كانت ربى عائدة من زيارة قصيرة إلى بقالة الحي، تحمل بين يديها بعض الحاجيات التي طلبتها الجدة. السماء ملبّدة بغيوم خفيفة، والنسيم المسائي يعبث بخصلات شعرها الذهبي.
خطواتها هادئة، لكن هناك ظلٌّ خلفها يتحرّك في صمت.وصلت إلى الزقاق القريب من البيت الكبير. فجأة، توقفت. شعرت بأنفاس غير أنفاسها تملأ المكان.
استدارت…
لا أحد.
عادت تسير، لكنها سمعت خشخشة خفيفة على اليمين.قبل أن تصرخ، كانت يدٌ خشنة تُكمم فمها، وذراعان قويتان ترفعانها إلى داخل سيارة سوداء صغيرة توقفت بسرعة خاطفة!
"هيا انطلق!" قال أحدهم للسائق.
وانطلقت السيارة كالسهم، تاركة الحي خلفها، وربى تُصارع يأسها بصمت، وعيناها تمتلئان بالدموع.
مرّت ساعة… ثم اثنتان… وربى لم تعد.
أول من شعر بالقلق كان صقر. تبعه أشهم، الذي بدأ يسأل الخدم، ثم خرج يبحث في الطرقات.
دخلت الجدة كمرة وفي صوتها ارتجاف:
— "أين ربى؟ لقد تأخّرت… لم أعتد منها هذا."فهد يفتح هاتفه:
— "لا تجيب... هاتفها مغلق تمامًا."وهنا يشعر أشهم بشيء غريب في صدره...
ليس قلقًا فقط، بل نذير شؤم.---
💥 بعد عدّة ساعات
يتلقى صقر اتصالًا من رقم مجهول...
يردّ:
— "من أنت؟"يأتيه الصوت أجشًا:
— "لا تسأل كثير... البنت عندنا. وإن اقتربتم، لن ترونها حيّة."ينقطع الاتصال.
يتجمّد الجميع.
وهنا، تنهار الجدة على المقعد، ويشتعل وجه أشهم غضبًا.
ويقول بصوت منخفض مخيف:> — "لن يمرّ هذا مرور الكرام... سأحرق الأرض من أجلها."
كان الظلام يلفُّ المكان كغلاف من الخوف.
فتحت ربى عينيها ببطء، ورأسها يئنُّ من ألم الضربة التي أفقدتها وعيها. حاولت تحريك يديها، لكنهما كانتا موثقتين إلى الخلف، والبردُ ينهش جسدها النحيل.جدران رمادية، مصباح وحيد يتدلّى من السقف يُلقي ظلًا باهتًا.
رائحة رطوبة وعفن.
غرفة بلا نوافذ… أشبه بقبو مهجور.سمعت خطوات تقترب، ثم فُتح الباب بصوت صرير كأنّه يخرج من أعماق كابوس.
دخل رجل ضخم، ملامحه قاسية، نظر إليها بازدراء وقال:
— "قومي، ليس لدينا وقت لمسرحياتك."
