تنهدتُ مبتسمةً في وجه زبونةً تقف أمامي هي و ابنتها الصغيرة الأكثر من لطيفةٍ،مدّت يدها تلتقط مني شنطة الثياب بدلًا من والدتها ثم ذهبتْ،علمتُ اسمها،كان اسمها غريبًا،و مميزًا..ذكّرني باسمي.
الثامن عشر من يناير ٢٠٢٠.
الحاديةُ عشر ظهرًا.=اسمك غريب..زيك يا شهادة.
-شكرًا يا مستر،الله يعزّك.
أعلمُ بأن مَن يعرف ويسمع اسمي تُصيبه نوبةً من الدهشة والاستغراب؛اسم شهاده هذا نادرٌ..ثم مَن ذلك الذي يُقرر ان يُطلق علي ابنته هذا الاسم؟
والدي لا تستغربوا!.
خرجتُ من نوبة أفكاري أنظر إلى ذلك المعلم الذي عقد مابين حاجبيه بدهشةٍ آمرني بالجلوس ثم بدأ بسرد خطته التعليمية التي لا أريد معرفتها أو حتي النظر لها.
كان لا يوجد أحدٌ بعدي ليُعرف نفسه إلى ذلك المُعلم الجديد؛لأني وبكل فخرٍ كنتُ أجلسُ في المقعد الأخير،ذلك المقعد الذي يكرههُ جميع المُعلمين؛لأن..
=أنتِ يا أم اسم غريب!بصي على السبورة بدل ما أنتِ بتبصي على كل حاجه إلّا هي!.
و كانت هذه البداية.
منعتُ نفسي من سبّه لأنه اخرجنى من أفكاري عندما كنتُ أفكر في سبب كره المُعلمين للمقعد الاخير و أنا سارحةٌ في سقف الصف ذو دهانٍ أبيض عريق،الذي يسقط من حينٍ لآخر على رأس معلم الأحياء.
و أيضًا لا داعي لإخباركم السبب؛فالسبب واضحٌ أمامكم و منذ الوهلة الأولي.
=بدايةً..بما إن العربي فرع كبير و مش سهل أبدًا و معقد أوي،و أنتم ما شاءالله فاتكم دروس كتير بسبب نقص المعلمين في المدرسة دي؛فـ هناخد الوحدة الأولىٰ نحو كاملةً في وقت قليل إن شآءالله و بالتفصيل.
-معلمين المدرسة دي ناقصين فعلًا.
و بالمناسبة..جملتي الأخيرة لمْ تصل إليه،كانتْ مجرد تمتمة صغيرة في حق معلمين مدرستي العظماء منعدمي الضمير.
=شهاده أم اسم منوّر في قائمة المشاغبين،كنت بقول إيه؟.
هل سبب كرهي لمعلمين اللغة العربية و ثرثرتهم أصبح واضحٌ أم أتحدث أكثر و أجعلكم تكرهوها أكثر من كرهي لها ذاتًا؟
تنهدتُ بضيقٍ وهتفتُ:
-مش سرحانة في حاجه يا مستر!أنا مركزة معاك من بدري جدًا.من أول ما حضرتك دخلت الفصل و أنا حبيت اللغة بصراحة...حبيتها جدًا.
أنت تقرأ
حواديت شهادة
General Fictionإن أرادت ذكرياتي ملاحقتي فلا بأس بالوقوف أمامها بالمرصاد لا بأس بمواجهتها أنا مستعدةٌ لمواجهتها و مستعدةٌ أيضًا لألقي نفسي في أعمق نقطةٍ بها و إن أرادت إغراقي! فلا بأس بسرد حواديتي إلى أن تلتقط أنفاسي الأخيرة.