريم بهدوء تجلي توترها لتبتسم بدورها لنظرة القلق على رقية
(اه ....ماذا لا اقصد انني لم اكن اعلم انها مدعوة ...وتساءلت ان كانت فدوى هي التي عزمتها )
نفت رقية بينما تستأنفان مسيرهما نحو العروسين
(لا انا طلبت زهرة للتجهيز الحلويات والاهتمام بطبخ وجبة الاحتفال ويسرا اقترحت المساعدة ثم أنها صديقة لفدوى مؤكد سأدعوها)
(اممممممم.....
رقية لما لا تنظرين ان كان احد في الصالة الداخلية ....فهد مؤكد لن يحب البقاء طويلا في جلسة نسوية فلنمنحهما بعد الخصوصية )
كشرت رقية بمداعبة
(لكن هما لم يقوما بطقوس شرب الحليب والتمر وتلبيس الخواتم .... والنسوة قد يتكلمن )
هزت مريم برأسها موافقة حرصا على إبعاد رقية عن اي إزعاج او توتر خوفا من افتضاح ما سعت وبشدة الى دفنه
( حسن رقية تأكدي فقط من خلو الغرفة و انا سأحرص على ان يقوما بالبدء بواجباتهما كاملة ....هيا عزيزتي )