(الثمن الزهيد)

83 2 0
                                    

سلطعون صغير يمشي على رمال الشاطئ الدافئه....
يختبئ في قوقعته مع كل موجه تضرب

الساحل...يخرج رأسه ليتفقد بعينيه المكان من

حوله بعد تراجع الأمواج ثم يسير مره أخرى لمسافه قصيره قبل ان يختبئ مره أخرى خوفاً من زبد البحر المندفع نحوه....

رجل يلتقط ذلك السلطعون ويحدق به لثوانٍ يصرخ منادياً : هذا سيكون طعماً مناسباً!!

ف

تى صغير يقترب من الرجل بوجه حزين ويقول: اتركها يا أبي (الرجل): أتركها؟ .. الأسماك تحب هذا النوع من القشريات وستلتهمه بمجرد نزوله للماء من على طرف صنارتنا

(الفتى): وما ذنبه؟

(الرجل) باستغراب: ذنب من؟

(الفتى): ذنب هذا السلطعون

ضحك الرجل من كلام ابنه وقال: كن مستعداً غداً عند اشراقة الصباح الأولى!

قبل بزوغ الفجر بدقائق وعند أحد الشواطئ النائية والبعيدة عن ضجيج المدينة جلس الرجل مع ابنه الوحيد الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره يعدان العدة للخروج في رحلة صيد بقارب صغير
استأجراه لهذا الغرض.

كان الرجل يريد الترويح عن ابنه الذي أصبح منطوياً على نفسه مؤخراً بسبب وفاة أمه قبل
أشهر قليلة مضت.
لم يكن الفتى متحمساً للرحلة لكن والده حاول رفع معنوياته وإثارة حماسه قائلاً:

«لقد كنت مثلك أول مرة حاول فيها أبي أخذي لرحلة صيدي الأولى.. لم أكن متحمساً على الإطلاق لكن بمجرد أن اهتز خيط الصنارة في يدي تعلق قلبي بالصيد مثلا علقت سمكتي الأولى في الخطاف ذلك اليوم وأنا واثق أن الشيء نفسه سيحدث معك).

لم يبد الفتى حماساً حتى بعد كلمات أبيه المشجعة له لكنه استمر بمساعدة والده في تحميل القارب بما يحتاجانه لتلك الرحلة.
كانت المنطقة التي اختارها الرجل منعزلة جدا وهادئة وقلما يشاهد فيها أحد سواء للصيد أو التنزه لكن تعلقه عاطفياً بالمكان كان الدافع الأول وراء اختياره للصيد هناك مع ابنه بالإضافة إلى وفرة الأسماك بسبب قلة الزوار لتلك المنطقة.

بعد ساعة من الإبحار بالقارب

توقف الرجل وطلب من ابنه البدء الصنانير التي أعداها سابقاً.
رمى الفتى ثلاث صنانير في الماء بعد ما علق والده الطعم فيها، أمسك كل منها بخيط وربطا الثالث في مقدمة القارب.
بدأ الرجل يتحدث مع ابنه وكان الحديث ذا شجون تحدث فيها ولأول مرة عن مشاعره منذ وفاة أمه وكيف أنه كان يفتقدها بشدة.
لم يصطد الاثنان شيئاً ذلك اليوم لكنها كسبا حديثاً جميلاً افتقداه منذ أشهر.

بدأت الشمس بالمغيب فهم الرجل بالعودة لكن ابنه أخبره بأنه يرغب بالبقاء مدة أطول عله يصطاد سمكته الأولى.
ابتسم الرجل ولم يرفض طلبه رغم معرفته بأن البقاء في البحر في ليلاً خطر في حال تعرضا لأي عارض مفاجئ لكنه وافق بشرط أن يعودا فور نزول قرص الشمس واختفائه من الأفق.
هز الابن رأسه مبتسماً بالموافقة ورمى خيطه في الماء بعدما جدد الطعم على الخطاف.

مضى الوقت المحدد ولم يصطد الفتى شيئاً فأخبره والده أنها يجب أن يرحلا ووعده بالعودة غداً للمحاولة مرة أخرى فقد استأجر القارب لمدة أربعة أيام وما زال أمامها وقت كاف للصيد.
ابتسم الفتى وبدأ يسحب خيطه ليتمكن أبوه من التحرك والعودة نحو

الشاطئ البعيد وخلال سحب الصبي للخيط شده شيء قوي ففرح وصرخ في أبيه وقال: لقد أمسكت بواحدة !!

قرص نهض الأب من مكانه مبتسم ليساعد ابنه لكن ابتسامته تحولت لصرخة عندما شد الخيط مرة أخرى بقوة أكبر أخلت بتوازن الفتى ليسقط في الماء.
في تلك الأثناء حل الليل لكن لحسن حظ الرجل كان القمر هلا لا تلك الليلة وكافياً لتسليط بعض الضوء حولها مما مكنه من رؤية ابنه الذي يصارع للعودة إلى القارب.
مد الرجل يده والتقط ابنه وانتشله من الماء بسرعة لكنه تفاجأ خلال رفعه للقارب بأن هناك شيئاً ممسكاً بقدمه فظن أنها علقت بالخيط فحاول سحبه بقوة أكبر فأخرجه وهو يبكي من الخوف.
عانق الرجل ابنه وطمأنه وسحب غطاء على سطح القارب وحاول تجفيف ملابسه من الماء البارد وتغطيته كي لا يصاب بالبرد.
اطمأن الرجل على ابنه وتركه عند مقدمة القارب وهو ملتحف بذلك الغطاء وتوجه لمؤخرته كي يلتقط المجداف ويبدأ بالتجديف نحو الساحل وما أن ابتعد عن ابنه مسافة بسيطة حتى رأى شيئاً يشبه الظل في حلكة الليل التي لم يكسرها سوى ضوء القمر البسيط يخرج من الماء بسرعة خاطفة ليسحب ابنه للأعماق.

صرخ الرجل بكل قوته ولم يقطع صراخه إلا ارتطامه بالماء عندما قفز خلف ابنه وذلك الشيء الذي سحبه.
أمضى الرجل أكثر من ساعة في الماء البارد وهو يغوص بحثاً ويصرخ منادياً على ابنه لكن دون جدوى ولم يتوقف عن البحث إلا عندما طفت فردة حذاء ابنه على السطح.







لُجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن