꧁ العصر الجديد ꧂

الفصل الثاني عشر: ما هو الوقت الآن؟؟

حلَّ فصلُ الشتاء. من خلال النظَر عبر نافذة غرفتي، أستطيع أن أرى البياض قد كسى أسطُح المنازل المجاورة؛ فقد هطل الثلج دون توقُّف خلال الأيام القليلة الماضية.

أنهيتُ تناولَ طعام الإفطار في غرفتي. إذ كانت جودي تجلبُ لي وجبة الإفطار إلى غرفتي في تلكَ الأيام الماضية. بِحُجَّةِ صب تركيزي الكامل على الاستعداد لنهاية السنةِ الأولى. هه.. تلك هيَ الحُجَّة، لكنَّها بعيدة عن الحقيقة تمامًا.

على ذِكرِ سيرة الإفطار.. في الوقتِ الحالي، يُعتبر تناول الطعام مُزعجًا بعض الشيء. هذا صحيح، فقد وصلتُ للمرحلةِ العُمرية التي يفقدُ بها الطفل الضروسَ اللبنية الطاحنة. لم يكن الأمر سيئًا للغاية عندما بدأتُ بفقدان قواطِعي اللبنية الأمامية عندما كنتُ في القرية، إذ أنَّ دورها أقلُّ أهميةٍ أثناء تناولِ الطعام.

أما الآن، فقد فقدتُّ ضرسًا من الجهة اليُمنى واليسرى في وقتٍ مُقارِب. أتساءل لُمَ لَمْ ألقِ للأمر أدنى اهتمام، عندما حدثَ ذاتَ الأمر معي أثناء طفولتي في حياتي السابقة، بينما الآن يثيرُ ذلك إزعاجي كُلَّما أردتُّ تناول الطعام.

على أيِّ حال، شارَفَتْ السنة الدراسية الأولى للأكاديمية على الانتهاء. إذ تنقسم السنة الدراسية إلى فصلين دراسيين، ويدوم كلُّ فصلٍ منها أربعَةُ شهور، وبين كلِّ فصلٍ دراسي يُمنح الطلاب عطلةً تدومُ شهرَين.

ها أنا ذا، على وشَكِ إنهاءِ السنة الدراسية الأولى لي في الأكاديمية. لقد مُنِحنا فترة نستعِدُّ بها للامتحانات السنوية للمواد النَّظرية للأكاديمية، والتي تدوم لأسبوعين.

لحسنِ الحظ، تمكَّنتُ من استغلال ذلك الوقت في تدوين وترتيب مجلداتي العلمية. هذا لأن اجتماعات لوكا والآخرين انقطعت بسبب انشغالهم في التحضير لتلك المواد. بالنسبة لي، كانت تلك المواد بسيطة وأوَّلية. هذا طبيعي، فهي تتناسب مع مستوى الأطفال. والتي تتضمن أساسيات القراءة والكتابة بلسان وارنم، العمليات الحسابية الأولية، بالإضافة إلى التاريخ والثقافة العامة.

على الرغم من انشغالي كل ذلك الوقت في تدويني للمجلدات، إلَّا أنَّ ما قالهُ لي لوكا منذُ فترةٍ لايزال يتردَّدُ في ذهني: [تستطيعُ صُنعَ العجائب بعقلك يا كونور. عجائب مدهشة، لا يمكن لأي تعويذة أن تُحقِّقَها]. شعرتُ أن عاتقًا كبيرًا قد أُلقِيَ على كاهلي. لكن، لا أعلم حتى الآن مالذي يجب علي صنعهُ يا لوكا. ما الذي قد يغير من حياة الناس في هذا العالم؟

أخذتُ أنظرُ من خلال نافذة غرفتي مجددًا، فكانت السماء مكتظَّة بالغيوم. تنهَّدتُّ وقلت "لا وجود للشمس اليوم كذلك هاه.. [تنهُّد] أتساءل ما هو الوقت الآن". فتحتُ السَّتائر لدخول أكبر قدر ممكن من الضوء الخارجي، على الرغم من ضآلته هذا اليوم.