الفصل الخامس

92 2 0
                                    

الفصل الخامس

ضوه إبليل السفر وياك
إو ما هزك صبر روحي ..إو ما سولف ضمير وياك

الشاعر العراقي المرحوم " عزيز السماوي "






تلك الحرقه في قلبه ..لا تنطفئ .. بل تزداد اتقادا حين يفكر ان هديل تهرب منه مجددا ومجددا تتكرر .. يعرف انه اكثر شخص اذاها ومع ذلك يؤلمه الشعور البارد بأنها تخفي نفسها عنه بكل الطرق .. اجبرته الان .. ان يحاصرها كما حاصرته لعل ذاك يأتي بنتيجة …
نظر الى شاشة هاتفه مره اخرى يثقل مرور الوقت ويقاوم نفسه كي لا يتصل ويعرف الاخبار ..
صوت احاديث اخوته وجلبة الاطفال .. تخفت شيء فشيء ..
وما ان القى بنفسه على الكرسي مرهق من ثقل افكاره .. يكاد لا يصدق ان فعلها مرة اخرى وارسل والديه لخطبتها ..
لم تكن مهمه سهله وهما يعرفان الماضي الأليم الذي أوجعهما .. لكن انعدمت حيلته وهي تفلت من قبضته بأصرار ..
نهض مجددا غادر غرفته حين سمع صوت سيارتهم تدخل … فألتحق بهما في غرفة الجلوس وكله لهفة ليعرف كيف سارت الامور ..
جلست والدته على الكرسي وهي تخلع حجابها .. بينما وقف هو عند الباب مشدوداً كالوتر ..
التفت نحو والده
" ما الاخبار يا ابي …"
القى ابيه عليه نظره غير مقروءه
لم يستبشر بهذا المزاج الساكن خلف احباط قادم .. بينما هو يحترق ليعرف ..
لم يملك ردا سوى في عميق قلبه .. قلبي هو المريض من هذا الواقع ..يا ابي هون علي
لكن والدته اول من تكلم وهي تتأفف بارهاق
" اوف يا مالك .. مالذي يحل في تلك الاسره .. والدها رجل صعب فعلاً .. كان يقول انه يصدق ان ما جرى سوء فهم وهو يعرف ان ابنته لا تفعل شيء مشين …
قاطعها مالك بانزعاج واضح وهو يخطو ناحيها " هل اعدتم فتح الدفتر القديم هذا .."
" وكيف تتوقع انه رجل صعب .. لقد قال شيء لنا وعينيه تقول شيء اخر .."
رفع والده ذراعه مشيرة لها بغير رضا
" هل تقرئين العيون الان .. ليس سهلا عليه ان يظهر اللين معنا . ام تراك نسيت .. كادت ابنته تتهم في اخلاقها بسبب ابننا .."
اغمض مالك عينيه وهو يدير وجهه .. الضيق يستولي عليه حتى ما عاد يمكنه ان يتنفس بهدوء او يتكلم بتروي .. مسح وجهه بكفيه ثم تحرك يذرع الغرفه لا شعوريا ووالدته ترد
" اصلحك الله يا صالح .. انه ليس سهلاً .. يلتزم الصمت طويلا امام حديثنا ..ولا يقول الا ما يتركنا في حيرة .."
" وقرات انه كاذب من عينيه .."
" لم اقل انه كاذب لا تبالغ …"
استمر الجدل.. بينما يظل مالك محموماً برغبته ليعرف كيف سارت الامور
همس بنفاذ صبر
" والان .. اين وصلنا .. "
.. جلس والده قائلا وهو يحاول الحفاظ على هدوء نبرة صوته
" لا زلنا في اول الطريق .. طلب أن يحدث اخويها اولاً … "
اضافت والدته وهي تنظر اليه بتعبير دافيء
" وان ابنته قد ترفض مجددا … والحقيقه هذا ما صدقته حين القتيناها لقد بدت جامده جدا .."
تشتت فكره .. بدهشه .. هل التقت بوالديه .. كيف .. يعرف هديل ما كانت لتفعل ذلك برضاها … فهي لم تكن مهيئه لمثل هذا الموضوع .. بل تعمد مفاجئتها ..
مالذي يفعله انه يتخبط .. وقد يؤذيها اكثر ..
اذن ما سمعه حقيقي بالفعل .. هي تعيش على الهامش
هي لا تمتلك من نفسها اكثر من اسمها ..
شعر بلكمة موجعه من الالم تضرب صدرة وتمتد الى قلبه بوحشية .. تنفس بعمق وهو ينظر الى اللاشيء ثم اعاد وعية مباشرتاً اليهم ..
غمغم سؤال في صدرة لم يستطع ان يخفيه
" هل قالت شيئاً ؟ "
حدقت اليه والدته بحزن .. وهي تومئ بالنفي ..
لا شيء انه لا شيء فقط .. احباطة استوطن حواسه .. فأشار بحركة من رأسه
" انا سوف اخرج .."
القى كلماته بملامح غير مقروءه .. وخرج دون ان يتمكن والديه من قول شيء سوى نظره متحسره على تقلب احوال ابنهم ..
الذي حملته خطواته المسرعه ليبتعد .. بينما جذوة ما حسبة سينطفي تستعر فيه
يتمتم لنفسه بصوت متوعد لا يتناسق مع واقعه
" هديل .. يا هديل … اصبحت كرجل يتوهم .. يمد يده للفراغ احسبه انتِ .. سوف اجن سوف اجن بسببك .. "
ركب سيارته وغادر على غير هدى غافلا عن نداء اخيه الذي وقف مذهولا لحالة اخيه الساهمه
…………………...
قاد مالك سيارته .. ولوعة مرة تتجدد مع الانفاس …
لم يتخيل يوما ان يمر بعذاب يشبة عذابه الان .. لقد مرت ايام تغافل عن ماضيه
وسقى ايامه اشوق دفينه .. وحنين يزوه في صباحات ليالي يحلم بها ..
توقف على جانب الطريق .. متردد في الاتصال
لا يملك الحق .. ويملك كل الشوق لقول اسبابه
نزل من سيارته .. كان بالفعل في طريق خارجي .. نحو اطراف بغداد ..
هواء المساء لا يخفف من وطاة شعوره بل يزيد من نيران حسرته
لانها ابعد مما يتصور .. كيف يمكن للعشق ان يؤذي الى هذا الحد
كيف لمشاعر مرهفه ان ترفعك الى السماء او تدفنك في قعر جهنم
الليل حوله .. وسكون الطريق لي يلفه .. فشعر ان لا نهاية لتعاسته
الهواء البارد لامس وجهه واطراف اصابعه تتجمد فوق حافات هاتفه
رفع عينيه صوب ظلام الاراضي الممتده ..

رواية فى ظل نجمتين لكاتبة اسماء سالمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن