-أحد المراكز التجارية في قطر-
وسط الزحام وضوضاء الناس وأصواتهم المتداخلة، يسير علي بينهم متجولًأ، يبحث عن أحد محلات بيع القهوة آملًا أن يجد الطعم والخلطة التي ترضيه، خاصةً وأنه غير معتاد على السفر خارج مصر.
لمح علي أثناء سيره طفلًا صغيرًا حائرًا بين الناس، يدور حول نفسه وعيناه توشك أن تفيض بالعبرات، توجه نحوه علي سريعًا وهبط على ركبتيه، ابتسم في وجه الصغير
- ما بك؟
ظل الصبي يبحث بعينه بين الناس
- لا أجد أمي.
بعدما قالها بدأ يبكي بكاءً حارًا مما استعطف قلب علي
- حسنًا حسنًا لا تخف سأساعدك، ألا تذكر أين تركتها؟
- كنت ذاهبًا أشتري بعض الحلوى وأخبرتها أن تنتظرني هي وأختي ورحلت سريعًا
- لا عليك يا فتى، هل يمكن أن تصف أمك لي؟
صمت الطفل طويلًا واضعًا طرف إصبعه في فمه
- إنها جميلة
ضحك علي على ما قاله الطفل ثم وضع يديه على كتفي الطفل مستعيرًا إنتباه الطفل.
- حسنًا سأعقد معك إتفاق، سأحملك على كتفي وأسير بك في أنحاء المركز كي تراك أمك لأنها بالتأكيد تبحث عنك، اتفقنا؟
أومأ الطفل برأسه موافقًا
- ما اسمك يا فتى
- اسمي علي
ابتسم علي الكبير ورفع حاجباه
- أنا أيضًا اسمي علي، هيا يا فتى لنجد أمك سريعًا
حمل علي الطفل فوق كتفيه وبدأ السير به بين المحلات، مرت دقائق عدة قبل أن يصرخ الطفل بأنه وجد أمه، نزل من على كتفي علي متلهفًا حتى كاد أن يسقط، هرول إلى أحضان أمه التي استقبلته بلهفٍة أكبر مع عبارات الحمد.
أمام العناق كان علي يقف مذهولًا فاغرًا فاه لا يتحرك، خفتت كل الأصوات حوله وبدأ يسمع دقات قلبه.
همس في سره: سحقًا لك يا صغير، قلت أن أمك جميلة، لم تقل أنها سيدة الجميلات كلهن.
- رقية؟
تلفظ بها علي فانتبهت الأم وتوجهت نحوه مستفهمة، لكنها بعد ثواني تجمدت مكانها هي الأخرى.
- علي؟
ابتسم علي فورما تذكرته
- نعم علي، علي يا رقية، كيف حالك؟
- بخير، ماذا تفعل في قطر؟
- لدي عملي
أومأت له مبستمة تحاول السيطرة على ملامحها ولا تنظر في عينه
- إذًا، هل نجلس لنشرب شيئًا؟
- آسفة بشدة لن أستطيع، زوجي وابنتي ينتظرانني في السيارة، لدينا يومٌ حافل بالمواعيد
أنت تقرأ
حدث في السماء
Short Storyأسير بين الناس وأختلط بالغبار في الهواء والقمامة على الطرق وأشم دخان عوادم السيارات، ويتأذى بصري بالعديد من الأشياء، لكني فورما أراها أشعر أنني دخلت غرفة عزل، فورما ألمحها تقترب يتلون العالم من حولي، عندما تتلامس يدانا أراها تشير بيدها الأخرى للسماء...