تجلس تتحرك في شقتها ذهابًا وإيابًا،تشعر وأن النيران تنهش في قلبها،ذلك القلب الذي بات لا يفعل شيء في الأونة الأخيرة سوى البكاء،البكاء على حبيب قسى ولم يهتم به أو بنذيفه.
وضعت يدها تتحسس بطنها وكأنها تستمد القوة من صغيرها الذي ينمو بداخلها.
"يحصل اللي يحصل،عشانك هنهي المهزلة دي،مش هستنى أما الهانم تولد ويبقا أنا وأنت مصيرنا الشارع لا"
حزمت أمرها بعدما طمأنت نفسها بأن ما تفعله هو الصواب بلا شك،خرجت من الشقة متوجه إلى المكان الوحيد الذي حذرها زوجها من الأقتراب منه ألا وهو منزل شهد.
أما هو فكان يسوق سيارته بسرعة جنونية وحديثها يتردد على مسامعه،نعم هي معها حق ،ربما اخطأ عندما تزوجها لكنه كان يرغب بابن له،هل ليس من حقه أن يصبح أب .
توقف بسيارته وهو يزفر بحنق بعدما صدعت رنات هاتفه عدة مرات ،أمسكه بغضب وهو يجيب على ذلك الاتصال الذي كان من رقم مجهول
:أكيد يا حبيبي منسيتش صوتي ،مش كدا
جحظت عيناه عندما استمع لها،كيف ذلك فهي من المفترض إنها ماتت .
"إيه يا مازن ،للدرجاتي الصدمة مش مخلياك عارف ترد .
مين معايا
قالها بصوت منبوح متمنيًا ألا يكون ما يفكر به صحيح،لكن هيهات فالرياح لا تأتي بما تشتهيه السفن .
جاء ردها قاطعًا أي شيء معلنًا عن بداية حرب ستنتهي بخراب عالمه أجلًا أم عاجلًا.
"أنا البنت الصغيرة اللي بعد ما خلفت منك رميت بنتي في مدرسة داخلي وأنا حاولت تقتلني يا مازن،لكن شوف القدر ،بنتي ماتت بعد ما اترمت في الشارع عشان المصاريف اللي أنت وقفت واستخسرت تدفعها،ماتت وهي في الشارع مش لاقيه لقمة تاكلها.
أنا مش جاية أعاتب يا مازن،لا ،أنا جاية أدمر بس اتصلت بيك اسألك تحب ابدأ بمين شهد ولا فرحة"
أغلق الخط على الفور دون النطق بحرف ذائد ،شعر وأن الأكسچين يُسحب من حوله ،عادت إليه ذكرياته القديمة فيبدو أن القدر سيبدأ بالثأر منه الآن.
************************************
شعر وأن أحدهم سكب عليه دلو ماء بارد،أكانت تعلم كل شيء.
كان ينظر لها فقط ولا يستطيع أن ينطق بحرف واحد،نعم هو مخطأ وقد يكون ضحية ولكنه لا يجد أي شيء يقوله ؛ليبرر فعلته تلك.
ابتعدت عنه ودموعها لا تتوقف،تشعر وأن أحدهم طعنها بخنجر في قلبها ولكن ليته كان شخص غريب لكانت طعنته لم تؤلم بهذا القدر.
ابتسمت بسخرية وهي تتوسط الفراش وتنظر له نظرات لا أحد يستطيع تفسير إن كانت حب أم عتاب أم كره.
أسف يا نور ،والله ما
لم تعتطه فرصه لتكمله كلامه حين قاطعته قائلًا:
-من غير ما تبرر يا أدم،أنا سامحتك من امبارح عشان كدا احتفلنا مع بعض.
نظرات الصدمة تعتلي معالم وجهه،فهو لم يتوقع منها ذلك الشيء
لكنه صُدِم اكثر حين قالت له :
-أختي اللي رتبت كل ده يا أدم،بتنتقم للماضي،بعد ما خسرت كل حاجة ،كل حاجة سبتها بسببها ،جاية تاخدك أنت دلوقتي ،حتى الحب مستكتراه عليَّ
دخلت في نوبة بكاء مرير ،فاختها هي مصدر شقائها وعذابها في تلك الحياة.
اقترب منها ببطئ من ثم أخذها في أحضانه ،كانت شهقاتها تمزق له قلبه،فهو جعل تلك الشيطانة تنجح في إذائها.
أغمضت عيناها بوهن فهي التمست له العذر فيما فعله لكن قلبها لن ينسى خيانته مهما حدث.
شعر بثقل رأسها على كتفيه فعلم إنها نامت ،زفر بحزن من ثم توعد بأن ينهي كل شيء ،يكشف الحقائق المخبأة مهما كانت النتيجة .
خرج من المنزل متوجهًا إلى ذلك القصر الذي حُرم على زوجته دلوفه بسببه ،وصل إلى وجهته بعد صراع طويل بين عقله وقلبه،العقل الذي يصمم لبدأ لعبه نهايتها ستكون بإنهاء حياة إحدى الأختين بلا شك،والقلب الذي يصرخ رافضًا لتلك المعركة التي ربما يخسر روحه فيها.
حزم أمره ودلف للأخر بعدما فتحت له الخادمة،صدمة اعتلت وجه الجميع عند رؤيته،ذكريات الماضي تُعاد مرة أخرى أمام أعينهم.
وقف الجميع وهم يحدقون به ونظرات الغضب والكره تكاد تخترق قلبه وتقتله.
كاد الأب يفتح فاه لكنه توقف حين بادر أدم بالحديث بنبرة غاضبة متوعدة
- أسمع يا حج،أنا جاي أقولك كلمتين وامشي،بنتك لو مبعدتش عني وعن مراتي مش هيحصل كويس.
الصمت هو سيد الموقف ،لا أحد يستطيع التفوه بكلمة واحدة،كيف تمكن من الذهاب إليهم وهو يعلم إنه لن يخرج حي من هذا المكان.
اقترب أخيها الاكبر منه وعيونه تشع نيران من شدة غضبه تكاد تحرقه
- ليك عين تيجي وتهدد كمان
- لو مش عايز الماضي يعيد نفسه تاني،أبعد بنتك عننا يا حج
سحب زينات مسدسه وهو يشتمه بأبشع الألفاظ لكن صوت الأب جعل الابن يتراجع ؛لخوفه من بطش أبيه.
اقترب منه الأب بهدوء وهو يقول بصوت يشبه هسيس الأفعى
- أنت جاي تهددني في بيتي ومش خايف
- اللي عندي قولته،بنتك لو مبعدتش الزمن هيعيد نفسه قدام عينك،أنت ظلمتها زمان وقريب أوي هتندم على ظلمك ليها
من ثم نظر لوالدتها التي خيم الحزن على معالم وجهها حتى بدى وكأنها تملك من العمر قرن وليس عدة سنوات.
- الإنسان أما يكبر بيحتاج حنان،لكن لو مداش الحنان ده الأول ،محدش هيعرف يدهولي .
خرج تاركًا خلفه نيران اشتعلت، وماضي كان قد تم محوه عاد لفتح الجراح القديمة مرة أخرى.
أخذ سيارته عائدًا إلى منزله وهو يشعر بأن الأيام المقبلة ستحمل الكثير والكثير؛لكن ما إن وصل إلى المنزل،تطايرت شرارات الغضب من عينيه وهو يتوعد بالكثير والكثير لتلك التي تجلس مع زوجته
************************************
يعني إيه أقلع الحجاب ؟!
اقترب منها بهدوء وهو يبتسم لها،تاهت في خضرة عينيه فهي في ذلك السن الذي تعجب فيه بأي شخص وسيم،ولكن إياد العمري كان اكثر الرجال وسامةعلى الأطلاق،يجيد التعامل مع النساء جيدًا حتى تقع في حبه من ثم يلقيها من القمامة التي لا قيمة لها.
التصقت في الحائط وأصبح هو امامها مباشرة،ابتسمت بخجل فها فهو ما يحدث في المسلسلات الهندية يُعاد أمامها معها الآن.
اقترب من شفتاها وقبلها ببطئ بينما هي كانت كالمغيبة بين يديه،تظن أن الحياة ستفتح لها أحضانها وأن ذلك الوسيم وقع في شباكها.
خله ذلك الحجاب الذي كانت ترتديه فانسدل شعرها الأسود القصير على ظهرها.
ابتعد عنها بعد فترة قائلًا:
- كدا شكلك احلى ،كمان عشان تلبسي الهدوم الجديدة اللي جبتهالك .
كان تبدل نظرها بينه وبين حجابها ،صراع بين ما تربت عليه وبين ما يطلبه هو.
وافقت وهي بداخلها لا تقتنع بما تفعل لكنه لن تجادله على أي حال،دلفت للمرحاض بعدما أعطى لها فستان قصير للغاية بدون اكمام طالبًا منها أن ترتديه .
ابتسم بخبث على تلك المغفلة التي تظن أنه احبها ولكنه في الحقيقة يستمتع بوقته لا أكثر.
خرجت بعد قليل من الوقت وهي ترتدي ذلك الفستان الذي يكشف أكثر مما يستر ،ودت أن تعترض لكن خوفها منعها كما أنه أعجبها الكلمات التي ألقاها على مسامعها عن كيف تبدو جميلة بذلك الفستان.
أمسك يدها وخرجا متوجهين للشاطئ،كان إياد حجز الشاطئ باكمله له وحدة،كي يستمتع بوقته مع تلك الصغيرة قدر الإمكان.
ارتدت ملابس البحر كما أمرها إياد،ونزلا إلى المياه معًا وكانت تشعر وإنها كالفراشه من بين قبلاته وأحضانه.
خرجا من المياه بعد وقت ليس بقليل ودلفا إلى غرفتهما،دلف هو إلى المرحاض بينما هي جلست تبتسم بفرحه وهي تنظر في أثره بحب أو ربما إعجاب لا أكثر .
فاقت من شرودها على صوت رسالة على تليفون إياد،غلبها فضولها لاستكشاف هاتفه وما إن مسكته حتى جحظت عيناها من الصدمة وهي ترى على الشاشة الرئيسية رسالة من فتاة
"إيه يا حبيبي،مجتش امبارح ليه زي ما اتفقنا،عمومًا أنا هجهز نفسي انهاردة ومستنياك"
وضعت يدها على شفتاها وابتدأت في البكاء فاول حب في حياتها لم يتردد في خيانتها.
خرج من المرحاض وجدها تمسك هاتفه ودموعها تنساب على وجنتيها،اقترب منها وأخذ الهاتف مسرعًا متفحصًا إياه،ففهم لماذا تبكي.
لم يعيرها أهتمام ووقف يصفف شعره بينما هي اشتعلت الغيرة في قلبها واقتربت منه صارخة:
- أنت ازاي تخوني،أما أنت بتحبها هي اتجوزتني ليه.
-مين قال اني متجوزك أصلًا.
جاء رده على حديثها كمن سكب عليها دلو ماء بارد.
يعني إيه
قالتها برعدة وخوف شديد
فاستدار لها وهو يضع يده في بنطاله قائلًا:
- يعني أنا متجوزك عرفي مش رسمي،محدش يعرف بجوازي منك غير ابوكي والسكرتيرة واخويا ،يعني في أي لحظة ممكن ارميكي في الشارع عادي.
كان حديثه كالصاعقة على أذنيها لكنه وفي لمح البصر اقترب منها جاذبًا خصرها
- لكن اول ما تحملي مني هعلن جوازنا قدام العالم كله ساعتها هبقى بس ليكِ.
لم بينتظر ردها وبدأ في تقبيل كل إنش في وجهها بينما هي عزمت على تنفيذ شيء ما ؛لتنتقم لكبريائها وفي نفس الوقت عزمت أن تحمل منه بسرعة حتى ينفذ وعوده لها .
************************************
دلف إلى المكتب في تلك اللحظة فابتعد الرجل على الفور وهي ينظر أرضًا،نظر إلى مي نظرات حارقة وقبل أن تفتح فاها اشار لها أن تصمت .
تمام،أخرج أنت دلوقتي
خرج الرجل راكضًا من مكتبه بينما دلف ذياد وأغلق الباب خلفه،دب الخوف إلى قلبها وقبل أن تتحدث وجدته يجلس على مكتبه متابعًا عمله وكأن شيء لم يحدث .
-كملي شغلك ،أنا كنت بس بتأكد إنك فعلًا نضيفة.
شحب وجهها بالكامل من ثم قامت من مكانها وأمسكت كأس المياه الذي كان على الطاولة وألقته في وجهه قائلة:
- أنت بني أدم قذر وزبالة،ازاي تسمح لنفسك تعمل فيَّ كدا.
نظر لها بغضب من ثم قام من مكانه جاذبًا شعرها بين قبضتيه بقوة حتى كاد يقتلعه في يده
- لو فكرتي تعملي اللي عملتيه ده أو لسانك يطول مش هتردد للحظة إني اقتلك فاهمة.
دفعها بقوة فوقعت متألمة على الأرض فجثى على ركبتيه امامها وهو يحرك سبابته محذرًا:
-أي غلطة هتعمليها،هتلاقي رد عليها مش هيعحبك أبدًا.
قام من مكانه وهو يأمرها أن تذهب للمنزل مسرعة وتجهز نفسها.
خرجت وقلبها ينبض بسرعة شديدة من شدة ذعرها،وصلت للمنزل وأغلقت الباب خلفها وابتدأت في البكاء بشدة على حالها لكن ارتعدت بشدة عندما رأت من يضع السكين على رقبتها.
************************************
#للقدر رأي أخر
# أنچي ميشيل
بعتذر عن التاخير وقصر البارت بس والله غصب عني انشاء الله اعضوكوا البارت اللي جاي
مستنية رأيكم في الرواية 🥰🥰🥰
أنت تقرأ
وللقدر رأي أخر
רומנטיקהكثيرًا ما يتحدد المصير فعليًا ونظن أن الحياة ستفتح لنا أحضانها ولكن هيهات فالسعادة في هذة الدنيا شيء صعب المنال.