في صباح جديد، جلست ربى على الطاولة وهي تمسك كوب القهوة بكلتا يديها، تتأمل البخار المتصاعد منها بعينين زرقاوين شاردتين، فيما جلس أشهم قبالتها، يتفقد صحف الصباح، ثم نطق فجأة وهو ينظر إليها بزاوية ابتسامة:
أشهم: "ربى... كنت أفكر، بما أنكِ تكتبين عني، هل أزعجك هذا الوحش في الرواية؟"
ربى (تضحك بخفة وهي تحرك الملعقة داخل كوبها): "في البداية، كنت أكتب عنك بغضب، كنت أفرغ قهري في السطور. لكن الآن؟"
أشهم (يرفع حاجبه): "والآن؟"
ربى: "أحب أوامره، أحب نقاشاته، أحب مشاكله، وتفاصيله التي كنت أظنها مزعجة صارت فصولًا ممتعة."
أشهم (يميل للأمام): "يعني البطلة بدأت تقع في حب الوحش؟"
ربى (تبتسم بمرح): "ربما... أو على الأقل أصبحت لا تحتمل فكرة غيابه."
ضحكا معًا، وضج المكان بخفة اللحظة. بعد دقائق من الهدوء، سألها أشهم وهو يسكب الشاي لها بهدوء:
أشهم: "متى يوم ميلادكِ، ربى؟ لم تخبريني أبدًا."
ربى (تتوقف لحظة، ثم تعود تنظر إلى فنجانها): "أتدري... لا أذكر. أعني أعرف التاريخ، لكنه لا يحمل أي شعور خاص لي."
أشهم (يتفاجأ): "كيف يعني؟ لا تحتفلين به؟ ولا مرة؟"
ربى (بصوت خافت): "لا. لم أحتفل به أبدًا. هو أول يوم في السنة، والجميع مشغولون بالبدايات الجديدة، بالخطط، بالضجيج. أما أنا... فلطالما كنت وحدي فيه. حتى أبي، كان دائمًا يقول: نؤجل الاحتفال. ثم ينسى."
أشهم (ينظر إليها بعين مختلفة هذه المرة، بصوت أكثر هدوءًا): "وهل تكرهينه؟"
ربى (تهز كتفيها): "أكرهه، لأنني كلما حاولت أن أفرح فيه، حدث شيء يذكرني أنني لا أستحق الاحتفال. كأن ذلك اليوم ملعون عليّ."
أشهم (ينظر إليها مليًا): "لكن ما رأيك أن نغير هذا العام؟"
ربى (تضحك دون أن ترفع رأسها): "أنت؟ تغيره؟ أنت من وضعت قانون الفطور الساعة سبعة!"
أشهم (يبتسم): "وربما أضع قانونًا جديدًا: أن نبدأ السنة باحتفال خاص لكِ فقط، لا علاقة له بأحد."
ربى (ترد وهي تنظر له نظرة ممتنة): "سيكون أول يوم ميلاد لا أكرهه، إن كان من تنظيم الوحش."
أشهم (بحنان نادر يظهر في صوته): "الوحش هذا... يخطط لشيء كبير هذا العام، من أجلك."ربى (بهدوء): "أحيانًا... أعتقد أنني لو لم أكتب عنك، لما فهمتك. والآن، لا أستطيع التوقف عن الكتابة... ولا عن النظر إليك."
أشهم (يبتسم وهو يتكئ على الطاولة): "وأنا؟ لو لم أقرأ كلماتك، لما عرفت أن هذا الوحش يمكن أن يكون محبوبًا."ربى: "أشهم..."
أشهم: "نعم؟"
ربى: "أتعلم... رغم كل شيء، أنا سعيدة أنك كنت بداية هذا العام."
أشهم: "وأنا سعيد أنني لست وحدي في عالمي الرمادي... أصبحتِ أنتِ الضوء الذي خلفه."
