الفصل الحادى عشر

210 17 1
                                    

الفصل الحادي عشر....

سقطت على الأرض وامسكت بطنها بانهيار ودعكتها بقوة وهي تقول بارتجاف: "يجب ان تنزل"
ثم تطلعت حولها في ارجاء المطبخ ووقع بصرها على قنينة الغار ونهضت بصعوبة وجذبتها من مكانها وزحزحتها بأنفاس لاهثة ورفعتها ودموعها تتدفق من عينيها واعادتها ثم رفعتها ورمتها بفزع عندما سمعت صوت مفتاح الباب والتصقت بالجدار.

دخل جابر المطبخ بعد ان بحث عنها وتجمدت عينيه عندما رآها بمنظر غريب وقال بنبرة استجواب: "ماذا تفعلين هنا؟ ما بك؟"
ابتلعت ريقها وحاولت السيطرة على أنفاسها المتلاحقة وامتنعت عن الإجابة وتجول ببصره وتأمل قنينة الغاز في وسط المطبخ وعقد حاجبيه ثم رمقها بنظرة اتهام وخطا نحوها مما جعلها تهرول الى الباب متجاهله التقلص المعوي الذي انتابها وقبل ان تخرج تمكن من القبض على معصمها وجذبها بقوة جعلت جسدها يرتطم بجسده وقال بعصبية: "ماذا كنت تفعلين؟ تحاولين الانتحار؟ اجيبيني؟"
واجفلت من صراخه وقالت بتزعزع: "نعم .... الموت أفضل لي من العيش هنا بلا هوية ولا كرامة .... دخلت دار البغاء ظلما وغدرا لست مومس .... لست مومس لا تعاملني على أساس ذلك الف مرة قلت لك لست مومس"
وشهقت بأنفاسها وهو يتأمل تعابيرها المنهارة والعرق المتصبب من وجهها وتلاشت تعابير الغضب من وجهه لتحل محلها نظرة الشفقة والرأفة واغمضت عينيها وهدأت رويدا عندما غمر انامله بشعرها وضمها الى صدره وهو يهمس: "كفى .... ارجوك لا تؤذي نفسك لا شيء يستحق .... انا سأرضيك ...... سارضيك يا نسرين"

.................................................. ..................
قال شكري وهو جالس على سجادة الصلاة امام القبلة وبصوت اقل حدة واقل غضبا وهو يمرر يده على صدره كأنه يشكو من الم ما: "اجلسي هنا امامي يا سعاد .... اجلسي"

جلست ببطء وهي مرتابة من هدوئه وتغيره وقلقة من منظره كأنه مريض او يعاني من شيء!
تنفست بعمق عندما قال بنبرة صريحة: "بهذا الفجر وبهذه الساعة المباركة وددت ان اخبرك كلام اكبته واكتمه بداخلي وبسبب غضبي وحيرتي وكبري سررته ولم ابح به لكم .... وانا واقف بين يدي الله بهذه اللحظات تخيلت يوم قبض روحي وخشيت وارتعدت .... تساءلت ماذا ساترك خلفي؟ كيف ستكون عاقبتي؟ ماذا أقول عندما أمثل بين يدي الله عن الأمانة التي تقلدها عنقي؟ اكتشف امرا خطيرا .... انا لست اهلا لتلك الأمانة .... لم ارض عن نفسي وكأني افقت على واقعي لتوي.... سعاد انت ابنة اخي معنى ذلك انت لحمي ودمي واولادك احفادي شئت ام ابيت انتم لحمي ودمائنا واحدة ولا يمكن ان افرط بكم وهذا الإحساس يسري على اختك .... نسرين ابنتي مهما عاملتها بخشونة وقلت كلام سيء في حقها فهي بالنهاية جزء مني والذي يمسها يمسني .... لا تتصوري اني بإظهار عدائي لها بسبب ما فعلته انني مرتاح وراض عن نفسي .... انا اموت من القهر كل ليلة تمضي وابنتي خارج البيت في الشارع مجهولة المصير .... ولا تتوقعي انني جالس مكتوف الايدي بالعكس انا جندت عدة رجال من اقاربنا بالبحث عنها وذهبت بصورة سرية وقدمت بلاغ باختفائها وطلبت منهم ان يكتموا الامر لاعتبارات عائلية .... نسرين ستعود يا سعاد وسنقتص من الذي أخطأ بحقها ونجتث عنق من لمسها وضيعها ان حصل ذلك و .... واحاول ان ابعدها عن البيت لفترة ان حصل وتبين لنا انها انتهكت لا تخافي يا سعاد لن اتهور وعدنان السبب الرئيسي بإرجاعي الى رشدي وصوابي .... عدنان متكفل بحماية نسرين عند عودتها ......اما ان كانت ذهبت ضحية الغدر وقتلت فالله معنا يربط على قلوبنا ويجنبنا الفضيحة ويسترنا بأذنه وقدرته ويصبرنا على تقبل المصاب .... ان حصل لي شيء يا سعاد تذكري كلامي هذا ولا تحقدوا علي .... انا عمكم ومهما اسأت التصرف بميراثكم او معاملتكم فلم اكن اقصد سوى تدبير الأمور وادارة المنزل والحفاظ عليكم لم اكن انوي ان اضيعكم بالعكس كنت حريصا على ستركم وكفايتكم ولم انتبه انني كنت اغالي واسيء التصرف ..... سامحيني يا سعاد وأتمنى ان تسامحني نسرين مع انها مذنبة أيضا لكن يبدو انني المسؤول الرئيسي عن ذلك وسأخذ بنظر الاعتبار صغر سنها وطيش عقلها .... سعاد انا مريض ولدي انسدادات بصمام القلب وبأي لحظة يمكن ان اختفي من بينكم ..... لا اود ان اموت وانا احمل ذنبكم"
كانت دموع سعاد تنهمر بغزارة امامه حتى نهضت وابتعدت مسرعة واسندت يدها على الجدار واجهشت بالبكاء كانت واثقة ان عمها ليس بالسوء الذي يظهره وانه احن من الغريب عليهم لان الدم واحد لكن ترى هل هذه صحوة بساعة ضعف وسرعان ما سيعود الى سابق عهده غدا؟ ام انها صحوة قلب وضمير؟
الان يا عمي؟ اين كنت في السنوات القادمة؟ لماذا جعلتنا نعاني وحشة الحرمان وبرودة الحنان؟ كنا بحاجتك ونسرين كانت تتوق لصدر يحتضنها ويد تطبطب عليها وتعدها بالأمان والحماية الان بعد ان فتك المرض بك عرفت ان الله حق؟ صحيح اذا لم يحن امر فسوف يحين وكل قوي للزمان يلين!
.................................................. ................................

هوس القلوب الجزء الثانى لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن