قلاع بين النجوم (مكتملة)

الجزء التاسع

كانت ترتجف خوفاً وهلعاً، تتشبث بثياب كامل، تضم نفسها بقوة إليه تختبئ بين ذراعيه، تبث في قلبها الغض الهَلِع بعض الطمأنينة، أتت ماوية تحمل كأس ماء سقتها القليل منه فرفعت الصغيرة يديها تضعها على وجه ماوية وعيونها غارقة بالدموع فحضنتها ماوية بقوة
حملتها إلى غرفتهما ونامت ريناد بين الزوجين، غفت وقلبها ما يزال يحمل خوف لا يترجمه عقلها أبدا.
-:ماذا فعلوا بطفلة بهذا العمر حتى جعلوها تعاني من كوابيس كل ليلة.
كان يحادث زوجته ويعتصر غطاء السرير الذي بيده

في صباح أحد الأيام وقبل أن يغادر كامل منزله اتصل الطبيب به
-:صباح الخير ياسيدي يجب أن تأتي لمستشفى القاعدة حالا
أسرع بخطاه يسير باتجاه غرفةالطبيب بعد ان حيَّاه وجلس
مد الطبيب يديه بجهاز الآيباد المحمول
أخذه كامل منه وراح يقرأعلى شاشته تقارير طبية
فقال الطبيب
-:هذا ما توصلنا إليه بشأن العقار الذي وجدناه بدم الطفلة من حسن حظنا أننا وجودنا حبة في حقيبة ظهرها، بعد التحليل والبحث، اكتشفنا أن هذا العقار يدمر الذاكرة
ربما أحد تأثيراته عليها أنها فقدت قدرتها على الكلام، لكن منتج كهذا لم يتم انتاجه في أي من الكواكب المعروفة لدينا لقد بحثت لأشهر طويلة
-:هل جربتم الكوكب الأخضر
-:ذلك الكوكب بعيد جدا عنا وأنت تعلم أن الاتصالات بيننا مقطوعة تماما، حتى وان نجحنا في الاتصال بهم لن يعطونا أي إجابة، وسمعت مؤخرا بأن الكوكب غارق في حرب أهلية
قال كامل بحزن يكلم نفسه وهو خارج من غرفة الطبيب
"إنه كوكب تعمه الفوضى، والحرب شيء بشع، كنت أنوي أن أبحث عن والدي ريناد هناك لكن؛ لن افعل،لن اسلم الطفلة لكوكب مثله، لكن ربماوالديها قلقان ويبحثان عنها

ركب سيارته ومازال بخاطره تدور كلمات كثيرة يحدث بها نفسه
"اي قلب يحمله أولئك البشر، كيف يفعلون ذلك بطفلة كريناد إنها كزهرة في بستان لم تؤذي احد ، على العكس من ينظر إليها يشعر بهالة حب تستوطن في قلبه ناحيتها ويبتسم تلقائيا ".

دخل المنزل ثم غرفة المعيشة ليجد الصغيرة تلعب مع سيد بوبو دبها الذي لايفارقها في صحوها ونومها
فابتسم لها وجثى يفتح ذراعيه فاسرعت إليه تركض تلقي بنفسها عليه مبتسمة قبلت خده وهي تبتسم فقال لها بحنان
-:مهما حدث فقد مضى، سأحميك يا صغيرتي
كلمة "سأحميك" قفزت في مخيلتها تعبث في عقلها وتدور، لقد سمعت هذه الكلمة سابقاً لكن أين كانت تحاول جاهدة لفك أسر تلك الصورة التي قيدها الدواء داخل ذاكرتها وكأنه أقفل صندوق حديدي عليها وماكانت إلا صورة باسل أخيها .
-:أتى رويد
قالتها الأم تنظر للخارج فأسرعت ريناد تريد استقباله
لكنه لم يكن بمفرده هذه المرة بل كان غيث معه
وقفت واجمة أمام غيث، فتى في السابعة من العمر شعر قصير اسود حريري تلاعبه نسمات الهواء عينان زرقاوتان بلون البحار بشرة حنطية اللون
_إنها صورة لباسل_

رأت صورة باسل في غيث لكنها عجزت عجز تاما على أن تتذكر من هذا الذي رأته فظلت تنظر في وجهه بشرود
خفق قلبها لرؤياه وتجمعت دموعها واشتعل في قلبها حنين وشوق غريب، رأت فيه شخص مجهول تشتاق له فقط، فهناك شبه واضح بين باسل وغيث