الجزء الاول

7 0 0
                                    

" ان الله حين يتولاك ولايته تهد الجبال تلين الحديد تسوق الى قدميك ما كان مستحيلا "












ام لُبابة : لُبابة استيقظي يا صغيرتي ستتأخرين على الجامعة منذ اليوم الاول
لُبابة : ارجوكِ يا امي دعيني انام لخمس دقائق اخرى
الام : قلتُ لكِ لا تطيلي السهر يا لعنادكِ ..هيا استيقظي سأعد لكِ الفطور
لُبابة : حسناً يا امي ، اف كم اكره الاستيقاظ مبكراً ادعو الله ان تنتهي هذه الاربع سنوات
بسرعة ...

دعوني اعرفكم على نفسي انا لُبابة البنت الصغرى لعائلة مكونة من خمسة افراد امي وابي واخي الاكبر علي و الاوسط احمد  وانا اخر العنقود والفتاة الوحيدة المدللة .
اليوم هو اليوم الاول لي في الجامعة  ومشاعري متناقضة جداً تارة اشعر بالخوف وتارة اشعر بالحماس ، انها مختلفة تماماً عن المدرسة عالم جديد لا اعلم ما الذي ينتظرني فيه ، يا الهي ... توقفت عن التفكير و قمت من على سريري  وفتحت باب الخزانة حائرة ما الذي سأرتديه
الام : لُباب اين انتِ
لُبابة : اماه لا اعلم ماذا سأرتدي
الام : اف يا لباب كل هذه الملابس ولا تعلمين ... حسناً ما رأيكِ بهذا القميص انه يبدو مناسباً لأول يوم
لُبابة : لا ادري سأجربه
الام : هيا خذي واسرعي قليلاً سيصل السائق وانتِ لا تزالين واقفة

لُبابه : ما رأيكِ يا امي
الام : تبدين رائعة يا حبيبتي ... عندما تنتهين تعالي لتأكلي شيئاً
لُبابة : حسناً   ... صففت شعري و وضعت
بعضاً من مساحيق التجميل و ذهبت لتناول الفطور
عندما انتهيت ودعتُ امي و ذهبت مع السائق الى الجامعة  …وصلت متأخرة بعض الشي
كل شيء يبدو غريباً علي انها ليست المرة الاولى التي آتي الى هنا لقد اتيت سابقاً بصحبة والدي

لكنني الان وحدي  ، اشعر بقلبي يخفق بجنون يكاد يقفز من بين اضلعي
مشيت الى قسمي   … يا الهي الى اين سأذهب الان ... سرت بضعت خطوات ورأيت مجموعة
من الطلاب يبدون وكأنهم مرحلة اولى مثلي توقفت بجانبهم قليلاً وسئلت احد الفتيات فقالت لي انهم مجموعة من طلاب المرحلة الاولى ينتظرون رئيس القسم لكي يدلهم على قاعاتهم ويقسموهم على حسب اسمائهم .
انتظرت قليلاً معها حتى اتى الاستاذ الذي اخذنا الى قاعتنا ما ان جلسنا حتى  بدأ يذكر لنا بعض القوانين التي يجب علينا الالتزام بها  .

ما ان خرج الاستاذ حتى بدأ الطلاب يتعرفون على بعضهم البعض لم اتحرك من مكاني جلست اشاهدهم فقط حتى شعرت بأحدهم يضع يده على كتفي التفت واذا بها الفتاة التي تجلس الى جانبي
قالت بابتسامة مرحباً اسمي رسيل
ابتسمت لها اهلاً بكِ وانا لُبابة
رسيل : اسمٌ غريب لم اسمعه من قبل لكنه جميل ما معناه
لٌبابة : معناه: الخالص المختار من كل شيء، سيد القوم؛
يقال: "هي لبابة القبيلة"، أي خيارهنَّ. و اللباب هو قلب الثمرة، وما في جوفها

رسيل : جميل جداً من اطلقه عليكِ
لُبابة : والدي هو الذي سماني
رسيل : يبدو ان والدك مثقف ... انا امي هي التي سمتني على اسم صديقتها المتوفاة
كانت تحبها جداً كأخت لها وعندما توفت كانت امي حامل بي فقررت ان تسميني على اسمها
حتى لا تنساها ابداً
لُبابة : وما معناه
رسيل : يعني الماء العذب
لُبابة : رائع يليق بكِ تماماً
رسيل : شكراً لكِ .... والان ما رأيكِ ان نذهب للكافيتريا لنشرب شيء ما لا اظن ان احداً
اخر سيدخل اليوم من الاساتذة كما تعرفين اليوم الاول دائماً ما يكون فوضى
لُبابة : حسناً هيا بنا .
_____________
  
مر على دخولي الجامعة ثلاثة اشهر وخلال هذا الوقت تعلقت برسيل جداً على رغم الفروقات
التي بيننا ،  في المظهر والتفكير فرسيل فتاة محجبة ومن عائلة ملتزمة
كذلك هي مرحة جداً اصبحت لي نعم الاخت والصديقة كنا نبقى طوال الوقت معاً منذ دخولنا الجامعة الى الوقت الذي يعلن انتهاء الدوام
اصبحت صندوق اسراري اعرف عنها كل شيء وتعرف عني كل شيء .
_____________

توالت الايام لم يكن بها شيئاً يذكر حتى اتى اليوم الذي اتت فيه طالبة جديدة
نقلت من جامعة الى جامعتنا كانت جميلة جداً ملابسها انيقة وعلى الموضة
و وجها يبدو وكأنه لوحة خطت على يدي فنان يبدو انها تجيد وضع مساحيق
التجميل دخلت مع احد الاساتذة وعرفت عن نفسها بأنها  أنيتا .

رسيل كانت مريضة فاضطرت ان تأخذ اجازة لعدة ايام لذلك كنت اجلس وحدي والمقعد الذي
بجانبي كان فارغاً عندما رأت المكان أنيتا تقدمت للجلوس بجانبي .

سألتني بعض الاسئلة عن المحاضرة ثم صمتت وعندما خرج الاستاذ
خرجت بعده ولم ارها الى نهاية الدوام .


في اليوم التالي اخبرنا احد الاساتذة بان علينا شراء كتاب ما وبينما انا ذاهبة الى المكتبة واذا
بانيتا اتت الي وهي تحمل كتابين
أنيتا : تفضلي
لُبابة : شكراً لكِ لقد كنت ذاهبة لشرائه للتو
أنيتا : لا داعي للشكر لقد مررت الى المكتبة لأشتري لي كتابا فجلبت لكِ واحدا
لُبابة : اتعبتكِ معي ... خذي عزيزتي
أنيتا : مستحيل لن اخذ منكِ المال
لُبابة : انه سعر الكتاب
أنيتا : وان يكن اعتبريه هدية لبداية صداقتنا
لُبابة : هذا لا يجوز ارجوكِ خُذي المال
أنيتا : يا لكِ من عنيدة  حسناً اعزميني على مشروب ما
لُبابة : حسناً اتفقنا

بعد بضعت ايام تحسنت رسيل وعادت للجامعة عرفتها على أنيتا لكن يبدو انهما لم
ولن يتفقا كانت علامات الغيرة تبدو واضحة على وجه  رسيل  اما أنيتا فيبدو انها
لم تطق رسيل ابداً جلسنا قرابة الساعة نتحدث في ما بيننا عن امور شتى ، حتى قالت رسيل :

رسيل : لُبابة هلا اتيتي معي قليلاً
لُبابة : ما بكِ يا عزيزتي لم تبدين منزعجة
رسيل : انا ماذا بي ام انتِ ماذا دهاكِ يا صديقتي كيف لكِ ان تصادقي انسانة مثلها
لُبابة : لمَ وما الذي يعيبها ؟
رسيل : الا ترين خريطة الالوان التي على وجهها وملابسها التي تبدو وكأنها ذاهبة
لحفل ما واسلوبها المتعالي في الكلام اضيفي الى ذلك  انها تنظر الي وكأنها رأت شيئاً مقزز بسبب بساطة ملبسي  !
لُبابة :  ما الذي تتحدثين عنه يا رسيل اذا كنتِ لا تماشين اللواتي يضعن المكياج ولا
يرتدين الحجاب فلم تتحدثين معي ؟ ثم من اين اتيت بأنها تنظر لكِ بتقزز انا لم ارى ذلك !
رسيل : بحقك يا لُبابة ! أتقارنين نفسكِ بها شتان ما بين الثرى والثريا ... ثم ان نظراتها واضحة
لُبابة : ولم لا ما فرقي عنها
رسيل : الفرق يا اختي بان ملابسك محتشمة اكثر منها وان كنتِ تضعين مساحيق التجميل
فأنتِ تضعين القليل جداً غير انكِ متواضعة وتملكين قلباً أبيض من القطن اما تلك الشمطاء
فتبدو وكأنها .........
لُبابة : اكملي لم توقفتِ
رسيل : لُبابة انا لا اريد ان اصادقها
لُبابة : اف يا رسيل لقد رأيتها منذ ساعة فقط ما هذه الاحكام ارجوكِ كفي عن هذا الكلام
وتعالي نعود لها لقد تركناها وحدها وهذا غير لائق
رسيل : اه منكِ .
________________



استمرت المشاحنات بين أنيتا ورسيل لفترة من الزمن .
أنيتا كانت متحررة جداً لابأس لديها بالحديث مع الشباب والمزاح معهم حتى انها كانت
تخرج معهم لبعض الاماكن . دائما ما كانت تحاول معي للانخراط معهم لكني كنت خجولة
بعض الشيء اما رسيل فكانت ترفض الامر تماماً وكانت تغضب جداً من محاولات أنيتا
لانضمامي لهم حتى انهما تصادمتا عدة مرات  .

وفي احد الايام كان هذا الموقف الفاصل في علاقتنا نحن الثلاثة
كنت جالسة في احد حدائق الجامعة وكانت رسيل تجلس بجانبي كنا نقرأ لامتحان الغد فأستاذ
هذه المادة متشدد جداً بينما نحن نقرأ اتت أنيتا تمشي بسرعة عندما وصلت امسكت بيدي لاقف :

أنيتا : لُباب تعالي معي سنخرج بعد قليل لاحد المطاعم الراقية جداً للاحتفال بميلاد امجد
لُبابة : أنيتا تعرفين بخجلي من هكذا مناسبات ارجوكِ اعذريني
أنيتا : لُبلب يا حبيبتي لقد اوصاني امجد ان احضركِ خصيصاً ارجوكِ لا ترديه فاليوم بالنسبة
له خاص ومميز ومن المخجل ان تردي دعوته لسبب تافه كهذا .
لُبابة : اف لكني لم احضر اي هدية
أنيتا : لا تقلقي لقد احضرت واحدة بالنيابة عنكِ
لُبابة : ما هذا الكلام يا أنيتا لم تصرين على احراجي دائماً بهذا الشكل ... اسمعيني اذا
لم تأخذي المال هذه المرة لن اتحرك من مكاني هذا !
أنيتا : عنادك يقتلني ... حسناً لا بأس بذلك

ما كدت ان تحرك حتى صاحت بنا رسيل : ما بكِ يا لُبابة كيف تذهبين معها لمثل هذا الحفل
هناك الكثير من الشباب بينهم لم اعهدكِ هكذا !
لُبابة : على رسلكِ لما الصياح انه مكان عام
رسيل : وأن يكن انتِ لم تكوني هكذا لم تختلطي بشاب منذ دخولك الجامعة ماذا دهاكِ الان
أنيتا : اف كفي عن ازعاجها يا لكِ من معقدة ماذا سيحدث ان اختلطت انهم اصدقائنا غير هذا
لا اعتقد اننا دعوناكِ حتى تحتدي بهذا الشكل
رسيل : أجل  لكنكِ دعوتي اختي ويحق لي منعها فأنا اخاف عليها من هؤلاء المستهترين
الذي لا اعلم من ايت اتيتي لنا بهم
أنيتا : حقودة وحسودة كفاكِ غيرة
رسيل : انا حقودة ....
لُبابة مقاطعة لرسيل : كفاكما عراك  ... وانتِ يا رسيل لا اعتقد بأنكِ امي سأذهب اينما اشاء
رسيل : هكذا اذاً ، افعلي ما تشائين ( غادرت رسيل المكان ) .

أنيتا : اسرعي لُبلب سنتأخر واتركي عنكِ هذه المعقدة لعقدها تخنقها حتى الموت
لُبابة : اف دعينا نذهب لقد مللت من هذه المشاكل التي لا تنتهي .
ذهبنا للاحتفال كان المكان يضج بأصدقاء امجد كنا اكثر من عشرين شخصاً .

امجد : او انظروا من هنا مرحباً سيدتي لقد أنرتِ المكان بحضوركِ المميز ،
اسعدتني جداً بتلبيتكِ للدعوة لقد خشيتُ ان ترفضي الحضور .

لُبابة ( بأحراج شديد ) : مرحباً بك وكل عام وانت بخير

أنيتا : ما هذا هل سترحب بها هي فقط ام انك لم تعد تراني هه

أمجد : كيف لي لا ارى صديقي الصدوق احسان كيف حالك
أنيتا وهي تضربه على كتفه : يا احمق كف عن مناداتي بهذا الاسم الا ترى كل هذا الجمال
أمجد رد ضاحكاً : لا يمكنني رؤيتكِ الا احسان
أنيتا : سأسكت لان اليوم هو يوم ميلادك
أمجد بمزاح  : اصيل يا حسون
أنيتا : الصبر يا الهي
امجد ممازحاً لُبابة : بربكِ الا تشبه احسان الذي يعمل في الامن عندما تغضب
لُبابة ضاحكة : أنيتا جميلة في كل حالاتها .
أنيتا : وهي تحتضن لُبابة  وتمد لسانها لأمجد لأغاضته ونعمة الصديقة صديقتي
أمجد بابتسامة : هنيئاً لكِ ليت لي صديق مثلها
أنيتا : انها صديقتك ايضاً يا امجد
لُبابة :( مغيرة لمجرى الحديث ) دعونا ننظم للآخرين لقد طال وقوفنا
أمجد وهو يتحسر : هيا بنا
كانت لُبابة تشعر طوال الوقت بالضيق لا تعلم ما السبب لم تصدق ان الوقت انقضى
عادت بعدها لمنزلها مسرعة .

_____________
بعد ما حدث بين رسيل ولُبابة لم تحاول اي منهما الاعتذار مما سبب بينهما فجوة كبيرة
وبقت احوالهما على ما هي عليه حتى انتهاء العام الدراسي .

كانت العطلة بالنسبة للُبابة مملة جداً فأمها  مشغولة  بالتحضير لزفاف ابنها الاكبر و والدها
دائماً ما يكون مشغول بعملة ولا يعود الا بالليل منهك من العمل اما اخويها الاثنين فهما يعملان معاً
بشركتهما التي أنشئاها حديثاً لذلك هما يمضيان اغلب الوقت بها .

وبذلك امضت لُبابة العطلة وهي تشعر بالوحدة  على الرغم من الحاح أنيتا عليها لكِ تخرج معها
ومع شلتها الا انها كانت ترفض كل مرة متحججة بحجة ما فبعد اخر لقاء لها مع الشلة اصبحت تفضل
الابتعاد عنهم لا تعلم ما السبب لكن شيئاً ما بداخلها كان يبعدها عنهم .

وتولني ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن