الفصل الرابع
غفلة الدموع تموت برموش الجفن
ما ندري تالي الشوك بس ذله وحزن
الشاعر العراقي عزيز السماويتمنت ان تحظى الان ذاتاً بدقائق فقط تستريح امام دوامة ما يجري وما يوضع بين يديها .. شعرت انها مشدوده كالوتر .. مرهقة روحها حد الالم
كل الحكايا اصبحت تندرج تحت مسمى واحد .. ارملة .. و وحيده .. قد تبدو الوحدة سيئة قدر الفراق لكن لا تعني انها بحاجة للشفقه
ما حصل الان ان اقراحهم هزها ..
قالت باختناق وفم جاف
" انا لن اترك منزلي ولا مكاني الذي اعرفه ...:"
اجابها قدسي بلهجه غامضه .. يطوي المسافات بصوت الواقع
" لم يعد ما نعرفه واضحا … سوى شوارع صامته ومنازل مهجوره .. "
حين لاحظ ابتسامتها المهذبه تخفي مرارة ما فهمته من اشارته تابع بتلطف
" ما نقترحه عليك هو الانتقال معنا او قربنا.. ولنطمئن نحن عليكم "
" انا لست مجبرة يا عم قدسي .. فقدت زوجي لكن لست عاجزه عن ادارة امور حياتي .. وان عجزت عن ذلك اخبرتكم "
لم يكن برد مقنع لكنه ما لديها الان .. وهي تحاول اقناع نفسها ان ما يفعله قدسي وهشام هو فقط من مقتضيات الواجب ..
قال هشام بهدوء يتحسس سبيلا بعيدا عن خطورة التوتر بينهم
" لا تسلبي النوايا الحسنه بسوء الظن .. اياً كان ردك نحن عائلتكِ وانتم تنتمون الينا "
لم تمنحها كلماته الارتياح الذي ينشده ليحل توترها .. بل كانت كل كلمة تزيد من الضغط على اعصابها
التفتت صوب هشام تزرع مسافة الامان
" هذا ما اعرفه جيدا يا هشام .. لكني لن اترك منزلي .. اعرف انكم علمتم بطلب شقيق خالتي فاطمه للانتقال معهم في اطراف بغداد .. يمكن ل امي فاطمه الانتقال حيث تشاء .. هناك ابنتها ومنزل شقيقها … عائلتها لا تحتاج لذكر تفاصيل .. لكن انا لن اذهب .. "
ساد الصمت .. ليس لانها كلمة فصل اقتنعوا بها .. بل لان كل واحد فيهم لا زال يفكر انه وضع يحتاج الى حل
غافلين عما يحترق في تلك التي تثبت امامهم .. ما يلتوى في قلبها .. الواقع مؤلم .. وتكاد تصبح متحجرة الاحساس وقاسيه ان كان هذا من مقتضيات العيش من اجل ابنها ومن اجلها .…………………
في المنزل المجاور كان كل ما يراه سيف يحمل شيء من ملامح اسرته تذكره بفترة عايشها هنا مدموغاً بهم وبكل تفاصيلهم .. ورغم هذا .. عند باب غرفة الجلوس عينان صغيرتان تطلعانه بتردد وفضول ... كان ابن اخيه الصغيره يخبره ما فاته حين كان منفياً فشعر ان روحه اكبر من عمرة بكثير ..
رائحة والدته تغمر صدرة وهي تجلس بجانبة .. وفي الجهه المقابله جلس اخيه الاكبر يطالعه بعينين ناقدتين لانه جاء في وقت يكون ابيه خارج المنزل.. وعلى طرف لسانه اتهام يترصده حتى قال
" أنت لا ثبت شيء باستمرار غيابك .. عليك ان تبادر في سد الفجوة التي خلقتها انت بنفسك "
هل يتأنى في الرد ام يترك الفجوه في صدرة هذه المره
" لقد تأخرت يا اخي ثلاث اعوام لتعلن موقفك هذا "
" اتلومنا الان على طيشك وتهورك مالذي قادك لما انت فيه ......
ممتعضاً نهض اخيه الاكبر .. يلوي فمه بغير رضى وتابع
" يبدو انك راض ٍ تماما عن نفيك هذا ..."
نهرته والدته .. غير انه بالفعل تجاهل ردود الفعل وغادر .. وعيني ابنه الصغير تتربصه بغير فهم ..
" لا تستمع لكلامه .. ان يقوله مقهورا لبعادك .. "
ابتلع سيف ضيقه .. هو ليس ببعيد الان .. يعيش في منزل البستان الذي يملكه احد اخواله في اطراف بغداد .. ويعمل في مشروع استيراد مواد البناء مناصفتاً مع مالك .. والباقي لا شيء .. فراغ لا يمتلئ .. يعيش على هامش الايام ..
" لست الومه يا امي .. ليكن حريص عليكم فقط ..
صاحت والدته ب لوعه
" نحن نصدق براءتك لكن والدك يكابر على خطئه تجاهك ..
انحنى يقبل راس والدته .. يضع لمسته الاخير في هذه الزيارة ثم ينادي على ثريا ..
هكذا فقط زيارة لا تخلصه من الآمة .. واذلال ثلاث اعوام قاسيه ...
ثم وصلت ثريا ترافقه لزيارة امه فاطمه .. وهناك سبقته ثريا بالدخول .. بعد دقيقه عادت وملاحمها المرتبكه تخبر بطارئ ما .. فعقد حاجبيه بعبوس سألها وهو يشير براسه نحو داخل المنزل :
"ما بكِ ؟ ما الذي يجري هناك ؟
" اعتقد ان سوء تفاهم حصل .. وتبدو حنة شديدة الأضطراب ."
التعبير الاخير لا يوحي بشيء عابر .. ف ليس حنة من تضطرب جدا من دون داع والتجربة افضل برهان
" هل عرفتي ما الامر ؟"
" كلا لا ادري .. "
عادت تدخل تسبقه وقد تبعها مرغماً .. لما اقتربت خطواته سمع اصواتهن من داخل المنزل حتى اصبح هناك .. اتاه صوت امه فاطمه يهمس بلطف
" لما رد فعلك بهذه الحدة يا حنة .. لم يتغير شيء "
"حده .. لستُ حاده يا امي فاطمه .. انا متفاجئة !"
" مما ؟ "
ابتلعت حنة غصه تكاد تخنقها وقد غشيت الدموع رؤيتها
وهي تجيب بصوت خفيض
" من صمتك … التزمتي موقف الصمت طوال الوقت .. حتى انا نفسي لم اعرف
موقفك ورأيك مما يقترحانه .. ان كنتِ ترغبين بالانتقال قربهم او ل….."
تثاقل نطقها وانفاسها
كان عليها أن ترمي بأوراقها .. ان تفصح دون تردد فهذه هي الاوقات تأتي بغيومها مدلهمه وعليها ان تواجهها عاجلا ام اجلا ..
لكن الدموع خانتها لتنهمر تلك اللحظه على وجنتيها
لا تستطيع ان توضح احاسيسها حين تمزقها الخيارت بدلا ان تجمعها
سألتها فاطمه ببؤس وصوتها الكسير يوجع قلبها اكثر فهي لا تقصد ان تضغط عليها قدر ما تملك الفرصه لتستجمع واقعها
" لما تبكين الان يا حنة .."
فأزداد نشيجها .. وبدى ان شيء من مشاعرها الحقيقه يتجلى في تلك الدموع .. وكل عصب من اعصابها يفهم دلالتها ..
قالت من بين دموعها
" ابكي لان الكل يريد ادارة حياتنا بعد ان فقدنا امين .. انا لا اريد ان اجرد مما انا ومما تركه لي سأعيش مع ابني ومعك .. لما الكل يبرر صحة خياراته على حساب خياراتي ..حتى والداي يصران على أن التحق بهم "
حبس الجميع انفاسها على ضوء التصريح الاخير …
حتى فاطمة جمدتها الصدمه فبقيت كل الاسئلة الاخرى معلقه
أنت تقرأ
رواية فى ظل نجمتين لكاتبة اسماء سالم
Romanceحدقت فيه ملياً .. واحست بأن الشحوب اعتراها.. ونظراته ثاقبة غامضه لم تستطع فهمها فأجابته بسؤال اخر " كغريبين في بيت واحد " " ما يرضيكِ انا لن ارغمك على شيء ترفضيه " " انت تجعل الامر يبدو بسيطاً " " افهم ذلك .. ليس بسيط بالنسبة لك .. لكن لا ضير من الم...