" الحفلة المشؤومة : اجتياح براءة جسد 2"
ظلت سميحة متمددة على الفراش بلا حراك و يدها تعانق تلك الوسادة الفضيىة بينما وجهها ظل يغوص في أعماقها ، تسكر جسدها برائحة المعشوق الذي حرمت منه ، لتتحرك شفتيها بخفة و كأنها تدغدغ الوسادة و هي تفضفض لها بمكنونات قلبها وهي تقول بصوت لم يخلو من بعض الشهقات الناعمة .
" ليتني حظيت بفرصة النوم بين أحظانك ، أو حتى ملامسة أطراف أصابع يديك لو تعرف بأن رائحتك فقط تكفيني يا أحمد ، نظرة عيونك تخطف أنفاسي و لا تعيدها لي فأظل أتخبط في بحر مشاعر لا حدود لها ، لقد حرمتني من شئ سوف أظل أريده و أتعطش له طيلة حياتي , و الله لم أطر بأحلامي و أحلق بها عاليا لقد أحببتك و تمنيتك فقط لم أرد أكثر من هذا ، لم أطلب الكثير يا الله "
نزلت عبراتها تشق خدها بنعومة لتتشربها الوسادة التي بثت لها مشاعرها ، ثم تنفست أخيرا وهي تشعر بالراحة، لتعيد الوسادة إلى مكانها .
لتنهض بعدها بخفة من على الفراش و هي تمسح عينيها من أثر الدموع ، متجهة نحو الحمام و هذه المرة فتحت الباب متجاهلة النظر نحو تلك المرآة التي ربما تعكس ضعفها ،و لكنها أصلا لن تهتم مادام هذا الضعف بينها و بين نفسها . لتتجه نحو حوض الإستحمام
وهي تقول بصوت عادت فيه روح القوة و المقاومة
" لا بكاء بعد اليوم يا سميحة جففي دموعك ، فقدت أمك حبيبتك و فقدت نبض قلبك مع فقدان أحمد ، إنتهى الأمر من مات و دفن تحت التراب لن يعود ولو بكيت ليل نهار . آن لك التعود على هذا الأمر ، رحل الماضي و من معه و الحياة لن تتوقف على حزنك أنت "
ثم بدأت تخلع ثيابها وهي تشعر بأن تلك المياه التي أخذت تجري في وسط الحوض سوف تطهر قلبها و جسدها و تكمد جراحها الملتهبة و تطفئ تلك النيران التي إشتعلت و نشبت بداخلها و لن يطفئها سوى تخلصها من ريم فهي ما يربطها بالماضي الخاص بنفس وهذا ما تريد محوه ، أما رضوان فأمره سهل و سوف تعرف كيف تتعامل معه و لن يرفع رأسه أمامها مرة أخرى و بالأخير سوف يرضخ .
" ااااه يا نفس لم فعلت هذا متى الفكاك منك ؟
، لما لم تأخذي ريم معك أنا أراك كل يوم و كل ليلة أسمع صوتك يرن داخل أذني أراك بريم و أنا وأنا أريدك أن تموتي إلى الأبد لم أعرف بأنه مع موتك سوف يتزايد هذا الألم بداخلي أنت مرض مزمن و لقد أقسمت بأني سوف أتعايش و أتقلم معه رغم ألمه الذي ينخر جسدي و قلبي و يستنزف روحي بلا رحمة "
جلست داخل حوض الإستحمام بينما أخذت تلك المياه تتسابق لتغمر كامل جسدها ، لتتنهد براحة وهي تتكأ برأسها على الحوض من خلفها ، ثم أغمضت عينيها و قد شعرت بأن آلامها و أحزانها قد إختلطت مع المياه مودعة جسدها ، ظلت تتنفس برتابة و إرتياح و قد أوقفت ذلك المحرك الذي لا يكف عن إزعاجها بذكريات لا تريدها و لكنها تأبى تركها تظل تعذبها و تؤرقها بلا رحمة ، ذكريات صارت في غنى عنها , و لكن لعقلها و الماضي خطط أخرى لا تنصاع لخططها .
لتنزل فجأة بكامل جسدها تحت المياه حتى إختفى وجهها و غمر تحت الماء كاتمة نفسها ، في حين أخذت تلك الفقاعات بالتسابق نحو الأعلى.
ظلت هكذا لعدة ثواني ولكن ما أن فتحت عينيها حتى رأت آخر شئ تمنت رؤيته في هذه اللحظة ، وجه نفس ولكن ليس ذلك الوجه الجميل البشوش بل كانت مشوهة و عيونها قد فقدت تلك النظرات البريئة الطفولية ، لتحل محلها نظرات حقد و كره و لكن إختلطت ببعض الترجي و اليأس ، لتفتح سميحة عينيها هذه المرة ، تريد الخروج من تحت المياه و لكنها لم تستطع و كأن هناك شئ يشدها بقوة و يضغط على بطنها لتفتح فمها و تأخذ المياه مجراها إلى داخل جسدها ، ووجه نفس ظل يقترب منها ليلامس سطح المياه .
مع إقتراب وجه نفس ، بدأت سميحة تتخبط تحت الماء ، تضرب بيدها حواف الحوض في محاولة للتمسك به كي يساعدها على الخروج من تحت المياه و لكن دون جدوى .
لتفتح عينيها فجأة و هي غير قادرة على التنفس ، ظلت تنظر حولها برعب كالمجنونة و هي تتسائل هل ما عاشته الأن مجرد كابوس ، هل ما رأته حقيقة أم وهم صوره لها ذلك الضمير الذي يعاتبها كل ليلة . كانت تنادي و تردد بخوف و توتر و هي تستدير يمنة ويسرة .
" نفس ، نفس هل أنت هنا ، نفس إن كنت هنا فتكلمي "
لتمسح بيدها على كامل وجهها و هي تكمل
" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، كل هذا مجرد هلاوس ووساويس لا شئ حقيقي لا شئ نعم أنت تحت التراب ، من مات لا يعود أستغفر الله العظيم ، أستغف. الله العظيم "
عادت لهدوؤها بعد أن تأكدت بأن كل هذا كان مجرد كابوس و هلاوس في لحظة غفوة منها
لتنهض بسرعة ، ولكن ما جذبها لحظة خروجها من الماء هو روب الحمام البني المعلق و بجانبه كان هناك واحد أخر باللون الوردي الفاتح ، شعرت بمشاعر غريبة ، تنميل بسيط في يدها للمسه وصوت داخلي يشجعها على ذلك لتتجه نحوه ثم رفعت يديها لتلتمس ذلك القماش، لتتراجع بعدها بتردد و هي تشعر بأنها تقوم بفعل شئ خاطئ و لكن بالنهاية بعد عدة لحظات من التردد إمتدت يدها لتأخذه و هي تشعر بالبرد يجتاح كامل جسدها لتقول في نفسها .
" لقد حرمت من أحظانك ، فلا تحرمني من هذا الشئ أرجوك ، لا تفعل هذا "
لتلف نفسها داخله ، شاعرة بدفئ غير طبيعي يتخللها ، فتجتاح جسدها و عقلها مشاعر غريبة مختلفة و متناقضة، إحساس غريب بالدفئ و في نفس الوقت البرود ، الضعف و القوة ،الألم و التلذذ به ، لم تستطع تفسيرها فقط دقات قلب إرتفعت بطريقة جنونية و أنف أخذ يشتم تلك الريح التي عشقتها و عقل توقف أو شل عن التفكير تماما و كأنها قد خدرت و كأنها حقا بين يديه و هو من يحاوطها تغوص في أعماق صدره ، مشاعر تجعلك تعجز عن تفسيرها لتستمتع فقط بحلاوتها ، تمنت لو تظل هكذا في دوامة مشاعر حلوة لا تستطيع تفسيرها أو حتى فهمها فقط مشاعر تجعل قلبها يطير سعادة لم تذقها أبدا ، ليت الوقت يتوقف في هذه اللحظة ليت ساعة الزمن تتوقف عن الدوران أو التقدم للأمام مخلفة الماضي خلفها .
أنت تقرأ
حب بلا عنوان
Romanceرومانسية .هل يمكن للحب أن ينجو في لعبة القدر هل يمكن لصبية يتيمة في ريعان الشباب أن تنجو في زمن الذئاب هل يمكن للإنسان أن يتغلب على ظلال الماضي