الفصل الثالث عشر

228 15 0
                                    

الفصل الثالث عشر

امسكت يديه بضعف وهي تقول بهمس مختنق
- فارس ... ماذ...ا ... تفعل!!
وبصوت عصفت به الرغبة .. رغبه جامحة كانت يشعر بها منذ ان وقعت عيناه عليها والان اصبحت هذه الرغبة كالحمى تحرق جسده حرقا ... اجابها بلهاث
- مايفعله الزوج والزوجة
اعترضت بضعف وهي لازالت مشوشة كانها تعيش بحلم لكنه ليس حلما جميلا كما تراه كل ليله بل هو حلم بشع كان وجه فارس مشوها وكأنه وحش بانياب طويلة يوشك على غرسها في رقبتها
- ا..بتعد... فارس... ارجو...ك
بعدها لم تعد تشعر بشيء اذ غلبها النعاس فاطبقت جفنيها المتثاقلان بهدوء مرحبه بذلك الظلام الذي لف عقلها وحواسها لتغط في نوم عميق
..........................
........................................
لم يستطع .. مرر اصابعه بشعره وهو يدور بارجاء غرفة الجلوس يفكر .. لم يستطع ان يلوث روحها النقية .. شيء ما منعه من المواصلة صوت صرخ بعقلة وتردد صداه ليعيده الى صوابة " اهذا وعدك بحمايتها والحفاظ عليها !!! "
فما ان اغمضت عيناها لتنام بهدوء وسكينة حتى توقفت يداه لا اراديا ... كانت تنام وحولها هاله من النقاء تحيط بها تحميها منه ... تبا لكل شيء وتبا لتلك العقول المتخلفة التي لاتفكر سوى بما يردده الناس .. ومنذ متى والاقاويل تلجم او تسكت عن الهذر والكلام الفارغ .. والده رجل متفتح العقل واسع الافق.. لماذا يستخدم هذا التفتح والافق الواسع بكل شيء وبأمور شتى الى ان وصل لمشكلة ولده ليلتزم بالتقاليد!! كل ما جرى هو بسبب والده واخيها .. حسنا ليس بالضروري ان يتمم الزواج .. هو يريدها نعم لكن ليس بهذا الشكل لن يكون بتلك الدنائة ليأخذ ما يريد دون علمها .. يكفي انها اصبحت زوجته سميت باسمه فاصبحت له سينتظر الى ان تفيق ليفهمها بكل ما جرى بهدوء وتروي .. كل مايريده الان ان تكون له... ابتسامتها له ... نعومتها له .. نظراتها له ... حتى لو كانت تبادله حبه المجنون الا انه لم يكن يشعر بالراحة لكن الان !! الان !!! حقق مبتغاه !
زفر بضيق يعلم انها ستثور وتبكي لكن بالنهاية ستستسلم له ... هو لم يفعل شيئاً باطلا !! لقد تزوجها حتى لو سرا فقط الى ان تهدء الاحوال ويجدا حلا لمشكلتهم
.....................
...........................
استيقضت صباحا وهي تفتح عينيها ببطئ نقلت بصرها بارجاء الغرفة لتتسع شيئا فشيا وقد بدأت تدرك انها ليست بغرفتها جلست بصعوبة وهي تشعر بثقل راسها لتهمس بضياع
- اين انا ؟؟ ماذا جرى ؟؟
انتقلت نظراتها الى الجانب الايمن من السرير لتتسع عيناها شيئا فشيئا ثم قفزت واقفة وهي تهز رأسها بعدم تصديق ما ان تعرفت على وجه فارس .. بدأت الرؤيا تتضح وبعض الاحداث تمر امامها لتربطها بسرعة .. ريم والعصير وتلك الاصوات المتداخلة .. وبصرخة الم وخذلان وخيبة امل
- مااااااااااذا فعلت بي فاااااارس
لتكمل صراخها وشعور بالعجزالكامل يدب بأوصالها وهي تنتبه لصدره العاري وحزام بنطاله المفتوح .. الامر لايحتاج للشرح لتستوعب ماذا فعل معها تشبثت بياقة قميصها تشدها بقوة بينما يدها الاخرى تلفها حول بطنها
- لقد دمرتني .. لقد دمرتني ودمرت سمعتي!
لم يكن عجزه وتشوشه يقل عنها ... صراخها افقده النطق لوهله .. الا انه تدارك نفسه ليسرع بالقفز من الفراش وبلمح البصر وقف امامها وكمم فمها وهو يسارع بالقول وبانفاس لاهثة
- لقد تزوجنا ...
صمتت ونظرت له متسعه العينين وهو مازال يغطي فمها بيده ليهز راسه مؤكدا بهدوء
- اجل لقد تزوجنا البارحة .. عرفيا
طنين مزعج دوى في اذنيها وتجمد شعرت به في اطرافها وكانها مشلولة الحركة .. بل كأنه صاعقة من السماء اصابت رأسها ... هل قال عرفيا ؟!! عرفيا !!! هي الان متزوجة منه عرفيا !! ما ان استوعبت ما قاله حتى انهارت على الارض فقدميها لم تعد تستطيع حملها .. اخذت تبكي بقوة وهي تضرب فخذيها بينما جسدها يرتعش من الخوف والندم و خيبت الامل
- لقد كنت اعرف انك ستسبب لي المشاكل وألالم لكن ان تصل بك الجراءة لهذه الدرجة هذا ما لم اتوقعه ابدا !!
لتكمل بولوله محمومة
- اخي سيقتلني لامحالة.. لا محاااااله
جلس قربها وامسك يديها ليمنعها من ضرب نفسها قائلا بهدوء وثقة و كانه لم يفعل شيئا
- انا زوجك افياء لا تقلقي حبيبتي كل شيء سيكون بخير المهم اننا معا لن يستطيعو ان يفرقو بيننا ..
همست بضياع وعيناها مليئة بالدموع التي كانت تتساقط كالالئ
- انت لا تفهم .. لقد.. لقد .. ضعت ... ضعت ...
ثم نظرت له بحيرة وخوف كانها فتاة صغيرة ساذجة
- انت لم تلمسني اليس كذلك ؟ قل انك لم تلمسي ارجووووووووك
اوما مؤكد وهو يحاول ان يمسكت كتفها برقة
- بالتاكيد لم المسك زواجنا مجرد حبر على ورق
ابعدت يده بسرعة وهي تقف هاتفه برجاء
- طلقني فارس الان حالا
هتف باستنكار وهو يقف بدوره
- نعم بما امرتي انستي ؟؟؟؟؟؟
اكمل باصرار
- لا طلاق اؤكد لك ... لذا لاتفكري بهذا الامر ولا تطلبية ثانية
ما ان سمعت منه هذا الكلام حتى اخذت تجوب انحاء الغرفة وهي تلطم وجنتها وتقول بهذيان
- لقد ضعت وانتهى كل شيء محمد سيقتلني سيقتلني .. سيقتلني لن يصدق انني بريئة !!
اتجه لها بغضب وهو يمسك كتفيها يجبرها على التوقف
- كفى افياء .. لا تخشي من احد انا زوجك والمسؤؤل عنك .. لا محمد ولا عشرة مثله يستطيعون تفرقتنا ... انت لي وانا لك
قالت بحده وهي تحاول التملص من قبضته بينما شعورها بالنفور منه يزداد داخلها
- مالذي تقوله فارس لقد جننت بالتاكيد
هتف بقوة وهو يغرز اصابعه بكتفيها
- اجل جننت وان لم تتوقفي عن التفوه بالحماقات ساذهب لاخيك واخبره بزواجنا واضعه امام الامر الواقع !
هتف بخوف وقد اتسعت عيناها المليئة بالدموع
- كلاااااااااااا ارجوك
ابتسم برقة ثم قال بلطف لايتناسب مع عمق المصيبة التي اقترفها
- اذن اهدئي وكفي عن الصراخ !
اخذت نفسا مرتجفا ثم تراجعت عدة خطوات الى الوراء لتهمس بصوت منكسر
- اهكذا تفعل بي يا فارس !! تتزوجني عرفيا هل انا بلا قيمة ورخيصة لهه الدرجة بعينك ؟!
هتف بانفعال صادق وهو يمرر احدى يديه بشعره بينما اليد الاخرى يضعها على خصره
- ماعاش ولا كان من يراك رخيصة ..
ثم اكمل بحب وعيناه تنظران لها بهيام
- انت غاليه افياء اغلى من روحي لو طلبو حياتي مقابل سعادتك لافديتك بها دون تردد
همست بعتب وقد تراقصت الدموع بعينيها من جديد
- اذن لما فعلت لك ؟؟؟
تنهد قائلا بهدوء
- لاني احبك
نظرت له بعبوس
ليكمل مؤكدا بصلابه
- اجل احبك افياء ولا استطيع ان افكر مجرد التفكير بانك ستكونين لغيري قد اقلب الدنيا راسا على عقب
قالت بمرارة وحيرة
- ماذا سيفعل اخي ان علم ؟! بل مالذي سيفعله معي !
اجاب بحده وهو يلوح يده بانفعال
- لن يستطيع ان يفعل شيئا انت زوجتي اقطع يد كل من تسول له نفسه مجرد لمسك بالورد فما بالك ان ضربك !!!!
نظرت حولها برعب وقد انتبهت الى انها الساعة العاشرة صباحا
- انا ... انا ... يجب ان اعود وبسرعه
اتجهت الى الفراش تبحث عن حجابها وحذائها لكنها لم تجده هتفت بقلة صبر وعيناها دامعة
- اين حجابي وحذائي !!
اجابها وهو عاقد حاجبيه يراقب تحركاتها الغير مستقرة يقتله ويمزقة هذا التوتر والخوف الذي يبدو جليا عليها
- في الصالة ...
لم تنتظره ليكمل خرجت من الغرفة بسرعة لتهبط الدرجات وهي تتعثر التقطت حجابها ولبسته كيفما اتفق ثم انحنت لتلبس حذائها لتعتدل قائلة بهذيان وكأنها تكلم نفسها
- ماذا ساقول اين بت ليللتي اخي سيقتلي انا اعرف قلبي يعلمني ان مصيبة بانتظاري
اتاها صوته الخشن من الخلف قائلا بجدية
- لا تخافي لقد اتصلت ريم واخبرتهم انك ستبيتين عندها .. اهدائي ولا داعي للخوف
قالت بضياع وهي تلتقط حقيبتها
- ريم ... اجل ريم حسابها سيكون عسيرا معي
بدون كلمة اضافيه اتجهت بخطوات متعثرة الى الخارج ومنها خارج الفيلا وهي تسير بغير هدى لا ترى امامها تفكر بأخيها ووالدتها ماذا ستقول وكيف ستبرر غيابها !!
اخرجها من افكارها صوت زمور السيارة وهتاف فارس يتردد صداه في الشارع الفارغ
- تعالي اصعدي للسيارة افياء سأوصلك الى المنزل
نظرت له بحقد ثم قالت وهي تعاود النظر امامها بينما قدميها لم تتوقف عن السير
- اتركني وشأني شكرا لك.... مافعلته للان يكفي ويفيض
شد على نواجذة بقوة وهويقول بغيض
- هل ستاتين بأرادتك ام اوقف السيارة واحملك بنفسي
هتفت وهي تتوقف وتنحي قليلا بينما ترفع سبابتها بتهديد
- ابتعدي عني والا اقسم ان افتعل فضيحة في الشارع
تركته وحثت خطاها بسرعه لتبتعد عنه غير انه اوقف السيارة بحدة وصوت اطاراتها تحدث صوتا مدويا اخترق سكون الشارع .. ترجل واتجه نحوها بخطوات واسعه امسك ذراعها بقوة المتها وقال بحدة وهو يسحبها باتجاه المقعد الامامي
- تعلمي ان تنفذي ما اقول دون مناقشة
اغلق الباب بعنف واستدار بسرعه ليتخذ مكانه خلف المقود قائلا ببرود وهوينطلق وينظر امامه
- ها قد سوينا المشكله هل كان الامر يحتاج لكل هذا العناد
لم تقل شيئا ادارت وجهها وعينيها دامعتان تفكر بما ينتظرها في المنزل وكيف ستجد حل لهذه المصيبة التي وقعت بها ... اغمضت عيناها وصوت بكاء قلبها قبل عينها يجري دون انقطاع .. أهذا فارس الذي احبته ؟! اهذا فارس الحنون العطوف المتفهم .. يتهور ويخدرها ويتزوجها عرفيا !!! عضت على شفتها بقوة حتى كادت تدميها ... كل ماجرى بكفة وما ينتظرها في المنزل كفه اخرى ياترى ماذا سيفعل معها محمد !!
الزمن .. الزمن ليته يتوقف يختفي ... لكنه لم يتوقف انها تسير خطوة خطوة مع كل خطوة هي تقترب من المنزل .. تخشى ان تضعف فتعترف لتحل نهايتها فاخيها اصبح انسانا غير سوي قد يقتلها بسكينة صدئة ويبصق عليها !!! اقشعر جسدها وارتجفت اوصالها وهي تهمس بجنون " لن يحدث شيء سيء ... لن يحدث شيء سيء "
شعوره بالذنب يتفاقم لكنه يجلد ذلك الشعور بالصبر ويحكمة بالمنطق ... اجل المنطق انها الان له هكذا هو مطمئن الى ان يتخرج بعد عدة اشهر وبعدها سيقنع والده بالقوة لو لزم الامر على ان يخطبها له خاصة عندما يريه ورقة الزواج العرفي عندها بالتأكيد سيرضخ حفاظا على سمعته وسمعة العائلة المصونه !
عندما وصلت الى الشارع القريب من حيهم قالت باختناق وهي تتجنب النظر ناحيته
- انزلني هنا
لم يناقشها بل اوقف السيارة بهدوء وقبل ان تترجل امسك ذراعها قائلا بصلابه
- اذا تجرء اخيك ومد يده عليك اتصلي بي وسترين ما سافعله !!
التفتت تنظر له بعينان حمراويتين ادمت قلبه العاشق ليهتف بجزع
- انت زوجتي افياء دائما تذكري ذلك ولا تفكري ولوللحظة واحد انني ممكن ان اتخلى عنك يوما .... مهما كانت الظروف
ابعدت يده بجمود وترجلت تسير بخطوات متعثرة بينما بقي فارس يشيعها بنظراته المحبه ولسان
حاله يقول
" احبك افياء وحبك تسلل داخلي كشمس الشتاء عندما تشرق على استحياء بين الغيوم .. وكان بوجودك ياتي الربيع بازهارة العطرة لتحلو به الحياة بعد جفافها "
......................
دلفت الى المنزل بهدوء شديد تنهدت براحة وهمست " اذن محمد ذهب للعمل الحمدلله "
لم تكد تصل الى السلم الا واحست بقبضة قويه تمسك شعرها لتهزه من فوق الحجاب
- اهلا وسهلا بربة الصون والعفاف شرفتي اذن !!
هوى قلبها الى قدميها وانسحبت الدماء من وجهها دفعة واحده وهي تقول بخوف بينما تملصت وتلوت في محاولة منها لتخليص نفسها من يده
- محمد ... ارجوك دعني اشرح لك
الا انه اكمل كانه لم يسمعها
- تلوين ذراعي وتجعلين صديقتك تتصل بي لتجبرني على القبول ...ها !!
هتفت وجسدها يرتعش اكثر
- صدقني محمد والداها كانا مسافرين وقد ترجتني كثيرا وتوسلت بي
خرجت والدتها وبأثرها ابتهال التي هرعت لتمسك يد محمد لتحرر افياء التي كانت ترتجف بشكل ملحوظ وهي تقول بخوف
- اتركها اخي لقد اخطأت ولن تعيد الكره
بينما هتفت والدتها بنبرة متوسلة وهي تبعد يده المتشبثة بحجابها
- كفى يا محمد اتركها ياولدي من اجل خاطري ثم هي ستعدك الان بأنها لن تعيدها مرة اخرى !
ثم التفتت لافياء الغارقة بدموعها لتهز رأسها وكانها تطلب منها ان توافقها
- اليس كذلك افياء ؟!
وقبل ان تفاتح فمها بكلمة صرخ محمد بوحشيه
- لن تكون هناك مرة اخرى لتعيد فعلتها
نظر لاخته التي لاذت بالفرار خلف والدتها بعد ان نجحت بتحريرها من براثنه
- لن تخرجي لمكان غير الجامعه فقط وان سمعت انك خرجت دون اذني اقسم بالله ان اكسر قدميكي قبل رقبتك ... فهمتي
ليصرخ بقوة
- اجيبي فهمت !!
اجابت بسرعه ورعب
- فهمت .. فهمت
وقف لبرهة وهو يضغط على جانبي رأسه بقوة بينما اغمض عينيه وملامحمة متشنجة اصوات وهمهمات تدور برأسه تكاد تصيبه بالجنون .. ما بال تلك الاصوات الا ترتاح وتهدء قليلا انها لا تتوقف لا ليلا ولا نهارا تهمهم وتثرثر تسخر منه وتستهزء من رجولته ...يحاول اسكاتها بشتى الطرق لكنها لاتسكت ابدا .. انها هنا هنا برأسه ضرب جانب راسه بيده عدة مرات دون ان يشعر بمراقبتهم المتوجسة له ... سمع صوت والدته تتمتم بخوف وهي تلمس ذراعه
- محمد يا ولدي هل انت بخير ؟!
لم يرد عليها نظر لها بعينان زائغتان ثم تركهم وغادر بسرعة ليصفق الباب بقوة رجت لاثرها نوافذ المنزل ... قالت افياء وهي تبكي
- اريت ولدك لقد جن تماما
قالت والدتها بحزن
- فليهده الله ... وانت يا ابنتي كيف تبيتين خارج المنزل حتى لوكان بيت صديقتك نحن لا نقبل بهكذا امور ابدا !!
قالت بارتباك وهي تمسح دموعها
- حسنا ... لقد ..لقد .. ترجتني كثيرا فاشفقت عليها ثم انا لم ارتكب جريمة
ثم اخذت تتمتم بغيض وهي تبكي
- العيش في هذا المنزل اصبح لا يطاق وكله بسبب ولدك المدلل
ارتقت السلم بسرعه بينما والدتها تهز راسها باسى وهي ترفع يدها بالدعاء
- فليهدكم الله يا ابنائي ويبعد عنكم كل سوء ... لا اعرف مالذي اصابكم اهي عين حاسده ام احد ما دعا علينا كنا قد ظلمناه ونحن لا نعرف !!!!!
.............................................
اصوات المطارق الحديدية يدوي في السوق التراثي ... بينما صوت باع عرق السوس يصدح في الارجاء والزبائن والسياح يتجولون هنا وهناك يشترون ما جاءو لاجله .. دلف العم فرج الى المتجر موجها كلامه لمحمد الذي بدى على وجهه الضيق والعبوس
- صباح الخير يا ولدي اراك غاضبا وعابسا .. لاشيء يعدل المزاج غير قدحين من الشاي ساوصي به حالا
اجابه محمد بجمود
- ليس الان عم فرج ربما في وقت لاحق
قطب العجوز جبينه المجعد بحيرة فهو لاول مرة يرى محمد بهذا الشكل البارد فمهما مرت عليه من امور صعبه ومشاكل يبقى محمد ذلك الشاب البشوش المبتسم دائما ... لا يجعل غضبه او ضيقه يؤثر على علاقته مع الناس تقدم بخطوات متثاقله ليجلس على الكرسي المجاور للمكتب الصغير نظر لوجه محمد كانت حالته فعلا يرثى لها لحيته استطالت ملابسه غير مرتبه وتحت عينيه ظهرت الهالات السوداء بينما نظراته لوحدها كفيلة لرسم الاف الافكار المرعبة امامه ... الشاب اصبح بحال يثير الشك والريبة فعلا تنحنح قائلا وهوينظر لمسبحته
- اه يا ولدي رحمه الله والدك كان رجلا طيبا وقد اوصاني بك ... فقد كان يقول لي دائما يا فرج انتبه لمحمد وكن جانبه اسدي له بالنصح والمشورة ...وانا اراك فعلا كولدي الذي لم ارزق به ..
نظر له محمد نظرة فارغه بلا روح ... لقد فقد الاحساس بمن حوله منذ ذلك اليوم المشؤوم وقد انعكس مزاجه المتكدر على اخوته وامه ... لايعرف هل اخطأ بتأنيب شقيقته الى ذلك الحد ؟ لاول مرة يمد يده على احدى شقيقته فهو دائما كان لهم السند والصدر الحنون فمالذي جرى له ؟!!! الاصوات تبا لها تردد اسمه وهي تتحداه وتسخر منه ان يأخذ بحقه .. رشدان ... رشدان .. لن يكون محمد ان لم ياخذ حقه .. حق كل صفعه وجهت له وكل ضربه سوط وكل اهانه تعرض لها لا يستطيع ان ينسى تلك الشتائم التي تلقاها الطعن بعرض والدته والطعن بشرفه ايضا ...اغمض عينه بقوة .. وهو يهمس بجنون بئسا له من نظام يقوم على اساس الفساد والتفرقه ... حسنا رشدان سترى ماسيحل بك واستعد له جيدا !!!
اخرجه من شروده صوت فرج
- والان قل لي يا ولدي ماذا هناك قد اتمكن من مساعدتك ؟!
ابتسم محمد ببرود وهو ينظر امامه قائلا بلهجة جوفاء
- لا تقلق يا عمي اعرف كيف اساعد نفسي شكرا لك
ضيق فرج عينيه وهو يفكر ربما ان تزوج يتغير حاله وينسى قليلا .. منذ وقت طويل وهو يتمناه لابنته صحيح هو يريد محمد لها زوجا لكنه لايستطيع ان يقدمها له بنفسه هي ليست رخيصة لتلك الدرجة ليبخسها حقها كما انه لايستطيع ظلمها وتأجيل زواجها خاصة وان هناك من تقدم لخطبتها وهو لايستطيع الرفض لذلك قرر ان يقوم بخطوة لكي يتأكد مما يفكر به
- قل لي يا محمد الا تفكر بالزواج والاست...
وقبل ان يكمل اجابه محمد بحده جعلت الرجل المسن يبهت ويشحب في الحال
- لا افكر بتلك التفاهات الان لدي ماهو اهم موضوع الزواج والاسرة اجلته لاجل غير مسمى .. لذلك ارجوك يا عمي لاتذكر هذا الموضوع امامي ابدا !
اجفل فرج من حدته وجديته في الكلام محمد بات بعيدا كل البعد عن العالم الحقيقي اصبح يحيط نفسه بجدار عازل غير مرئي لا يسمع لاحد بأختراقه ولا ينفذ الا ما يمليه عليه عقله المشتت ... غمغم فرج وقد تأكد مما يريد
- كما تشاء يا ولدي فليكتب لك الله الخير اينما تتجه
.................................................. ...
دلفت ابتهال لغرفة شقيقتها التي كانت تبكي بقوة وهي تدفن وجهها بالوسادة جلست قربها قائلة بهدوء
- اهدئي واحكي لي كل ماجرى !!
توقفت افياء عن البكاء واعتدلت بجلستها ثم مسحت دموعها وهي تهمس باختناق
- لا افهم ما تحاولين قوله !!
اجابتها ابتهال وهي ترفع حاجبيها
- لماذا امضيت الليلة عند صديقتك وانت تعرفين جيدا طباع محمد المتغيرة !!
قالت وهي تتجنب النظر ناحيتها لانها تعرف بأنها ستكشف كذبتها بسرعة اذا ما نظرت لها مجرد نظرة خاطفة
- كما قلت لكم سابقا والداها مسافرين وتوسلت بي وترجتني ان ابيت عندها لم استطع الرفض ليس وهي وحيدة في المنزل لقد كسرت قلبي !
اجابتها ابتهال بتهكم
- اجل كسرت قلبك بينما محمد كان على وشك كسر رقبتك يا غبية
هتفت افياء بوجه يشع احمرارا
- كفى كفى بالله عليك ليس هناك ما يستوجب كل هذا التقريع
اجابتها ابتهال بهدوء وهي تتفرس بوجه شقيقتها المحتقن
- تقريع ؟! اهذا هو ما فهمتيه من كلامي ؟!
لتكمل وهي تبتسم وتربت على كتفها برقة
- يا غبية انا اريد ان انصحك فقط .. اريد ان ...
وقبل ان تكمل هتفت افياء بوقاحة وهي تبعد يدها بحده
- الاولى بك ان تنصحي نفسك قبل ان تنصحيني !
ادركت فداحة ما تفوهت به عندما تغير وجه ابتهال الجميل الى وجه متألم وعيناها تنظر لها بعتاب بينما تشكلت ابتسامة مرتجفه على فمها لتجيبها بهمس وهي لاتصدق ان هذه هي افياء شقيقتها الصغيرة الرقيقة التي حتى لو اقترفت خطأ صغيرا تعتذر بسرعة
- شكرا لك افياء ... شكرا لك يا اختي الصغرى
ارادت النهوض غير ان يد افياء سارعت لتمسكها من معصمها وهي تقول بندم
- سامحيني اختي .. انا .. لا اقصد ماقلت .. انا .... انا اسفه لا اعرف مالذي يجري لي ... ارجوك سامحيني !
هزت ابتهال رأسها وهي تتنهد بخفوت رغم كلامها الجارح الا انها لا تستطيع سوى مسامحتها افياء ليست شقيقتها فقط بل هي كابنه لها .. زاد التقارب بينهما خاصة بعد وفاة والدها حينها كانت افياء تبلغ الرابعة عشر فقط اي بسن خطر جدا وحرج كانت متخبطة وثائرة الا انها استطاعت احتواءها اصبحت الصدر الحنون تفضي لها بمكنوناتها واسرارها الى ان كبرت ودخلت للجامعة عندها وخاصة في عامها الاخير بدات بالتباعد والانزواء .. وهذا ما جعل الشك والريبة يتسلل داخلها
- قلبي ليس مطمئنا افياء اشعر ان هناك ما تخفينه عني لكن ماهو ؟!!
اجابتها افياء وهي تحاول ان تتماسك
- اطمئني كل شيء على مايرام لايوجد داع لذعرك هذا .. كما انني لست ساذجة !
همست ابتهال بتوجس
- اتمنى ان أكون مخطئة فعلا
......................
زفر بضيق انها المرة العشرون التي يتصل بها وهي لا ترد على اتصالاته !!!
هو لم يقدم على هذه الخطوه الا حينما سدت الابواب بوجهه ربما يشعر ببعض الذنب لانه لم يتزوجها بالعلن وامام الكل لكنه سيفعلها وسيقيم لها حفلا لائقا فقط فلتهدء الامور ..
نظر لشاشه الهاتف من جديد ثم تمتم بغيض
- تبا افياء لما لاتجيبين على اتصالاتي اتعتقدين انك بتلك الطريقة ستتخلصين مني !!
فقط يريد ان يطمئن عليها فللان لايعرف ماذا فعل محمد معها بسبب مبيتها خارج المنزل قطب جبينه وبسرعة ضغط على ازرار الهاتف بعصبية ليبعث لها رساله ..
كانت ممدة على سريرها شاحبه الوجه تفكر بتلك المصيبه التي حلت على راسها ماذا سيكون مصيرها ان علم اخيها بزواجها من فارس يالهي قد يقتلها ويقتله ... انتبهت على ضوء الهاتف يعلن عن وصول رساله نصيه فهي قد وضعته على الوضع الصامت لكي تتفادى الكلام معه فتحت الرساله وقراءت ما مكتوب
" كلميني والا اقسم ان اتي الان لمنزلك واخبر شقيقك بزواجنا وليرني ماذا سيفعل ؟! "

انتهى الفصل

احلام موؤدة لكاتبة رقية سعيد القيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن