إياك و الظن ان بهجتك ماكثة، ففي المستقبل القريب ستدفع ثمنها
__________________كادت أن تستقل الدرجات لمجمع الشقق الفخم ذاك إلا ان تبادرت صورة الحانة في ذاكرتها لتستدير متخذةً الطريق الجانبي متجهة نحوها.
رغم قُدم المباني المحيطة و قذارة الأزقة المنتشرة و المحلات و الأكشاك الفوضوية ينتصب مبنى متوسط الأبعاد وسطهم بخلافهم جميعًا.
عند لقائهم الثاني شهدت جدران المكان عليهما و على ذكريات ذلك الصباح وهم يأكلون معًا ببعض الأحراج و قميصه الأبيض يغلف جسدها حتى نصف فخذها.
تنهدت براحة و هي ترى تلك الأنوار الصفراء تشق طريقها من نوافذ الحانة و اللوحة مضاءة باضواء النيون الزرقاء، توقفت قبل دفع الباب لتفحص هيئتها و تتحق من كل صغيرةٍ و كبيرةٍ بها، مبتسمةً من عدم فساد تصفيفة شعرها لتدفع الباب و تستقبلها موسيقى الكمان الكلاسيكية الراقية، ذوقه المعتاد المثير للإعجاب.
رفع عيناه فورًا من الكأس الملمعة بيده نحو الباب متلهفًا للقاء عشيقتهِ بعدما خيبه الظن دخول رجالٍ بدناء قبلها، لتلتقي عيناهما و يبتسم كلاهما براحة.
مشت بهدوء نحو الباب المنزلق الصغير في ركن الطاولة بجانب الجدار و تدخل منه لخلف طاولة الحانة بجانبه و تضع حقيبتها في مكانها المعتاد غافلة عن تلك العيون المشتاقة و قد انقضت آخر حبات رمل صبرها ليمسك بها فورًا و يسحبها معه لباب المخزن و يحتضنها بقوه مفرغًا كل الإرهاق في تذكر غيابها.
تعانقت قلوبهم كما فعلت اجسادهم بشده متّخذان الصمت كأفضل الكلمات حينها، دافعًا لها ببطئ نحو الجدار و مرخيًا لرأسه على كتفها يستنشق ذلك العطر الموضوع على رقبتها بسعادة و نشوة، اخيرًا عادت حبيبته له.
مبتسمةً براحة شديدة و مغلقةً عيناها، ربتت على ظهره و كتفه مهدئةً له بلطف.. نعم لقد عادت له اخيًرا، رغم انها ليست اول مره ان يغيب احدهما او كلاهما عن بعض لبعض الاعمال لكنهما لازالا يستقبلان بعض بكل شوق مفرغين عذاب هوسهم ببعض على بعض باحتضان طويل.
- "اشتقت لكِ للغايهة. اكثر مما يستطيع دماغك الغبي تصوره.."
- "و انا كنت افكر بك بشدة اكثر مما يمكن لدماغك الغبي استيعابه"
رفع وجههُ ببطئ و عيناه لا تفراقها ابدًا ليقترب ببطئ و يقبلها بعمق و يحكم يديه حول خصرها بقوه.
- "اين ذهب النادل ذاك.. اريد كأس اخر حالاً!"
نظر لباب المخزن بحقد شديد و وهو يتمتم بانه سيحشر الكأس في حلقه و يكسر جمجمته..
- "ه-هي.. لا بأس عليك العودة للعمل، سأجلس بجانبك"
- " لكن.. للتو عدتي.. اريد طردهم جميعا بل و قتلهم.."
- " اهدأ لا بأس انا معك الأن صحيح؟.. لدي اجازه لغدٍ و ما بعده لذا لدينا الكثير من الوقت"
ليقبلها بعمق مجددا بإستسلام و ليبتعد قليلاً عنها بإحباط شديد و تذمر و يمسك يدها و يخرج من المخزن معها و يجلسها بجانبه و يعود للعمل لكن بطريقه اعنف بعض الشيء..
اتكأت على الطاولة متأملة له وهو يضع المكونات بداخل تلك الزجاجة المعدنية و يهزها و الزبائن يتقاتلون على من ياخذ الكأس اولاً.
اخذ يسلم الطلبات واحدا تلوى الآخر بكل مهارة و هي تتأملهُ بكل هدوء مبتسمة لما تشهدهُ امامها.
- "آساي.. ايمكنك التوقف عن التحديق بي ارجوك.."
- "و لما قد اتوقف؟"
- "انه محرج قليلاً.."
- "عزيزي يحرج مني!؟"
- "تبًا لك لا!!"
توقف عن الكلام قليلا ليسكب مشروب ازرق-رمادي اللون في كأس مميز مع قطعه ثلج مستديرة كبيرة و يتمتم بكلمة "لعينة غبية" ويتجه نحو المخزن ليجلب زجاجة فودكا اخرى.
عاد بعد ثواني ليراها تمسك الكوب و على وشك احتسائه ليقاطعها.
"لا تفرحي عزيزتي قللت نسبة الكحول فيه للربع"
"هاه.. لما؟.."
"لا شرب اليوم انتي متعبة"
"..ارجوك"
"لا يعني لا"
"تقول لا لي!؟"
"نعم؟"
"...."
"م-من سيحميني ان.. اتت عاهرة ما و غازلتني.."
"..صحيح!!! حسنا اذن لا كحول طوال الأسبوع!"
"جيد.."
"لكن هذا يعني انك تعترف بكونك وسيم حتى يأتين عاهرات و يتغزلن بك؟"
"لا انا قبيح تمامًا بنسبة 100٪"
"عدنا مجددًا.."
رفعت الكوب لتشربه ببطئ كما اعتادت و هي تتأمل تلك النباتات المنتشرة و تتذكر اقتراحها العشوائي لها ذات يوم و وجودها في اليوم الذي يليه.
- "اه صحيح.. لدي شيء لأُريك إياه"
إلتفت لها و يداه لازالتا مشغولتان بتنظيف الكؤوس و تلميعها، لتخرج ذلك الظرف الصغير المزين بدقه معطيًا له لمحة عن قصدها.
- "لذا.. هناك تلك المتدربة معي في المعمل و قد دعتني لحفل زفافها بعد اسبوع من الأن بالظبط"
- "ستحضرين؟"
- "ليس لدي خيار اخر بما انها كانت عازمة على هذا.."
- "اوه حسنًا"
- "ألن تأتي معي؟"
- "تعرفين هذه الأمـ-"
- "للزوج اصدقاء كثر"
- "رجال؟"
- "اكيد"
- "حسنًا لنعيد من البداية"
- "انا مدعوة لحفل زفاف متدربتي هل ستأتي معي؟"
ليستدير و يضع الكأس بعنف على الطاولة.
- "اكيد"
- "جيد ~"
إلتفت نحو الزبائن امامه ليعلن عن وقت الإغلاق لليوم و يذهب ليوقظ السكارى المزعجين و يخرجهم و يدير لافتة الحانة لكلمة "مغلق" و يطفئ الأضواء الخارجية.
- "اغلقتها مبكرًا اليوم بساعة.."
- "اريد اكمال ما تمت مقاطعته لذا لنعد للبيت بسرعة"
- "..أ-أكيد"
اكمل إطفاء الأنوار الباقية بالداخل و يذهب لإرتداء معطفه متجهًا نحو الباب الجانبي حيث تنتظره و قد مدت يدها له.
- "هيا لنعد للبيت عزيزي.."
- "نعم.."
تشابكت الأيادي رغم اختلاف احجامها الواضح متجهان لحيث هو بيتهما.________________
22.08.17
•التنزيل بحاول اخليه كل 4-3 ايام.
أنت تقرأ
إلى جانب المحيط | Along With The Ocean
Mystery / Thriller"ادار ظهره لها مواجهًا امواج المسطح المائي امامه، جالسًا على حبيبات الرمل و الصمت يفرض سيطرته على المكان، لذا فقد همست لنفسها بشرود 'كالمُحيط..' لا دليل لما تحدق به في داخل جوف كيانه، لكنها تشعر.." • نثر اتخذ شكل رواية بيأس املًا بلقاء تلك العيون ا...