الحلقة 14

606 41 26
                                        

في صباحٍ شتويٍّ هادئ، تهادى صوت المنبّه في غرفة ربى معلنًا بداية عطلة نصف السنة.
كان البيت ساكنًا إلا من صوت الريح بالخارج، وبينما كانت تحاول سحب الغطاء لتغطي وجهها من البرد، سمعت طرقات خفيفة على باب غرفتها تبعها صوت أشهم:

"استعدي… سنسافر."

ربى نهضت بدهشة:

"نسافر؟ وين؟"

"ألمانيا. شركتي هناك، وهناك ملفات تحتاج توقيع مني، وبما إن العطلة بدأت، راح تجين وياي."

لم تكن ربى تمانع، كانت تتوق لتغيير الجو، خاصة بعد الرتابة والروتين الصارم في بيت أشهم، لكن داخلها لم يكن واثقًا من أن السفر سيعني الحرية… فهي تعرف أن القوانين تسافر معه أيضًا.

---

الوداع

قبل السفر، قررا أن يودّعا العائلة.
ذهبا إلى بيت جد ربى (عذاب)، وهناك كانت بنات العم مجتمعات، ومعهن نهى التي لم تتوقف عن معانقة ربى.

نهى همست في أذنها:

"سافري وارتاحي، يمكن أشهم يتغير…"

ربى ابتسمت بهدوء، ولم ترد، أما عيونها فكانت تقول الكثير.

الجد عذاب صافح أشهم وقال له بصوت ثقيل:

"وصيك على هالبنية… هي ما تعرف تكذب، لا تكسرها."

أشهم أومأ برأسه فقط، لم يعلّق، لكنه حمل تلك الجملة معه طوال الطريق.

---

في المطار

كان المطار مزدحمًا، وربى ترتدي معطفًا رماديًا أنيقًا، شعرها منسدلٌ بهدوء، تحمل حقيبة يد صغيرة، وعيناها تبحثان عن نوافذ الطائرات.
أشهم كان بجانبها، يراجع أوراق السفر بهدوء صارم.

في الطائرة، جلست بجانبه في المقاعد الأولى.
نظرت من النافذة وقالت له بنبرة خفيفة:

"كنت أجي لهنا مع بابا… قبل نوال. أحب السفر."

لم يجبها، لكنه اكتفى بنظرة جانبية، كأن شيئًا فيها بدأ يلينه، ولو قليلاً.

---

الوصول إلى ألمانيا

هبطت الطائرة وسط جو بارد مغلف بالضباب، وكانت ألمانيا تستقبلهم ببرودتها الهادئة.
وصلوا إلى بيت أشهم هناك، وكان كبيرًا، ذا طراز عصري بارد، مزيج من الرمادي والرخام والزجاج.

دخلت ربى المكان بخطوات خفيفة، تنظر حولها، ثم قالت بهمس:

"كل بيوتك رمادية؟ ما تحب الألوان؟"

لكنه لم يرد على السؤال، بل قال بجدية:

"هنا نفس القوانين. لا تفتحي الشباك. لا تخرجي بدون إذني. لا مكالمات. ولا تأخري عن النوم."

وراء الضوء الرمادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن