الفصل السابع عشر
انزل الفرامل ليعيد الانطلاق بالسيارة مجددا يوجهها إلى بيت مريم
وبوعيد لأن يتحصل أجوبته اليوم بأي شكل
عندما رن هاتفه فجأة يكسر صمت السيارة إلى من هدير محركها ليخرجه من أفكاره
فيلتفت حوله يبحث عن رنته المتعالية من تبلوه السيارة
وقد كانت لمحة مجرد لمحة لكنها كافية لإحداث الفرق في الاصطدام مع السيارة التي كانت تقطع طريق جانبي أخر إلى الطريق الترابي نفسه من جهته اليسار نحوه تماما
.
.
.
كان يقود سيارته بسرعة كبيرة مخلفا ورائه كومة غبار تتناثر ذراته إلى الأعلى
كغيمة ضبابية تعلن عن وجوده
لكن حقول الذرة المترامية على أطراف الطريق الترابية بسيقانها الخضراء الطويلة وبذورها اليانعة مع أهدابها الصفراء الذهبية كانت تشكل ستارا مخادعا لمن يقود في طريق جانبية عمودية من مسافة قريبة
فقد أسرع في مغادرة المنزل بعد حواره مع أمل مباشرة اثر اتصال علي الملح لحاجة زوجته إلى ثياب نظيفة عوض ما ترتدي وقد تكفلت عالية بتحضير حقيبة صغيرة من اجلها
وهاهو يقطع طريقه بذهن شارد .....مشغول الفكر
يتأنى في تحليل الحوار الذي دار مع أمل بحججها الغير مقنعة لقلبه وفكره ولا لجسده المشتعل وقد اتقد وقوده وازدان جمرا ملتهبا وأكثر بعد قبلته
.....فيشعر بالغرابة من ترددها ...ومن حاجز يمنعها من الاستسلام الكامل حتى بعد موافقتها
شحها في إظهار حبها رغم تأكده من أنها تبادله عشقا خاصا
هو تعمد استفزازها وإثارتها بذكر وترديد اسم فدوى أمامها ليجس نبض غيرتها التي تخفيها تحت غطاء هدوءها المعتاد ....لم تظهرها إلا مرة واحدة ويتيمة في طريق عودتهما من رحلة المركز الأولى المشئومة بأحداثها يومها ....
لكن لحسن حظه أن ما حدث اظهر عمق الحمق الذي ارتكبه في إخفاء سر حبه لها بكبرياء منفوخة
....أراد من استفزازها أن يدرك العلة في المستور
هي لا تعي ما هو مستعد لفعله من اجلها
لكنه لن يسمح لها بفرصة للتردد ....حتى لو تعمد وسائله الملتوية في تليين موقفها ولو قصرا
هذا إن كان توجسها وتأجيلها الزفاف بسبب ارتباطها المسبق بفصل كامل من الدراسات العليا فقط ......أم سبب أخر ؟؟؟؟
هناك تردد ......صوتها لم يكن حازما عن يقين وإنما كان مهتزا بشك حتى عيناها كانتا متهربتان ولم تكونا عينا أمل الشجاعتان في المواجهة وتبليغ الرسائل الصامتة ......إنها كبريائها العتيدة في الاعتراف ........لكنه متأكد من أن السبب أمامه ويناديه بوضوح يحتاج التركيز فقط ولن يسمح بان يتكرر سوء فهم بينهما مجددا في تأجيل خطوة حاسمة في زواجهما
فإما زواجهما بعد أسبوع أو .............بعد أسبوع ......لا محالة أمل حتى لو جررتك جرا وأمسكت يدك قصرا ..........فأنامل يدك الرقيقة ستوقع بختم ملكيتك لي كليا بعد أسبوع ......فصبرا حينها والى حينها صبرا لأعلمك مشقة ما عانيته من سهاد وارق في بعدك
وليالي صيفية في عز شتاء طويل أتقلب على جمر شوق وحلم وصال بيني وبينك
فما هو السبب ؟؟؟؟
تلمس شفتيه الغليظتين قبل أن يمرر أصابع يده الطويلة يعدل لحيته الخفيفة بزهو رجولي
يتحسس فيستشعر ذكرى قبلتهما البكر التي مازالت حية تنبض في كل خلاياه
تسري بمفعول سحري كدواء لدائه
حبيبته الفريدة...... جسدها بين ذراعيه.....رائحتها ......شعرها .....ليونتها .....واستسلامها ..... دافئة ومنعشة كياسمين ليلة ربيعية
ارتفع صدى قهقهاته مترددة تصدح باتساع ملء شدقيه بسعادة في السيارة وحيدا
قبل أن ينهر نفسه ...عن التصرف كمجنون
ليخاطب نفسه بالقول "ومتى كنت عاقلا .......فاعقل جنوني ......جن في عشقها ....والحد الفاصل اهتزت حصونه المترامية أمام عنادها "
هو متأكد من أنها عندما تتجاوز صدمة مفاجأته ...
ستثور غضبا وربما هي الآن في غرفتها ترغي وتزبد أو تتجول في البستان علها تهدأ ثورة ضعفها......اجل مؤكد أنها غاضبة منه ومن نفسها .....فهي قد استسلمت ورغم انفها وحتى لو أنكرت ....فقد استسلمت لقبلته وخانتها قدرتها ومبادئها و لو لا ذلك لقامت بصفعه على فعلته برفض أكيد
لكنه سعيد انه اكتشف مفتاح تغيب المنطق وقدرة الكلام عنها .....ولو لحظيا ومن الآن فصاعدا سيشبعها قبلا حتى ترضخ وترضى
لكن قبلها يجب أن يستعجل والده ليكتب عقد قرانهما في اقرب وقت
لما الزم نفسه بأسبوع فالأيام السبعة تبدو طويلة جداااااااا بأيامها ولياليها ......ولم يمض على وعد أطلقه إلى دقائق ساعة معدودة
تذكر وجهها الأحمر فاشتعل لهيب أحاسيسه أكثر فأكثر
فغمت عيناه بمشاعر جياشة وهما تعكسان صورتها المتلألئة
وفي غمرة سهوه لم ينتبه إلى السيارة السوداء التي تقطع الطريق فتتجه إلى ملتقى الطرق أمامه مباشرة حتى لم يعد يفصله عنها إلا أمتار معدودة اقل بكثير عن مسافة الأمان القانونية
خبطت السيارة من جهة السائق قبل أن ترتد برد فعل وقائي عكسي مع تحريكه لمبدل السرعة إلى الخلف بقوة ارتدادية
ليضرب رأسه مع المقود نتيجة سرعة تحول السيارة لتغافله عن ربط حزام السلامة عند الركوب وقبل الانطلاق
.
.
.