لا أعلم ما الذي أفعله ، مُمسكه بِقلم حبر يوشك على النفاذ ودفتر لم أمسسه منذ أسابيع طويله ، لكن على اية حال ها انا ذا أكتب لكِ وانا بين السماء والارض ، لافته برأسي بين الحين والآخر على الكرسي المجاور آمله أنكِ ستكونين غافيًة ورأسك الصغير مستريحاً على كتفي ، وتارةً اخرى تذهب عيناي الى نهاية الممر حالمه بخروجك من بين الستائر .. وحقيبتك الصغيرة تضرب بالخطأ ذراع المضيفة ورأس الراكب المزعج .. تعتذرين بلطف وإبتسامتك الجميلة تخبئ خلفها ضحكة لم تعني ذلك الاعتذار .
مِن الثانية الأولى التي غادرت فيها قدماي المجمع وأنا أراكِ في كُل مكان ، وفي كل الوجوه ، كاللعنة الحلوة التي لا أريد الخروج منها .
كنُت اظن انها ستكون عطله كباقي العطل ، صيفيه كباقي الصيفيات التي حضيت بها في حياتي ، جررت حقائبي الثلاث هاربة من المسؤوليات .. راغبة في جلسه هادئه على بركة احدهم واشعة شمس على جسدي .
لطالما كُنت على علمٍ دائم بتفاصيل الغد من البارحه ، وروتين الصباح كحاله من سنين لم يتغير .. وعلى سطح دفتر الخطط كتبت ( سأسافر لبيروت ، سأصل ليلاً ، سأسكن في مجمع يضج بالحياه ، سأقف على بلكونتي وفي يدي كوب قهوه مدسوسٍ بداخله خمر ) .
وأنا أفعل ما أمليته على نفسي بالحرف الواحد ، إستوليتي على عيناي ، جالسة هناك على إحدى كراسي الحديقة ، ماددة قدميكِ على الكرسي المقابل بِلا أية اهتمام ، انتي وخصلك الشقراء والارقيله ، ومع كل نفس من تلك الارقيله كنتي تخطفين نفساً من اعماق صدري ، كنتِ جالسه هناك كحادث سير ماتنبأت بوقوعه ولم أكتبه على ورقتي ، انتي يامن لم تكوني بالحسبان ، لم احسبك ياتام ، لم اعلم بخصلاتك الشقراء .. ولا بصخارة رأسك .. ولا بفوطتك المرميه على الكرسي .
داهمتي عالمي الرتيب ، وَقابلت هذه المداهمة بالأحضان ، أحببتك من أول نظرة ، لكن حبي كان يكبر شيئًا فشيئًا مع جلسات البيسين والارقيله ، ومع كل جمله كانت تخرج من شفتيك .. واه من شفتيك .. لطالما تمنيت ان تمر شفتاي عليهم ، واقبلك كما يقبل المسلمون حجرهم الكريم بحب وشوق ولهفة ، انتي ياحجرًا كريمًا مقدسًا لا يقدر بثمن ياحبيبتي .. ياجميلة بيروت ، يا كُل الأسماء والألقاب والأوصاف .
وددت لو كنت معك على ذات الوسادة ، نتشارك الاحلام والجوارب ، أنتِ أغراض السوبرماركت وأنا الطبخ ، أنتِ الكتابة وانا السمع ، أنتِ ماتشائين وأنا ماتشائين .
وددت الكثير من الاشياء ولكن لم افعلها، لم اكتبها على جدول خططي ، لانكِ كما قلت لم تكوني بالحسبان وخوفاً من ضياعك لم أكتبك ، انتي التي لم تتوقف عن الكتابه قط .
كُنتِ مُصدقةً عمياء لقاعدة أننا لن نكن ، في حين كان بمقدورنا أن نكن ونصبح ونمسي .
من علمك هذه القاعدة اللعينة أحسن تعليمك ، لطالما كانت المعتقدات الخاطئة صعبة التغيير حتى لو كان قلبنا مصدقاً ومرتاحًا وعاشقًا .
لكنني أتفهمك .. أتفهم خوفك ورفضك ، لكن كوني دائمًا على يقين أنني أنتظرت ومنتظره وسأنتظر .. سأنتظرك دائمًا ياتام على أمل أن تكوني لي يوماً ، على أمل أن ألقى نسخه ناضجه منك تستطيع أن تبادلني الحُب من دون خوف ، من دون ان تلتف يمينًا ويسارًا قبل أن تمسك يدي .
ها أنا ذا على متن طائرة العودة الى كندا .. هل يجب أن أقول العوده ام الذهاب ؟ لِأن إن كُنت سأركب " طائرة عودة " ستكون بالتأكيد على الارض التي ستكون قدماك عليها .
أكتب لكِ وداعاً لن يكون قريباً من روعة وحسن كتاباتك ، أكتبه على ورقة الخطط التي ذكرتها سابقاً لكن هذه المره ليست بخطه جديده بل وداع لا اعلم ان كان سيصل من الأساس .
وداعاً ياجميلة بيروت ، وداعاً تمارا .
أنت تقرأ
رسالة وداع إلى جميلة بيروت
Randomرسالة وداع كتبتها ايميليا الى تمارا قبل ان ترحل . " مستوحى من مسلسل #أجيال "