جحر الشيطان ج3
ما زال للعشق بقية
الفصل الخامس والثلاثون ( الجزء الاول)إهداء إلى حبيبة القلب، ورفيقة الدرب، وعزيزة الروح، وضياء سماءي ( أسماء) اهدي لكِ هذا الفصل يا شريكة الفردوس الأعلى قراءة ممتعة.
على الرغم من إن الظلام الحالك يلفها برداء حالك السواد، والطريق معتم لا ترى حتى يديها، وجروحٌ طفيفةٌ انتشرت في جسدها بأكمله؛ جراء الزروع المشوكة التي لم تلاحظها، كانت خديجة تسير على غير هوادة ..
غير دراية ..
كانت تدرك لا ريب إنها ربما تقطع الطريق الخطأ.
وربما تواجه ما لا تستطع عليه صبرًا ..
وربما هو طريق بلا عودة ..
بلى أمل ..
بلى نجاة ..
رغم كل هذا كانت تسير في هدوء مثير للعجب، وخفيف ساقيها كان يرعد فؤادها برعدة قوية، ولسانها يردد في هدوء عكس جم ما يجوس من أعماقها، من قلق ليس على نفسها، بل على البنات :
_ لا إله إلا الله.
بيقين تام، وثقة، وحسن ظن في الخالق، كانت ترددها بكل راحة.
أوليس بذكر الله تطمئن القلوب، وتسكن؟
وهي كانت مطمئنة القلب، واثقة الإيمان.
فجأة! قفزت في ذهنها أنشودة من اللا مكان .. أنشودة عن الحبيب محمدٍ ﷺ وراح عقلها يرددها
"فيا حبٌ فيا وجد واشتياقٌ لا يحدُ
يا رسول الله قلبي لم يزل باسمك يشدو
أنت للعالم رحمة جئت تمحو كل ظلمة
نحن يا خير رسول بك صرنا خير امة
حبك الساكن فيا لم يزل يهمي عليا
بهجة في الروح فاضت وسلاما ابديا
صل يا رب عليه واسقنا من راحتيه
ذابت الروح وتاقت وبكت شوقا اليه
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع"وبغتة انفجرت باكية، وهي ترددها كأن قلبها قد وجد ضالته، واستندت إلى جذع الشجرة وانهارت على ركبتيها، وهي تنظر حولها في خوفٍ وبعد إن شق عليها هذا الظلام الحالك، رفعت عينيها إلى صفحة السماء التي غطت بالنجوم الساهرة كأنها تخبرها همسًا "ألا بأس نحنُ معكِ، لا ضير من البكاء، ففي الدموع راحة"
ودارت ببصرها إلى القمر المنير، المكتمل، فبدا جميلُ الطلة، مريحٌ للنفس، يرمقها في حنان، قائلًا خلسة "هأنذا أنير طريقك، فلما البكاء؟"
كان بداخلها اشتياق غريب طفى في فؤادها دون سابق إنذار إلى حبيبها المصطفى، فجرى الدمع منهمرًا من مآقيها، وانتحبت وهي تنقل بصرها إلى القمر، والنجوم، وقالت بنبرة متحشرجة كأنما تخاطب رفقاءها، منصتون إليها، مهتمون :
_ هو أنا خلاص هموت هنا؟ ولا هخرج؟ أنا مش خايفة من الموت أبدًا، عشان لما اموت هشوف حبيبي محمد وحشني أوي واشتقت ليه جدًا.
صمتت لهنيهة، مسحت خلالها أدمعها، وشردت كأن روحها، وقلبها، رفرفا محلقين، وتألقتا مقلتيها بلمعة تضوي، ورددت بصوت يقطر شوقًا، وحنانًا، و وجدًا :
_ لقد كان رسول الله ﷺ متوسط القامة، لا طويلٌ ولا قصير، ذا وجهٌ مستدير إذا تبسم استنار وجهه كالقمر، أكحل العينين، كث اللحية، شديد سواد الشعر، كان طيبُ الرائحة، عريضُ الصدر.
بِحُبك يا رسول الله رق قلبي وطاب، بحُبك يا رسولي اطمئن، وبذكرك استنار دربي، حُبك ملأ الحنايا شوقًا، وفاض القلب حنينًا لمرآك يا سراجُ نفسي، فاسقني يا رب من راحتيه الشرفتين فهذا كل ما أرجوه.
أنت تقرأ
جحر الشيطان (ما زال للعشق بقية)
Bí ẩn / Giật gânما بين العشق والأنتقام، ستقع هي أسيرة ستطوته في جحرٍ الخروج منه مستحيل فكيف ستعافر لتنجو من براثنه